رأي المشهد العريي
في خضم الاحتفالات المتتالية بتحرير حضرموت في ذكراها الثالثة، لابد أن يكون هناك وقفة مع الأسباب التي أدت إلى القضاء على إرهاب القاعدة في تلك المنطقة الجنوبية الهامة، لأن تحليل أسباب النصر ودوافعه هي من تقود إلى تحقيق المزيد من الانتصارات والنجاحات في المستقبل.
قبل ثلاثة سنوات كان هناك ضلعان أساسيان في مواجهة الإرهاب بمحافظات الجنوب، تمثلا في قوات النخبة الحضرمية والمقاومة الجنوبية من جانب، وقوات التحالف العربي وعلى رأسهم دولة الإمارات العربية المتحدة التي دعمت تلك القوات على الجانب الآخر، وكان التنسيق العسكري والتدريب المتميز والقوة التكتيكية المتطورة دافعا لإنهاء خطر القاعدة في أقل من عام.
الآن وبعد ثلاث سنوات، يمكن القول بأنه أضحى هناك مثلث قوة يستطيع أن يطهر الجنوب كله من الإرهاب الحوثي وكذلك إرهاب القاعدة والإخوان، ويتمثل في القوة العسكرية الجنوبية ودعم التحالف العربي، بالإضافة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يقوم بأدوار دبلوماسية موازية للتحركات العسكرية على أرض الواقع، في وقت لا يتوقف فيه عن دعمه لجبهات القتال الدائرة حاليا في عدد من محافظات الجنوب، في الضالع وأبين وعلى حدود لحج المتاخمة لمحافظة تعز.
أي نجاح عسكري لابد أن يوازيه على الجانب الآخر نجاح دبلوماسي يستطيع أن يثبت دعائم التفوق العسكري ويدعم استمراره ويحقق له شرعية من خلال العلاقات الدبلوماسية في المجتمع الدولي، هذا بالتحديد ما يقوم به المجلس الانتقالي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي في الوقت الحالي.
هذا المثلث التي تتشكل أضلاعه ما بين العسكري والدبلوماسي والدعم العربي من قوات التحالف بحاجة لأن يستمر في الانتصارات التي يحققها من دون أن يسمح لأي طرف من اختراقه، وأعني هنا بعض الأطراف الإخوانية الفاعلة داخل الشرعية التي تكون هدفها الأول إفشال هذا المثلث التي يسير بخطى ثابتة نحو تحرير الجنوب من الإرهاب.
ما يمًكن هذا الثلاثي من الاستمرار في النجاحات التي يحققها منذ العام 2015، أن هناك أهداف واضحة يسعى لتحقيقها، وأن العدو واضح سواء كان مليشيا الحوثي أو القاعدة أو مليشيا الإصلاح، وأن هناك رغبة شعبية في أن يتحرر الجنوب بشكل نهائي من جميع الجيوب الإرهابية التي مازالت تحاول أن تستعيد قوتها مرة أخرى، وأن خيانات الشرعية التي يقوم بها عناصر إخوانية دائما ما تتكشف بشكل سريع بعكس ما يجري في محافظات الشمال .
وخلال الاحتفالات التي جرت على مدار اليومين الماضيين، أعاد محافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، التذكير بخطة تحرير ساحل حضرموت من فلول القاعدة، مشيراً إلى أنه وبعد قرابة 6 أشهر من الجد والاجتهاد والتدريب المكثف والشاق وتوفر كامل المعدات والأسلحة والآليات والتوصل إلى قناعة بجاهزية القوات للتحرير، حددت ساعة الصفر، حيث تم التحرك ومباغتة العدو من ثلاثة محاور، بالإضافة إلى الضربات الجوية التي قام بها طيران التحالف وضرب مواقع وتجمعات القاعدة في المكلا، مما أدى إلى فقدانها لصوابها بعد المواجهات المباشرة مع قوات النخبة الحضرمية.
وعلى مدار اليومين الماضيين، احتفلت محافظة حضرموت، بمرور ثلاثة أعوام على تحرير ساحلها من سيطرة عناصر تنظيم القاعدة بمشاركة فاعلة من القوات المسلحة الإماراتية في 24 أبريل 2016.
وفي هذا اليوم كانت حضرموت الساحل على موعد مع النصر على تنظيم القاعدة الإرهابي ودحره منكسراً من مدينة المكلا وساحل المحافظة، بعد أن سيطر عليه الإرهابيون لمدة عام كامل، عبثوا خلالها بأرواح وحياة أبناء المحافظة وعاثوا فساداً في الأرض ودمروا كل شيء، وبسطوا سيطرتهم على مواردها وبنوكها وعطلوا الحياة العامة في مرافق ومؤسسات الدولة، وأذاقوا السكان صنوفاً من التنكيل والقمع.
وكان هناك أكثر ملمح طغى على الاحتفالات الشعبية في حضرموت أولها، أن الجميع شدد على أهمية دعم دول التحالف في هذا الانتصار بعد أن وفر الأسلحة والمعدات والآليات وأجهزة الاتصال، وكذلك فإن النخبة الحضرمية كان لها نصيب كبير من الإشادات لما حققته من نجاحات عسكرية على الأرض، وهو ما يعني أن أصحاب الفضل في هذا النجاح حفروا انجازاتهم بأحرف من نور في عقول المواطنين.