لعبة القدر الكاشفة.. سيول السماء تفضح فشل الشرعية وأجندات الإصلاح
رأي المشهد العربي
في الوقت الذي يتكبَّد فيه ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية أزمات إنسانية متلاحقة شديدة الفداحة، فإنّ ملايين أخرى تقبع في المناطق المحررة ليست أسعد حظاً بل تعيش على إثر فشل حكومي ذريع، فضحته مؤخراً السيول.
الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أعلنت عن تضرر أكثر من ثلاثة آلاف أسرة جرَّاء السيول والأمطار الغزيرة التي هطلت على مناطق عدة.
وعلى الرغم من أنَّ التحذيرات التي أطلقتها هيئة الأرصاد والمختصون في مجال الطقس والمناخ، فإنّ الحكومة لم تشغل بالاً بما قد يحدث، وهو ما حدث فعلاً وتضرّر آلاف جرّاء لعبة القدر (السيول) التي لم تخلُ من جرم حكومي كبير (الإهمال).
تقارير رقابية رصدت أنّ محافظة لحج تصدَّرت الأسر المتضررة بـحولي ألف و385 أسرة متضررة، ثم العاصمة عدن بنحو ألف و331 أسرة متضررة، ثم تعز بحوالي 315 أسرة متضررة، وجاءت محافظة حضرموت في المركز الرابع بنحو 35 أسرة متضررة.
ويعيش آلاف النازحين في حاجة ماسة إلى مواد غذائية وإيوائية وحقائب صحية وأدوات تنظيف، بالإضافة إلى تجهيز عيادات طبية متنقلة للوقاية من الكوليرا، وتوفير دورات مياه ومياه شرب نظيفة لكل المخيمات.
وباتت هذه المناطق، على أبواب كارثة بيئية كبيرة لن تخلو من تفشي الأمراض في المخيمات؛ بسبب تكدس القمامة وانتشار المياه الراكدة في حال عدم التدخل العاجل.
هذا الفشل الحكومي في المناطق المحررة يُضاف إلى سلسلة طويلة من جرائم الإهمال التي يرى كثيرون أنّها لا تقل خطراً عما ينجم عن الحرب الحوثية ذي الوجه الإرهابي والأيدي المتطرفة.
حزب الإصلاح الذي تمكّن من اختراق "الشرعية" من مفاصلها وبات يتحكّم في دوائر صنع القرار بها، يواجه اتهامات بأنّه السبب الرئيسي فيما جرت إليه الأمور، لا سيّما بسبب أجنداته الممتلئة بمصالح ضيقة، قوامها إرهابٌ وأساسها فساد.
ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحد المتمثل في التقصير وإتاحة الفرصة لسرطان الإهمال ليمضي أكثر توغلاً، إذ يمثل الوجود الإخواني، ممثلاً في حزب الإصلاح وهو الذراع السياسية للجماعة الإرهابية، عنصراً أساسياً في أي أزمة اقتصادية، تُكبِّد الملايين أثماناً فادحة، تضاف إلى الآثار الناجمة عن الحرب الحوثية والعبث الإخواني.
وكان محافظ البنك المركزي "حافظ معياد"قد لوّح بالاستقالة متهماً حزب الإصلاح بعرقلة ما أسماها "جهوده الإصلاحية".
وبينما أشارت تصريحات "معياد" بأنّها تنضم إلى سلسلة مكررة من تصريحات شبيهة لقادة الشرعية، بأنّ هذا النوع من الحديث يسبق في الغالب مرحلة جديدة من التدهور الاقتصادي، فإنّها في الوقت نفسه جدَّدت المطالب بضرورة اسئتصال النفوذ الإخواني عبر المؤسسات المالية.
في المقابل، أطلقت دولة الإمارات حملة استجابة عاجلة لإغاثة متضرري السيول، وتضمَّنت الحملة تصريف وسحب مياه الأمطار من الشوارع والأحياء السكنية، وتقديم مساعدات إغاثية وإيوائية للنازحين في مخيماتهم.
وأفادت تقارير بأنّ الفرق التطوعية الميدانية التابعة لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي سارعت بالانتشار في مختلف مناطق عدن للإطلاع على مخلفات مياه الأمطار التي تدفقت إلى بعض المساكن في مديرية كريتر، فيما تسببت الرياح القوية المصاحبة في سقوط عدد من أعمدة الكهرباء إضافة إلى تضرر شبه كلي لمخيم الرباط للنازحين في محافظة لحج.
من جانبه، قال مدير العمليات الإنسانية لدولة الإمارات إنَّ إطلاق دولة الإمارات لهذه الحملة يأتي إسهاماً وتعزيزاً لدور وجهود السلطة المحلية في عدن ولحج، مؤكداً أهمية تضافر جميع الجهود من أجل تصريف وسحب مياه الأمطار من الشوارع والأحياء السكنية لتجنب تفشي وانتشار الأمراض والأوبئة إضافة إلى فتح الطرقات لاستمرارية حركة السير والمواصلات بشكل طبيعي.
كما أعلن التحالف العربي إطلاق حملة إغاثية عاجلة وجسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية للمتضررين من الأمطار الغزيرة في العاصمة عدن والمحافظات المجاورة لها.
وصرح الناطق باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي بأنّ الحملة تشمل تقديم المواد الغذائية، والمواد الطبية والإيوائية، وفتح الطرقات، وسحب المياه، وإصلاح الكهرباء، وتقديم الدعم بالمعدات اللازمة لتخفيف معاناة المتضررين.