تفاقم مأساة اليمن.. الحوثي يقتل والعالم يصمت وهادي منشغل
رأي المشهد العربي
"اقتل ثم اقتل ثم اقتل".. رخصة دولية قدّمها الصمت الأممي المريب على عديد الجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي الانقلابية.
الأيام الماضية شهدت تزايداً ملحوظاً في التقارير الدولية التي تشير إلى حجم المأساة وهولها، لكن ذلك لم يُقابل بقرارات تحفظ وجه البيانات وتحمي اليمنيين أو من تبقى منهم.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قال أمس الأول الثلاثاء، إنّ الصراع في اليمن تسبَّب في تراجع التنمية البشرية بمقدار 20 عاماً، وخلّف عواقب مدمرة منها مصرع حوالي 250 ألف شخص سواء بسبب العنف بشكل مباشر أو لانعدام الرعاية الصحية وشح الغذاء.
تطرّق التقرير إلى الضغوط التي عانى منها اليمن قبل اندلاع الصراع عام 2015، حيث كان ترتيبه 153 بين دول العالم على مؤشر التنمية البشرية، وأشارت التوقعات إلى أنّ اليمن لم يكن ليحقق أياً من أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وفق ما اتفق عليه قادة العالم، حتى لو لم يندلع الصراع.
ومع نشوب الصراع لم تتعطل التنمية البشرية في اليمن فحسب، لكنها تراجعت بالفعل سنوات إلى الوراء، حسبما أكّد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أوك لوتسما، الذي قال: "لو تحقق السلام غداً فقد يستغرق الأمر عقوداً حتى يعود اليمن إلى مستويات التنمية ما قبل الصراع.. هذه خسارة كبيرة للشعب اليمني".
أمس الأربعاء، صدر تقريرٌ عن المؤسسة الدولية للسياسات الخارجية، جاء فيه أنّ اليمن احتلّ المرتبة الأولى في مؤشر البلدان الأكثر هشاشة للعام الحالي، لأسباب عدة، أبرزها في الوقت الحالي الحرب التي تقترب من إكمال عامها الخامس.
ويصنف التقرير جل بلدان العالم حسب مستوى هشاشتها وفق مؤشر متعدد الأبعاد يتم ضبطه حسب عدد من المعايير والذي كان يطلق عليه في السابق "مؤشر الدول الفاشلة"، من خلال تحليل 12 عاملاً أساسياً وأخرى فرعية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وأشار التقرير إلى أسباب أخرى، أوصلت اليمن إلى المرتبة الأولى في مؤشر الهشاشة، مع أن الحرب المستمرة منذ سنوات والأزمة والكارثة الإنسانية التي تسببت فيها، لكن اليمن هي أيضاً رابع أكثر الدول تدهوراً على مدار العقد الماضي، بعد ليبيا وسوريا ومالي فقط.
حديث التقارير الدولية عن تردي الأوضاع الإنسانية في اليمن أمرٌ شبه معتاد، لكنّه يحمل بين طياته العديد من الدلالات، ففي الوقت الذي تنذر فيه الأمم المتحدة بخطوات متقدمة من التدهور تبلغها الأزمة في البلاد بفعل العدوان الحوثي على أخضر اليمن ويابسه، إلا أنّ ذلك لم يصل ربما إلى مبعثوها الأممي مارتن جريفيث الذي تُفسّر مواقفٌه كم الصمت المروِّع على جرائم الانقلابيين.
وإذا كانت الأمم المتحدة محقة في ضرورة الجنوح نحو السلام باعتبار أنّ ذلك خطوة أولى في طريق وقف معاناة المواطنين على الصعيد الإنساني تحديداً، فإنّها في الوقت نفسه مطالبة بالضغط على المليشيات لإجبارها على هذا المسار، فمن غير المقبول أن تبدي الأمم المتحدة تمسكاً باتفاق السويد الموقع في ديسمبر الماضي في وقتٍ تترك فيه المجال للانقلابيين لارتكاب كل هذه الخروقات الحوثية التي ملّ اليمنيون من إحصائها.
حكومة الرئيس منصور هادي عليها هي الأخرى أن تفيق من ذلك السبات الذي غرقت فيه، فلا يمكن أن تصل الحالة الإنسانية إلى تلك الدرجة المزرية، في وقتٍ تنشغل فيه الحكومة بأجندات أخرى، يُقال إنّها تعمد إلى حفظ مصالحها في المقام الأول.
القطاع الصحي الذي واجه قسطاً عريضاً من الانتهاكات والجرائم الحوثية يتوجّب أن يكون البند الأول في أجندات حكومة هادي، ولعلّ التردي الذي بلغه هذا القطاع هو سببٌ من جملة أسباب كثيرة أغضبت ملايين اليمنيين عن "الشرعية".