بسبب انعقاد البرلمان.. الحديدة ساحة للتغطية على هزائم الحوثي السياسية

الاثنين 15 إبريل 2019 19:00:48
testus -US

رأي المشهد العربي

شهدت مدينة الحديدة على مدار اليومين الماضيين، تصعيدا حوثيا واضحا، إذ ضاعفت العناصر الانقلابية من قصفها لمناطق عديدة أغلبها آهلة بالسكان، رغبةً في إلحاق أكبر أضرار ممكنة، ولم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت باتجاه استهداف النازحين الذين فروا من منازلهم هربا من شدة قصفها، ما يبرهن على أن هناك ارتباكا قويا تعانيه القوة العسكرية الحوثية على وقع الخسائر السياسية التي تعرضت لها بعقد دورة غير اعتيادية للبرلمان اليمني في سيئون.

دائما ما تلجأ مليشيا الحوثي إلى التصعيد العسكري بعد أي خسارة تتعرض لها، أو عقب أي انكشاف لمناوراتها السياسية، وكان ذلك واضحا بشدة في المواقف التي أظهرت فيها القوى الإقليمية موقفا رافضا لمناورات العناصر الانقلابية بشأن تنفيذ اتفاق الحديدة، إذ تذهب باتجاه التصعيد العسكري لصرف الأنظار عن الانتقادات السياسية.

ولعل ما يشجعها على ذلك أنه لا يوجد ضغط إقليمي حقيقي يوقف جرائمها اليومية بحق المدنيين، بل أنها وجدت أن التصعيد العسكري يدفع المبعوث الأممي لاستجداء موافقتها على ما يتم التوصل إليه من مفاوضات، من دون أن يعلن موقفا واضحا وصريحا يرفض الأعمال العدائية التي تقوم بها.

ووصل الأمر إلى أن العناصر الانقلابية استهدفت موكب المراقبين الأممين بالحديدة أكثر من مرة، ومع ذلك فإن الرد الأممي لم يكن موجودا بالأساس، وهو ما يعني بأن هناك إشارة خضراء باستمرار التصعيد.

واستهدفت مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، على مدار اليومين الماضيين، تجمعات لنازحين مدنيين في محافظة الحديدة في الساحل الغربي، وقالت مصادر محلية، أن عدداً من الأسر التي كانت تحاول العبور في طريق منطقة "الفازة" اضطرت إلى العودة لمناطقها جراء القصف الحوثي العنيف، وأن المليشيات الحوثية تسعى إلى إبقاء المدنيين في المناطق القريبة من المواجهات، من أجل استخدامهم دروعاً بشرية، وتستهدف بشكل متكرر أي محاولات للنزوح.

وأجبرت هذه الجرائم عدداً كبيراً من المواطنين والنازحين مع عائلاتهم للعودة من حيث أتوا خوفاً من عمليات القنص المباشر التي تقوم بها عناصر مليشيا الحوثي، حيث أردت عدداً من المارة في مناطق متفرقة من محافظة الحديدة، الأمر الذي جعل الأهالي محاصرون بنيران مليشيا الحوثي من جميع الجهات.

وكذلك أطلقت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران صواريخها واستهدفت الأحياء السكنية المكتظة بالسكان،و قامت بقصف الأحياء السكنية في مديرتي حيس والدريهمي، فيما أطلقت قذائف هاون على مواقع القوات المشتركة في أكثر من تمركز عسكري، واستمرت في عملية زرع الألغام التي تحصد أرواح المواطنين كل يوم.

ولعل ما يبرهن على أن هناك ارتباكا حوثيا، هو سعيها الدائم على مدار اليومين الماضيين تمديد تواجدها العسكري بالحديدة، إذ تصدت ألوية العمالقة لأكثر من محاولة لتسلل لعناصرها خارج مناطق سيطرتها، بالإضافة إلى أنها قامت بطرد عشرات العائلات في مديرية الدريهمي جنوب الحديدة من منازلهم وتحويلها إلى ثكنات عسكرية.

وأوضحت مصادر محلية، أن المليشيا الحوثية استخدمت منازل المدنيين لتخزين الأسلحة والذخائر وقصف مواقع القوات المشتركة في محافظة الحديدة في ظل سريان الهدنة الأممية لوقف إطلاق النار، ولفتت، إلى أن مسلحي الحوثي أرغموا الأهالي على مغادرة منازلهم، ليضطروا إلى مغادرة مساكنهم حفاظاً على أرواحهم من بطش المليشيا الحوثية.

جميع هذه الانتهاكات كانت نتيجة مباشرة لإدراك العناصر الانقلابية بأنها أمام خسارة سياسية جديدة، تحديدا بعد أن عزف المواطنين في صنعاء والمناطق المسيطرة عليها في المشاركة بالانتخابات البرلمانية المزعومة التي تحاول تمريرها كتحرك أحادي بحثا عن شرعية موازية، وهو ما وضعها في مأزق أكبر، إذ انكشف غياب الظهير الشعبي التي كانت تتحجج فيه حين أقدمت على الانقلاب في العام 2014.

ويتوقع العديد من المراقبين، أن تنهي مليشيا الحوثي جميع المحاولات الساعية لإعادتها مرة أخرى للمفاوضات السياسية وعدم سماحها بتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار بمدينة الحديدة، وستحاول بمعاونة إيران وقطر الرد على الخسارة السياسية التي ألحقها بها التحالف العربي، الرد عسكريا من خلال التصعيد المتوقع في جبهات عدة.

وبالتالي فإن البرلمان الذي انعقد أول جلساته في سيئون، مطلع الأسبوع الجاري، سيكون مطالبا بزيادة التضييق على العناصر الانقلابية سياسيا، وعدم السماح بعناصر الإصلاح المتواجدين داخله، بأن يعطلوا أي قرار من شأنه العمل على إنهاء الانقلاب، تحديدا وأن علي محسن الأحمر وأعوانه سيحاولون كعادتهم اللعب على جميع الأوتار بما يؤدي في النهاية إلى خدمة العناصر الانقلابية وزيادة أمد الصراع الدائر حاليا.