في ظل ترهل الشرعية.. ماذا تنتظر نخب الشمال من المجتمع الدولي؟

الأحد 19 مايو 2019 22:37:00
testus -US
شهدت الأيام الماضية تدشين عدة حملات سياسية قادتها بعض نخب محافظات الشمال للمطالبة بإقالة السفير البريطاني باليمن مايكل أرون، والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، على إثر مواقف الطرفين التي يرونها أنها تصب في صالح مليشيا الحوثي الانقلابية، لكن تلك الحملات غضت بصرها عن الطرف المتسبب في هذا الانحياز.
لا يختلف أحد على أن هناك انحيازا دوليا إلى مليشيا الحوثي الانقلابية، لكن هذا لا يأتي فقط ضمن سياق دولي مازال يكيل بمكيالين، لكنه أساسا نابعا عن ضعف الطرف الآخر والمتمثل في حكومة الشرعية، التي فرطت في الكثير من سمعتها نتيجة تسليم الحكومة إلى عناصر حزب الإصلاح، وعدم إحرازها أي تقدم خلال الأربع سنوات الماضية، بالرغم من الدعم غير المحدود من التحالف العربي.
وطالب بيان صادر عن ما يسمى بـ"الحملة الشعبية لاستعادة الدولة اليمنية ودعم جهود السلام" ( تحتوي على قيادات تابعة للإصلاح وبعض نخب محافظات الشمال)، الرئيس عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة معين عبد الملك، بتقديم طلب للأمين العام للأمم المتحدة وللخارجية البريطانية بتغيير كلٍّ من المبعوث الأممي الحالي مارتن غريفيث، والسفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، بعد أن فشلا في مهمتهما المعلنة، وأخذا يبحثان عن نجاح شخصي ولو على حساب حاضر ومستقبل اليمنيين.
كما طالبت الحملة المزعومة مجلس النواب بالقيام بدوره وتحمّل مسؤوليته الدستورية والوطنية في رفض السياسيات الخاطئة للمبعوث الأممي والسفير البريطاني وممارسة الضغط على القيادة السياسية، لكي تقوم بواجباتها في المطالبة بتغييرهما، حرصاً على عملية السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني.
وقال البيان إن اليمنيين يتابعون بقلق بالغ، في الداخل والخارج، التطورات المتعلقة بالوضع الميداني في محافظة الحديدة، وأسلوب إدارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث، والسفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، لعملية تنفيذ القرارات الأممية واتفاق ستوكهولم بصورة مخالفة لروح الاتفاق، بعد محطات متتالية من الفشل والرفض الحوثي المستمر للتنفيذ.
واتهم البيان انحراف المبعوث الأممي وسفير دولة بريطانيا لدى اليمن عن مهمتهما الأساسية كأطراف محايدة تعمل على التنسيق والتقريب بين وجهات نظر الأطراف، بما يساعد على تنفيذ القرارات الأممية الملزمة والاتفاقيات التي تمت برعاية الأمم المتحدة.
وأوضح أن ممارسات المبعوث والسفير المتناغمة باتت تهدد عملية السلام في اليمن، وتشرعن لوجود الميليشيا الحوثية الطائفية، في التفاف خطر على القرارات الدولية، وذلك عبر تشجيعهم الميليشيا الحوثية الطائفية على عدم تنفيذ اتفاق ستوكهولم، من خلال توفير الغطاء والاعتراف بمسرحية الانسحاب من موانئ الحديدة، وهي الخطوات الهزلية التي لا يمكن أن تبني سلاماً عادلاً ومستداماً في اليمن، وتشكّل خطراً حقيقياً على عملية السلام، يسهم في إطالة الحرب وتفاقم الوضع الإنساني.
ويرى مراقبون إن البكاء على مواقف المجتمع الدولي لن تنهي الأزمة اليمنية التي دخلت في عامها الخامس من دون أن يجد جديد على مستوى مواجهة الانقلاب الحوثي باستثناء تحرير محافظات الجنوب، لكن ظلت مليشيا الحوثي متواجدة في محافظات الشمال من دون أن تتعرض لأي ضغوطات عسكرية حقيقية، وهو أساس بقاء الأزمة تحرك مكانها حتى وقتنا هذا.
وإذا كان هناك تعويل على المجتمع الدولي فإنه لا يمكن أن يتحرك من دون أن يكون هناك طرف فاعل بالداخل من الممكن أن يعول عليه، وقد يظهر ذلك في مواقف العديد من الدبلوماسيين الغربيين ومنهم السفير البريطاني والذي لم تتوقف تصريحاته الداعمة لليمنيين في مواجهة العناصر الحوثية، وكان آخرها في شهر ديسمبر الماضي قبل توقيع اتفاق السويد، غير أن الارتكان فقط على المواقف الدولية من دون أن يكون هناك جهد داخلي يجعل من التأييد المطلق أمر غير موجود في عالم السياسية.
وقبيل بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية في استكهولم بالسويد، اتهم السفير البريطاني في اليمن الميليشيات الحوثية بعرقلة فتح اعتمادات استيراد الغذاء والقمح للشعب اليمني، والتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية.
ومؤخرا انتقد السفير البريطاني، في تغريدة بحسابه على تويتر، من أطلق عليهم "المتهكمين اليمنيين"، الذين ينتقدون كل ما يفعله الطرف الآخر حتى لو كان إيجابياً، وهو ما اعتبره ناشطون تأييداً لجماعة الحوثي عن اعتزامها البدء في الانسحاب من الحديدة وموانئها من طرف واحد، وسط شكوك بجديتهم، ووصف الحكومة الشرعية لذلك الإعلان بـ"المسرحية الهزلية.
وحظيت تغريدة السفير البريطاني بردود أفعال واسعة من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أكدوا أن التهكم هو تلاعب ميليشيات الحوثي بعدم تنفيذ اتفاقية السويد بعد مضي 5 أشهر على توقيعها برعاية الأمم المتحدة، متهمين السفير البريطاني بالانحياز للميليشيات الحوثية.
ودائما ما تعتمد الشرعية على التصعيد السياسي من خلال البيانات المجمعة للنخب الموالين لها، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها في الوقت ذاته تتوقف عن اتخاذ خطوات فاعلة من شأنها مواجهة مليشيا الحوثي سواء على مستوى الدبلوماسية الدولية التي فقدت الكثير منها نتيجة لضعفها، أو على المستوى العسكري الداخلي في ظل خيانات الإصلاح الذي يهمن على قوات الجيش