المليشيات الحوثية تُفاقم الأزمة الإنسانية.. أي موت لم يبلغه اليمنيون؟
"قتل، تجويع، إذلال، إمراض، اختطاف، تعذيب".. عندما يسأل اليمنيون أنفسهم عما آل بهم جرّاء الحرب الحوثية، لن يجدوا جديداً، فقد ذاقوا كل صنوف الموت، سريعاً كان أو ذلك البطيء الذي يحدث كل يوم، سواء لجائع لا يجد ما يسد رمقه أو يروي ظمأه، أو لمريض افترسته العدوى دون أن يجد دواءً يداويه، أو لمختطف ذاق كل صنوف التعذيب.
أغرقت الحرب العبثية، التي أشعلتها الميلشيات الانقلابية منذ صيف 2014، ملايين الناس في أزمة إنسانية ربما لا يرى العالم مثلها ولا يراه حتى مستقبلاً، دون أن يتحرك ذلك العالم لانتشال الناس منذ هذا الوضع المروع المأساوي.
مليشيا الحوثي انتهجت سياسة الإذلال والتجويع بحق سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها بهدف استخدام المدنيين كوسيلة ضغط لتقديم تنازلات سواء من الحكومة أو التحالف العربي ومنع أي انتفاضة شعبية في وجهها، ومع اقتراب شهر رمضان ونزع كل مبررات عدم تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة، تقول صحيفة البيان، ضاعفت المليشيات من معاناة سكان صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، كما تمارس أنواعاً كثيرة من الابتزاز على النحو الذي يخدم مصالحها.
الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية العالمية تتعامل مع المليشيات بمنطق التغاضي، وبالتالي لا تتورع عن الخضوع لكثير من اشتراطاتها والتغاضي عن الابتزاز الذي يمارس معها أو مع العاملين معها، وهو ما جعل المليشيات أكثر تمسكاً بمبدأ جعل الملايين في مناطق سيطرتها وتجويعهم وإذلالهم أداة سهلة لابتزاز الداخل والخارج وتعطيل أي جهد لإحلال السلام بما يلبي رغباتها في تشريع الانقلاب والحفاظ على ما نهبه قادة المليشيات من العائدات.
كما ضاعفت مليشيا الحوثي الأزمة الإنسانية مؤخراً من خلال عرقلة إمدادات الغذاء إلى صنعاء والمحافظات المجاورة، فيما قالت صحيفة "البيان" إنّه مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، صعد الحوثيون من هجماتهم باتجاه خطوط إمداد تلك المحافظات بالسلع الأساسية، في مسعى لتعطيل وصول الغذاء ومفاقمة المأساة الإنسانية، تزامناً مع افتعال أزمات حادة في المشتقات النفطية بصنعاء والمدن الأخرى التي لا تزال خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من إيران.
خبراء اقتصاديون وناشطون في مجال الإغاثة الإنسانية ربطوا بين تصعيد مليشيا الحوثي في محافظة الضالع، ورغبة الانقلابيين في مفاقمة الوضع الإنساني وزيادة معاناة المواطنين لأغراض سياسية، من خلال تعطيل حركة مرور شاحنات نقل الغذاء والوقود القادمة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة.
في هذا السياق، كشف تقريرٌ أصدرته اللجنة العليا للإغاثة أنّ المليشيات الانقلابية عمدت إلى منع وصول الشاحنات الإغاثية إلى نهم ومريس، وفرضت حصاراً شديداً على أبناء هذه المديريات، خصوصاً بعد تزايد أعداد النازحين والمتضررين من المعارك التي شنتها المليشيات على أبناء هذه المديريات.
كما عمل الحوثيون على تفخيخ بعض الطرق الفرعية بالألغام وزرعها بالعبوات الناسفة وتفجير جسور حيوية ومضاعفة نقاط التفتيش، ما أدّى إلى مفاقمة معاناة الناس وصعوبة تنقلهم، وإصابة حركة سير شاحنات نقل الغذاء والسلع الأساسية بالشلل.
وكشفت مصادر أنّ مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والسلع والأساسية التي كانت في طريقها إلى صنعاء والمحافظات المجاورة لا تزال عالقة منذ مطلع الأسبوع الماضي، ما يكشف عمل الانقلابيين على افتعال مثل هذه الأزمات الجانبية أيضاً الهروب من التزاماتهم بموجب الاتفاقات والتفاهمات المعلنة بغية إطالة أمد الحرب والتكسب من معاناة وآلام المواطنين.
في سياق متصل، اشتكى تجار وبنوك من تعرضهم لضغوط كبيرة من قبل الحوثيين لمنعهم من التعامل مع الآلية الرسمية لخطابات الاعتماد التي يقدمها البنك المركزي لاستيراد السلع الأساسية من حساب الوديعة السعودية المقدرة بملياري دولار.
وشنّ الانقلابيون الحوثيون خلال الفترة الماضية حملة اعتقالات واسعة طالت تجاراً ورجال أعمال وموظفين في القطاع المصرفي على خلفية تغطية الاعتمادات المستندية للاستيراد عبر البنك المركزي بعدن، وقد حذر اقتصاديون ومسؤولون من خطورة هذه الممارسات على عملية استيراد السلع التجارية، وتأمين الغذاء، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى شح المعروض وتقويض الجهود الحكومية لضبط الأسعار، خصوصاً مع اقتراب حلول شهر رمضان الفضيل.