القتل على الهوية.. الحوثي يوظف قضائه لإعدام الأقليات
أصدرت محاكم الميليشيات الحوثية حكماً بالإعدام بحق المواطن اليمني البهائي، حامد بن حيدرة، وهو من أبناء الأقلية البهائية في صنعاء، وهو ما يكرس لجرائم الحوثي التي تكرس للقتل على الهوية بحق الأقلية البهائية عن طريق تنفيذ حكم الإعدام، وذلك إرضاءً لطهران التي تشن منذ سنوات طويلة حملات اضطهاد منهجية وشديدة ضد البهائيين والذين يعتبرون ثاني أكبر مكون ديني في إيران.
وبحسب ما أفادت "منظمة المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين" وذوي المحكومين بالإعدام، فإن المحكمة اتهمت 22 بهائياً بنفس التهمة التي ستكون عقوبتها الإعدام، وأغلب هؤلاء المتهمون من السجناء الذين قضوا سنوات في المعتقلات منذ سيطرة الميليشيات الانقلابية على صنعاء.
وكانت محكمة الميليشيات الحوثية، أصدرت حكماً بإعدام المواطن اليمني البهائي، حامد بن حيدرة في 2 يناير 2018م حيث أصدر عبده إسماعيل حسن راجح أحد قضاة الحوثي، حكماً بإعدام "حامد بن حيدرة تعزيراً ومصادرة كافة أملاكه، كما حكم بإغلاق كافة المؤسسات والمحافل الدينية والثقافية للبهائيين.
ورغم استئناف الحكم فإن جلسات الاستئناف تسير بوتيرة مشابهة للمحاكمة، ويخشى أن تشهد مرة أخرى تدخلات من القيادات الحوثية والأمنية لتثبيت حكم الإعدام. الجلسة القادمة للاستئناف ستكون يوم الثلاثاء 2 أبريل 2019.
ويبقى المحرك الحقيقي وراء ما يحدث للبهائيين في اليمن هو دافع طائفي للميليشيات الحوثية الذي يحاربهم بسبب اختلاف معتقدهم ويسعى إلى عملية تطهير طائفي ضد أتباع المعتقد البهائي.
وأعربت الأجهزة الأمنية الحوثية والشخصيات الفاعلة في ملف البهائيين أكثر من مرة – تصريحا وتلميحا – بأن المعتقد هو الدافع الرئيسي خلف عمليات الانتهاك والاضطهاد.
ومن أشهر هذه التصريحات خطبة عبدالملك الحوثي شديدة اللهجة ضد البهائيين والتي دعا فيها إلى "الاستنفار الجاد" للقضاء عليهم، وما رافق ذلك من تصريح الناشط الحوثي أحمد عايض أحمد، والذي قال: "سنسلخ كل بهائي"
وعن خلفيات العلاقة المتوترة بين الحوثيين والبهائيين في اليمن قال عبدالله العلفي إن أبناء الطائفة البهائية تعرضوا لموجات من الاستهداف بدأت في العام 2008 حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية عددا من البهائيين اليمنيين والمقيمين وانتهت الحملة بترحيل عدد من المقيمين مع عائلاتهم، لتعود حملات استهداف البهائيين مجددا إلى الواجهة في العام 2013، غير أن الاعتقالات بلغت مستوى قياسيا عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014 باعتقال العشرات من الناشطين في الأعوام التالية.
وبينما رفض العلفي الإفصاح عن موقعه في الديانة البهائية في اليمن معتبرا أن “الوضع لا يسمح بإعلان الصفات”، ولكنه تحدث عن طبيعة التكوينات البهائية ووجود مكون رسمي للديانة في اليمن بالقول “جميع البهائيين في العالم يرتبطون ببعضهم تحت مظلة بيت العدل الأعظم، وفي كل دولة يوجد محفل مركزي ينتخبه البهائيون كل سنة، هذا المحفل ليس كهنوتيا إنما هو إداري مهمته الأساسية إدارة شؤون البهائيين وربطهم بالعالم البهائي”.
