اعتداءات الحوثيين على لوليسجارد.. لماذا صمّت الأمم المتحدة آذانها 3 مرات؟
رأي المشهد العربي
لم يكن تكرار اعتداء مليشيا الحوثي الانقلابية على رئيس فريق المراقبة الأممي الجنرال مايكل لوليسجارد أمس الأول الثلاثاء مصادفةً، بل يمثل الأمر إصراراً من هذا المعسكر الموالي لإيران على إتباع خيار السلاح حتى الرمق الأخير، وإعلاناً لرفض أي تحرك من شأنه إحداث حلحلة سياسية في البلاد.
مليشيا الحوثي استخدمت إرهابها "المعتاد"، سلاحاً ضد الجنرال لوليسجارد من الوصول إلى مدينة الحديدة اليمنية، حيث كان في طريقه لاجتماع مع وفد الحكومة هناك.
ورغم أنّ لوليسجارد وصل في وقتٍ لاحق إلى مقر الاجتماع في الحديدة، لكنّ الحوثيين أرادوا فيما يبدو توجيه رسالة، مفادها عدم رغبتهم في تنفيذ الاتفاق، وتوجّههم نحو التصعيد العسكري الذي يدفع المدنيون ثمنه الأفدح.
بالتزامن مع ذلك، منعت المليشيات الانقلابية وفد أممي تابع لبرنامج الغذاء العالمي من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر شرقي مدينة الحديدة، حسبما كشف العميد ركن صادق دويد عضو الوفد الحكومي، الذي قال إنّ المليشيات رفضت السماح لموظفي البرنامج العالمي بالوصول إلى مطاحن البحر الأحمر من أجل تشغيله وتوزيع آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية.
وأضاف أنّ الحوثيين أبلغوا وفد الغذاء العالمي بعدم السماح لنحو 120 موظفاً من الوصول لتشغيل مطاحن البحر الأحمر، لافتا إلى أنه كان من المقرر حضور أعضاء الوفد مع الجنرال الدنماركي مايكل لوليسجارد، بحسب الاتفاق في وقت سابق.
التعرض لوليسجارد شخصياً سبق أن حدث يوم الجمعة الماضية، عندما منعته المليشيات من حضور اجتماع مع الفريق الحكومي، ممثلًا في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة، في مجمع إخوان ثابت.
وآنذاك، أفادت مصادر رسمية بأنّ ميليشيا الحوثي قصفت المجمع، بأكثر من تسع قذائف هاون عيار 120، وأطلقت الرصاص على المجمع، وذلك قبل الاجتماع.
وفي اليوم التالي، تعرّضت مواقع تابعة للجيش لإطلاق نار من جانب ميليشيا الحوثي، أثناء وصول موكب بعثة الأمم المتحدة إلى المكان الذي ستلتقي فيه بالجانب الحكومي، وتوقّف الموكب الذي يقل الجنرال مايكل لوليسجارد، بعد أن أطلقت عناصر تابعة للميليشيات النار على مركبة تابعة للحكومة اليمنية، كانت تعمل على فتح الطريق للموكب، بحسب مصادر حكومية في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة.
واضطر الموكب إلى التوقف لبعض الوقت قبل أن يعاود مساره للقاء وفد الحكومة اليمنية الشرعية.
وكانت أيضًا الميليشيات الإيرانية، قد أطلقت عددًا من صواريخ الكاتيوشا، قبل نحو أسبوعين، على مقر الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار.
تشير هذه التطورات إلى أنّ المليشيات الحوثية انتقلت من مرحلة خرق اتفاق تمّ التوصّل إليه، إلى الاعتداء على الطرف راعي هذا الاتفاق، إلا أنّ الصمت الأممي إزاء كل ذلك قد فاق كل الحدود.
ويمكن القول إنّه إزاء هذا الصمت الأممي وعدم التعاطي مع الحوثيين بشكل رادع، فإنّ المليشيات تجد الفرصة سانحةً نحو تصعيد عسكري، تجيد فيه العدوان على المدنيين لإفساح الطريق أمام نحو تحقيق انتشار أكبر.
واتضح ذلك جلياً في محافظة الحديدة، حيث تحشد المليشيات من أجل إشعال المنطقة من جديد، ما يعني إطلاق الرصاصة الأخيرة على اتفاق السويد التي فرَّغته المليشيات من محتواه واغتالت أي فرصة نحو تثبيته مستقبلاً، وعلى الأقل في الفترة القليلة المقبلة.
في هذا الشأن، أصدرت "ألوية العمالقة" تحذيراً من أنّ المليشيات تحشد حالياً لإشعال الحديدة، كاشفةً أنّها قصفت مواقع في مديرية التحيتا بالمدفعية، واستقدمت تعزيزات عسكرية وأسلحة ثقيلة ومتوسطة، استعداداً لاستئناف معركة الحديدة.
يكشف هذا تمادياً من قِبل المليشيات الموالية لإيران في المراوغة لتنفيذ اتفاق السويد، وهو ما يُفترض أن يزج بالانقلابيين في ساحة مواجهة مع المجتمع الدولي يكون عنوانها الحاسم هو ردع المليشيات وإجبارها على وقف ممارساتها العبثية في البلاد، وهو ما يعني أنّ الاكتفاء ببيانات الإدانة أمر غير كافٍ، ويستلزم تضييق الخناق على المليشيات بشتى الطرق الممكنة.
اللافت أنّه في خضم كل هذا، تتمسّك الأمم المتحدة باتفاق السويد، وتعلق عليه آمالاً كبيرة لتنفيذه من أجل حلحلة سياسية، إلا أنّ المليشيات لم تبدِ يوماً دعمها لهذا التوجه.
وبقراءة تفاصيل المشهد، يمكن القول إنّ الأمم المتحدة تسعى فقط للتوصل إلى اتفاق، بغض النظر عن انتهاكه أو إجهاضه أو مضاعفة معاناة المدنيين مع إدعاء الالتزام بها، والحديث هنا تحديداً عن المليشيات الحوثية التي فاقت انتهاكاتها لاتفاق السويد الألف مرة لم تتحرك تجاهها الأمم المتحدة، بل لم تغير مجرد لهجتها مع الانقلابيين، وبالتالي فإنّ استهداف المسؤول الأممي (لوليسجارد) ربما يستمر الصمت تجاهه، كون الاعتداء لم يسفر عن شيء إلا عن تأخير الالتزام بالاتفاق.