الصحة في خدمة الحرب.. الحوثي يحول عربات الإسعاف إلى دبابات عسكرية
الاثنين 1 إبريل 2019 22:49:00
استطاعت مليشيا الحوثي أن توظف القطاع الصحي في المناطق الواقعة تحت سيطرتها لخدمة الحرب التي تخوضها ضد الأبرياء في اليمن، إذ أنها نجحت في أن تحول جميع المكونات الطبية إلى وقود عسكري لإشغال حروبها، بدءا من سرقة المساعدات الطبية وبيعها بالسوق السوداء، ومرورا بتحويل العديد من المستشفيات إلى معسكرات حربية تابعة لقواتها، ونهاية بسرقة عربات الإسعاف وتحويلها إلى دبابات عسكرية في مواقع القتال.
افادت مصادر ، قيام المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، بالاستيلاء على 29 سيارة إسعاف قدمتها المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة إلى مرافق صحية في مناطق تسيطر عليها المليشيات الحوثية.
واستولت مليشيات الحوثية، أمس الأحد، على السيارات التي قدمت من المنظمة الدولية للهجرة كمساعدة للمرافق الصحية البعيدة عن مراكز المدن ضمن مشروع تموله منظمة الهجرة ومنظمة الصحة العالمية في مناطق سيطرة الحوثيين أطلق عليها"حزمة الخدمات الصحية الأولية".
وأشارت المصادر، إلى أن سيارات الإسعاف تم نقل جزء كبير منها إلى جبهات القتال بعد أن تم دهنها بألوان مختلفة ونقل الأجهزة الداخلية لتلك السيارات إلى المستشفيات الميدانية التابعة للحوثيين.
وأدركت العناصر الانقلابية أن سيطرتها على القطاع الصحي من الممكن أن تشكل منجما ذهبا بالنسبة لها لتمويل عملياتها الإرهابية، وهو ما وضح من خلال تعيينها، طه المتوكل أحد رجال الدين التابعين لها وزيرا للصحة، والذي كان قد دعا في إحدى خطب الجمعة قبل توليه منصبه إلى إعلان "حالة الطوارئ الاقتصادية" التي تقضي بمصادرة أموال رجال الأعمال وتأميم القطاع الخاص.
ورغم أن وزارة الصحة ليست سيادية مثل وزارات المالية والدفاع والداخلية، فإن مليشيا الحوثي كانت تسعى للهيمنة عليها، بسبب تدفق أموال المنظمات الدولية إليها، وكانت عناصر الانقلاب تصنف هذه الوزارة فيما سبق على أنها وزارة استهلاكية ولكنها تحولت إلى واحدة من أهم عناصر الدعم لها من خلال سرقة أموال المنظمات الدولية.
وخلال الأعوام الماضية، وصلت المئات من الشحنات الطبية إلى صنعاء، تلبية لاحتياج الآلاف من اليمنيين الذين هم بحاجة للرعاية الطبية، خصوصا بعد تفشي وباءي الكوليرا والدفتيريا، لكن تلك الجهود لم تحل دون الكارثة الصحية بل ساهمت في مضاعفتها في ظل تدمير الحوثي للقطاع الصحي بأكمله.
ولم تقتصر جرائم الانقلابيين الحوثيين في قطاع الصحة على نشر الأوبئة أو قصف المستشفيات أو سرقة الأدوية، بل بلغت حدها النهائي بتحويل الكثير من المنشآت كاملةً لـ”المجهود الحربي” للمليشيات.
تدخّل الحوثيين المواليين لإيران في المستشفيات الواقعة في مناطق سيطرتهم بشكل مباشر وغير مباشر، إلى جانب الفساد الذي تمارسه في وزارة الصحة في حكومتهم غير المعترف بها تسبب في تدهور الوضع الصحي في هذه المناطق.
تتمثل الانتهاكات الحوثية في إقصاء الأطباء واستحداث إدارات جديدة في المستشفيات، إلى جانب نهب الأدوية، وسرقة الموازنات التشغيلية للمستشفيات والأغذية والتشغيل والصيانة، لصرفها فيما يسمى “المجهود الحربي”، وهو ما جعل المستشفيات والعملية الصحية بشكل عام عاجزة عن تقديم الخدمات للمرضى، كما أدّى ذلك إلى تحويل العملية الصحية عن مسارها الصحيح.
أعلنت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، عن وجود 190 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا في اليمن منذ بداية العام الحالي، محذّرة من تزايد في أعداد الإصابات بهذا الوباء، يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه مصادر طبية في صنعاء المليشيا الانقلابية بالتسبب مجددا في عودة موجة وباء الكوليرا بمختلف المناطق الخاضعة إليها بسبب الإهمال الطبي في المستشفيات التي تحت إدارتها، ومساهمتها في تدمير شبكات الصرف الصحي وسرقة المعونات الطبية.
اعترفت مليشيا الحوثي بفشلها في التصدي لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأعلنت المليشيات - عبر وسائل إعلام موالية لها - أنّ ثلاثة أشخاص لقوا مصرعهم، الجمعة الماضية، جرَّاء إصابتهم بوباء الكوليرا في مديرية حفاش بمحافظة المحويت.
الاعتراف الحوثي بالفشل، تضمّن كذلك توجيهها استغاثة عاجلة لتزويد الوحدات والمرافق الصحية ومستشفى المديرية بالأدوية والمستلزمات المتعلقة بمكافحة الكوليرا، في وقتٍ ارتكبت فيه المليشيات الكثير من الانتهاكات تتعلق بالقطاع الصحي على وجه التحديد.
وأقر أقرّت العناصر الانقلابية بتزايد حالات الإصابة بالكوليرا في عدد من مناطق مديرية حفاش جراء عودة انتشار موجة الوباء، كما اعترفت المليشيات بالصعوبات التي تواجه ما تُسمى مراكز معالجة الإسهالات المائية الحادة.
وباتت الأوضاع الصحية في تدهور مستمر وسط نهب وتلاعب الميليشيات بالمساعدات الدوائية والطبية المقدمة من منظمتي الصحة العالمية و"اليونيسيف" للحد من انتشار المرض.