وعن عدد المنتمين للديانة البهائية في اليمن قال العلفي إن عددهم يزيد عن الألفين في عموم اليمن 75 بالمئة منهم من الجامعيين، وهو الأمر الذي يتناقض مع إحصاءات شبه رسمية تقول إن عددهم لا يتجاوز المئات.
ويتهم بعض المراقبين الحوثيين بأنهم قاموا بالتضييق على الطائفية البهائية انطلاقا من حالة القمع التي يواجه بها أبناء هذه الديانة في إيران التي تعتبر الموئل الفكري الأول للبهائيين والذين يتخذون اليوم من مدينة حيفا في إسرائيل مقرا عالميا لهم منذ 1868، وهو أحد أسباب اتهامهم بالعمالة لصالح اليهود عبر التاريخ.
ووصف بيان صادر عن البهائيين في اليمن محاكمة 24 من أتباع الطائفة بالمحاكمة غير القانونية ووصفها البيان بأنها “أسلوب تعسفي إيراني ممنهج يكرره الحوثيون في اليمن للقضاء على الطائفة البهائية ونسف النسيج الاجتماعي القائم على التعدد والتعايش وحقوق الإنسان”.
وأضاف البيان “يؤكد الحوثيون بهذا التصعيد التعسفي الجائر ضد البهائيين بأنهم جماعة متطرفة لا تؤمن بالتعايش وتهدد السلم الاجتماعي وحقوق الإنسان ولا تبالي بكل الأصوات الإنسانية التي تدعوها لوقف الانتهاكات واحترام الدستور والقوانين الوطنية والعهود والمواثيق الدولية التي تعهد بها اليمن”.
ويزعم البهائيون أن ديانتهم دخلت اليمن في القرن التاسع عشر وتحديدا في عام 1844، عندما قام أحد مؤسسي البهائية المدعو علي محمد الشيرازي المعروف بـ”الباب” بالتوقف في ميناء “المخا” على البحر الأحمر.
وعلى الرغم من وجود تقارير تتحدث عن ظهور البهائية في مدينة عدن بجنوب اليمن في الخمسينات من القرن الماضي، إلا أنه من المؤكد أن هذه الديانة التي تحاول إيجاد موطئ قدم لها في اليمن لم تتمكن حتى الآن من تجاوز حالة النخبوية ولم تستطع النفاذ إلى عمق المجتمع اليمني.
وتقوم الميليشيات الحوثية بعمليات قمع وقتل واختطاف ممنهج ضد المواطنين اليمنيين من الأقلية البهائية، وذلك تنفيذاً لأوامر أسيادهم في طهران الذين مارسوا شتى الاضطهاد بحق هذه الأقلية في إيران واليوم يصدرون هذا الاضطهاد والظلم السافر إلى اليمن.
تشير العديد من القرائن إلى وجود دور إيراني وراء قضية اضطهاد البهائيين في اليمن. وأعربت منظمات حقوقية يمنية ودولية عن قلقها من الدور الإيراني المتزايد في اضطهاد الأقليات الدينية في اليمن، لاسيما البهائيين. وقد لوحظ وجود دور للسفارة الإيرانية في صنعاء والتي حاولت في أكثر من مرة إقناع الجانب الحوثي في تسليم المعتقلين البهائيين لها.
ويجدر الإشارة إلى أن النظام الإيراني يحمل عداء معلنا ضد البهائيين داخل إيران، حيث اعتقلت وسجنت وعذبت وقتلت الآلاف من البهائيين منذ قيام ثورة الخميني في إيران بتهمة البهائية. وتعتبر قضية محاربة البهائيين حول العالم جزءا رئيسيا من أجندة تصدير الثورة التي تتبناها الحكومات الإيرانية المتتابعة منذ قيام الثورة في طهران وبإشراف مباشر من المراجع الدينية السياسية هناك.