هل تغير مليشيا الحوثي إستراتيجيتها في الحديدة خلال 10 أيام؟

الاثنين 6 مايو 2019 22:00:16
testus -US

 رأي المشهد العربي

اعتقد أن السؤال الذي جاء بالعنوان هو الأبرز الذي يدور في أذهان الكثيرين في أعقاب زيارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث القصيرة إلى صنعاء، بالتزامن مع وصول فريق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إلى مطاحن البحر الأحمر بعد أشهر من منع ميليشيات الحوثي دخولهم إليها، وذلك قبل عشرة أيام من عقد جلسة مجلس الأمن المقبلة وانتهاء مهلة اللجنة الرباعية الدولية.

الإجابة على هذا السؤال كما يعتقدها الغالبية العظمى هي بالقطع لا، وذلك يرجع إلى أسباب عديدة، أولها الوضع الإقليمي لإيران والذي تستخدم فيه تصعيد مليشيا الحوثي بالحديدة كأداة ضغط على القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تفرض عقوبات اقتصادية عليها، وكذلك فإن الحديدة في حد ذاتها تكتسب أهمية إستراتيجية بالنسبة للعناصر الانقلابية بفعل التركيز الإعلامي المحلي والدولي عليها وتحاول أن تثبت من خلالها وجودها وقوتها.

كما الإجابة تصب في خانة لا، بسبب أن العناصر الانقلابية التي عهدت على التصعيد في الحديدة منذ أن وقعت اتفاق السويد قبل خمسة أشهر تقريبا، ومن المستحيل أن تغير خططها في غضون عشرة أيام فقط، وبالتالي فهي ستستمر على نهجها القائم على التصعيد حتى وإن قدمت بعض التنازلات التي ستكون شكلية بالأساس ولن تؤثر على مجمل الأوضاع على أرض الواقع.

ما يدفع باتجاه عدم تغير مليشيا الحوثي من سياساتها القائمة بشأن الحديدة يرجع أيضا إلى المجتمع الدولي في حد ذاته، والذي لم يقدم ما يؤشر على أن هناك ضغوطات عسكرية قد يذهب إليها مجلس الأمن في جلسته المقبلة.

 وهذا يرجع إلى أن آخر جلسة عقدت الشهر الماضي لم تتجاوز المناقشات الجارية من خلالها سوى تحميل مليشيا الحوثي مسؤلية تأخير تنفيذ اتفاق الحديدة، فيما كان الموقف الأمريكي أكثر صرامة وتحدث عن العقوبة ولكن بشكل غير مباشر، وبالتالي فإن الذهاب باتجاه توقيع عقوبات على العناصر الانقلابية خلال الاجتماع المقبل أمر مستبعد ولن يحدث.

ولكن في المقابل فإن اللجنة الرباعية الدولية والتي تضم وزراء خارجية بريطانيا والسعودية والإمارات وممثلا عن الخارجية الأمريكية قد تذهب باتجاه اتخاذ مواقف تصعيدية قد تصل إلى فرض عقوبات على العناصر الانقلابية، ولكنها أيضا لن تسمح بتغيير سياسية الحوثيين تجاه الحديدة على المدى القصير، وقد تماطل فترات أطول حتى تضطر للتنازل بفعل الضغط الممارس عليها.

وخرج اجتماع اللجنة الرباعية الدولية بشأن اليمن باتفاق يقضي بضرورة تنفيذ اتفاق ستوكهولم بشأن مدينة الحديدة خلال 18 يوما.

ودعا الاجتماع، الذي عقد في لندن الأسبوع الماضي، وضم وزراء خارجية بريطانيا والسعودية والإمارات وممثلا عن الخارجية الأمريكية، إلى ضرورة انسحاب مليشيا الحوثي من موانئ الحديدة قبيل انعقاد الجلسة المقبلة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن في 15 مايو الجاري.

التسريبات التي خرجت بعد لقاء غريفيث بزعيم المليشيا الانقلابية لن تتضمن وجود أي تأكيدات من مليشيات الحوثي بتغيير إستراتيجيتها وقبول تنفيذ اتفاق الحديدة على أرض الواقع، بل أنها في المقابل جاءت وكأن الزيارة هدفها تذكير الحوثيين بأنهم من عرقلوا الاتفاق وبالتالي عليهم التحرك قبل اجتماع مجلس الأمن المقبل.

وقالت مصادر مطلعة لـ"المشهد العربي"، في وقت سابق، إن المبعوث غريفيث نقل لزعيم مليشيا الحوثي رسالة مجلس الأمن وإطلاعه على الوضع بشأن الضغوط لتحديد الطرف المعرقل، ومطالبته للحوثيين بسرعة الاستجابة لتنفيذ اتفاق إعادة الانتشار والتي تتضمن انسحاب الحوثيين من موانئ ومدينة الحديدة، وكذلك توجهات المجتمع الدولي لفرض عقوبات على الطرف المعرقل للاتفاق.

ولفتت المصادر ذاتها، إلى أن غريفيث طالب عبدالملك الحوثي بتنفيذ الوعود التي قطعها في اللقاءات الأخيرة معه بشأن الحديدة، وأن زعيم الحوثيين وعده بتقديم تنازلات، غير أن التنازلات التي تحدثت عنها المصادر ارتبطت بإيقاف الآلية الجديدة لاستيراد المشتقات النفطية التي وضعتها اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة، والمطالبة بتسهيل عودة جثمان وزير داخليتهم عبدالحكيم الماوري الذي توفي في أحد مستشفيات حزب الله في لبنان.

الأمر الذي يشير بأن العناصر الانقلابية خرجت من الإطار التفاوضي لاتفاق السويد، وذهبت باتجاه تحقيق جملة من مصالحها بشكل أحادي بعيدا عن الحكومة التي وقعت معها الاتفاق في شهر ديسمبر من العام الماضي، ما يبرهن على أن مناورات الحوثيين لا تنتهي وأن مواقفهم كذلك من الحديدة لن تتغير ولكن التنازلات ستكون في حدود المناورات وليس الانسحاب من موانئ الحديدة.