هجمات النفط والحرب على الشيطان الأعظم

الخميس 16 مايو 2019 22:00:22
testus -US
رأي المشهد العربي
 
في العام 2011، عندما هبّت على المنطقة العربية رياح الربيع العربي، ظلّ الخليج بمأمن عن تلك العواصف المناخية غير المعتادة، حتى جاء عام 2014 محملاً بأمواج مدٍ عاتية، أحرقت ركود ذلك الخليج الهادئ. 
قبل أربعة أعوام ويزيد قليلاً، وقت أن أشعلت مليشيا الحوثي الانقلابية حربها العبثية في اليمن، طالت جرائمها المنطقة برمتها. 
وبينما عمدت المليشيات الانقلابية على مدار سنوات مضت، على العبث بأمن اليمن واستقراره، حتى طالت يدها العابثة الإقليم كله، عملاً لا قولاً، تنفيذاً لا تهديداً. 
في توقيت متزامن هذا الأسبوع فضح كثيراً من فداحة الجُرم، استهدفت العناصر الإرهابية أربع سفن تجارية في المياه الإقليمية الإماراتية، ثم هجوم آخر استهدف محطتي لضخ النفط في العاصمة السعودية الرياض. 
لم تتبنَ المليشيات الحوثية الهجوم الأول، لكنّها تباهت بالجُرم الثاني، وبين هذا وذاك وقفت إيران تراقب حصيلة الإرهاب الذي صنعته. 
وترتبط هذه الاستراتيجية الإيرانية الجديدة التي يتم تنفيذها بالذات الحوثية بالتوجه الأمريكي تجاه طهران القائمة على تصفير النفط. 
ففي أبريل الماضي، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدم تمديد الإعفاءات عن عقوبات واشنطن على شراء النفط الإيراني التي استأنفتها في نوفمبر 2018، مع السماح لأكبر ثمانية مستوردين للخام الإيراني (الصين، اليونان، الهند، إيطاليا، اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، تركيا) بمواصلة الشراء من إيران خلال ستة أشهر، قبل أن تلغيها مؤخراً.
واشنطن قالت إنّ الهدف من قرارها، تكثيف الضغوط على إيران ووضع حد للنشاطات المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها طهران في الشرق الأوسط، وبخاصةً في لبنان من خلال مليشيا حزب الله، وفي اليمن عبر الحوثيين، وفي سوريا عن طريق دعم نظام بشار الأسد.
الخطوة الأمريكية أثارت العديد من التساؤلات حول تعامل مليشيا الحوثي معها، لا سيّما أنّها اعتادت في السنوات الماضية على النفط الإيراني كمصدر لتمويل حربها العبثية التي أشعلتها في صيف 2014.
"من يتحمل المسؤولية؟".. سوالٌ ربما يغرد منطلقاً وسط سرب تحوم فيها أسئلة لا نهاية لها، يرددها الضحية بينما يتمادى القاتل في غيّه وعدوانه.
في محكمة العدالة المطلوبة، يتصدّر الحوثيون قائمة القتل الطويلة، فالمليشيات لم تترك صفاً للموت والقتل إلا وأذاقته لملايين اليمنيين. 
إيران يصفها الكثيرون بأنّها الشيطان الأعظم، فهي التي تُموِّل وتُسلِّح المليشيات الانقلابية، وقد فضحت الكثيرُ من الأدلة الدورَ الإيراني في دعم الانقلابيين. 
المجتمع الدولي حتمًا يتحمل جانبًا مما آلت إليه الأمور في المنطقة، فالمليشيات الحوثية لم تكن لتفعل كل هذا الذي فعلته، ولا تزال، من دون صمت أممي مريب أتاح الفرصة سانحةً أمام مزيد من القتل والترويع. 
لو تتدخل الأمم المتحدة لوقفت الجرائم الحوثية، لم تفرض عقوبات رادعة على الانقلابيين، لم تضيق الخناق على أصدرتها المالية بالشكل الكافي. 
إيران هي الأخرى تُرك لها المجال أمام دعم مستمر للمليشيات الحوثية، دعمٌ تمثّل في المال والسلاح والنفط والمرتزقة، حدث كل هذا والعالم صامت. 
الحكومة هي الأخرى لن تخرج من قائمة الاتهام، ففي الوقت الذي تقول فيه إنّها تحارب مليشيا الحوثي فإنّ أطرافاً نافذة في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي (حزب الإصلاح) قد ارتكبت سيلاً من الخيانات التي منحت الحوثيين فرصة للتقدم واستعادة السيطرة على أراضٍ استراتيجية، تم تحريرها من قبل. 
يفهم من كل هذا أن "لعبة دموية" تحاك في المرحلة الراهنة، قوامها تحالف بين جماعة الإخوان ومليشيا الحوثي يستهدف اليمن والتحالف وتحديداً الإمارات والسعودية، ويبدو أنّ هجمات سفن الإمارات ومحطتي السعودية هي الخيط الأول من طرف هذه المؤامرة.