القصة الكاملة لـ قناص صنعاء.. حكاية جندي مجهول فَتَك بالحوثيين
"يقف عشرات المقاتلين في ميدانٍ ما، يتأهبون لقتالٍ غرِّر بهم من أجل المشاركة فيه، يتسابقون نحو لقب أكثر من يُسقط قتلى.. لكنّ فجأة، تسيل دماؤهم، يُقتل بعضهم قبل أن تبدأ المعركة، يأتيهم الرصاص من مكان مجهول".
مشهد لافت في معسكر مليشيا الحوثي الانقلابية، يتعلق بعودة من وُصف بـ"قناص صنعاء" المعروف باسم مرعب الحوثيين إلى الواجهة مجدداً بعد غياب قرابة ثمانية أشهر.
صحيفة "الوطن" السعودية نقلت عن مصدر، لم تسمه لكنّها وصفه بـ"المطلع"، قوله إنَّ بعض الحوثيين في مواقعهم يتفاجأون بسقوط أحد القيادات بينهم قتيلا من خلال ضربات دقيقة موجهة إلى الرأس دون معرفة موقع إطلاق النار.
المصدر قال إنّ قناص صنعاء الذي شكَّل خطراً كبيراً على القيادات الحوثية العليا كان قد ظهر في آواخر العام 2017، وبدأ بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد الحوثيين، وتمكن من قتل أكثر من 200 قيادي ومشرف أمني حوثي في داخل صنعاء، وكان الاعتقاد أنه ينتمي لقوات الجيش، وبعد نجاحه في تصفية عدد كبير من القيادات تم التوجيه لوزير الداخلية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها المدعو عبدالحكيم الماوري، ورئيس الاستخبارات المعين من قِبل المليشيات المدعو أبو علي الحاكم بالقبض عليه بشكل عاجل، أو تصفيته بكافة الوسائل، غير أنهما فشلا في ذلك.
في أبريل 2018، وبعد هدوء عمليات القناص طمأن أبو علي الحاكم القيادات الحوثية بتصفية قناص صنعاء بطريقته الخاصة، مستغلاً فترة الهدوء والغياب وأي عملية قنص، إلا أنَّ الحوثيين تفاجأوا بعودة القناص مجددا مطلع شهر أبريل الجاري وتنفيذه عمليات نوعية جديدة، استهدفت عدداً من القيادات الحوثية والمشرفين في داخل صنعاء وشوارعها، الأمر الذي أظهر أبو علي الحاكم كاذباً وجعل وزير داخلية الانقلابيين في موضع محرج أمام القيادات حينما أعلنوا في وقت سابق تصفيته.
عودة القناص أثارت الرعب مجدداً، وأصبح الحوثيون يجدون جثث قتلاهم في الشوارع وأمام نقاطهم الأمنية وفي بعض المواقع الأخرى دون معرفة الجاني، أو مكان إطلاق النار، وحاول الحوثيون منذ وقت مبكر البحث عن القناص وقاموا مؤخراً وقبل قرابة يومين بوضع عناصر من أتباعهم يعتلون بعض المباني للمراقبة الدقيقة وبعد هذا الإجراء تمكَّن القناص من قتل مجموعة كاملة بإحدى النقاط الأمنية في شارع ما يسمى شهداء الغدير الذي أطلق عليه الحوثيون هذا الاسم قبل فترة قريبة.
وبعد قرابة ساعتين من تجمع دوريات الحوثيين في الموقع المستهدف، نفَّذ القناص عملية أخرى في أحد الشوارع التي يستغرق الوصول إليها نحو 40 دقيقة، مما وضع الحوثيين في حالة قلق وخوف شديد.
المصدر أكّد كذلك أنَّ القيادات الحوثية أمثال المدعو محمد الحوثي و المدعو أبو علي الحاكم ووزراء حكومة الانقلاب يتحركون بطرق سرية في الفترة الأخيرة، إضافةً إلى استخدام طريقة التمويه، لافتاً إلى أنَّه في الفترة الأخيرة واجه الحوثيون استهدافات كبيرة يتم استخدام طرق مختلفة فيها ومنها الصواريخ الموجهة حيث تمَّ استهداف وزير الصحة المدعو طه المتوكل وقتل عدد من مرافقيه، فيما كانت هناك عملية استهداف مماثلة في ذات اليوم لوزير الرياضة المدعو حسن زيد عندما كان في طريقه لتقديم العزاء لأسرة أحد المتوفين في صنعاء.
وتحدّث المصدر عن أنَّ موقف المدعو أبو علي الحاكم ووزير داخلية الانقلاب على المحك، ومن المتوقع أن تتم إعفاءات بحقهم قريباً بعد فشلهم في حماية القيادات الحوثية، موضحاً أنَّ حالة الرعب التي يعيشها الحوثيون داخل صنعاء كبيرة جداً، وبخاصةً أنَّ هناك قيادات كبيرة حوثية مختفية منذ قرابة السبعة أشهر ولا يعلم عنها أي معلومات سواء من أسرهم أو القيادات الحوثية.
هذه الأوضاع جعلت الحوثيين يعيشون في دوامة مخاوف وتحركات محدودة جداً، حيث تستعين هذه القيادات حالياً في قضاء احتياجاتها بأشخاص ممثلين لهم خشية مواجهة المصير المحتوم، وبخاصةً أنَّ قناص صنعاء لديه أمنيات يرغب في تحقيقها تدور حول تصفية القيادات الحوثية العليا، وهو الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بشكل مستمر لدى كل قيادي حوثي.
"قناص صنعاء" يمتلك مهارات غير مسبوقة تشتمل على الدقة في التصويب بدرجة عالية جداً، وسرعة التنقل من موقع لآخر، واستهداف المواقع الحساسة للحوثيين لبعثرة جهودهم، إضافةً الى تمركزه بمواقع يصعب معرفتها، كما يتمتع بذكاء القناص الشديد، فيتحرك بطريقة مرتبة جداً خشية أن يتم الإبلاغ عنه، ما يزيد توقعات تعاونه مع أشخاص يسهلون مهمته حيث أنَّ التحرك بالسلاح من موقع لآخر يكون صعباً في ظل الظروف والرقابة المشددة التي يفرضها الحوثيون، والذين بات لديهم شعور بأن هناك أكثر من قناص وأنهم فشلوا في القبض على أي منهم حتى اللحظة.