إدعاءات المشاط وكتائب الإصلاح.. عن الجريمة التي دُبِّرت بليل
رأي المشهد العربي
عندما يجنحان في عتمة الليل، يبحثان في ثنايا ظلمته، يحيكان تلك المؤامرات التي يجيدان تدبيرها في الخفاء، تماماً كما الشيطان الذي ينفرد بعقلٍ دون أن يراه بشر.
أمس الاثنين، وفي أجواء حارة تليق بشمس يوليو، اجتمع المحوران، دبَّرا الخديعة في الليل، لكن الواقع كان فاضحاً لهما أكثر مما تخيَّلا أن يفضحهما شيء.
الحديث هنا عن ذلك المحور ذي السمعة السيئة، مليشيا الحوثي الانقلابية وحزب الإصلاح، ذراع جماعة الاخوان الارهابية في اليمن.
على مدار سنوات الأزمة اليمنية المتعاقبة تتكشَّف يوماً بعد يوم العلاقات المشتركة بين الحوثي والإصلاح، ولأن هذا الحلف من شأنه أن يكشف عن الحجم الكبير في مؤامراتهما ضد اليمن، أمناً وشعباً وهوية، لجأ الحوثي والإصلاح إلى خطة الخديعة الكبرى.
أول محاور الخطة كانت حوثية من المقام الأول، إذ نشرت أبواق إعلامية موالية للمليشيات تصريحات لرئيس ما يسمى المجلس السياسي المدعو مهدي النشاط، يدعي فيها وجود علاقات بين مليشياته والمجلس الانتقالي الجنوبي.
بعيداً عن هذيان المشاط والتي يمكن اعتبارها محاولة حوثية لخلط الأوراق في ظل الخسائر الهائلة التي تتلقاها مليشياته أمام القوات الجنوبية، كانت هي المحور الأول، ولولا المحور الثاني لما فضح المخطط.
نشر تصريح المشاط كان أشبه بساعة صفر، أتت بانطلاق الهجوم، ففي توقيت متزامن وبمصطلحات وعبارات فضحهها تشابهها، خرجت الكتائب الإلكترونية الإخوانية لتكيل الاتهامات ضد الجنوب ومجلس الانتقالي، وتدعي وجود علاقات مع الحوثيين.
العديد من الأسباب يمكن قراءته من هذا المخطط الحوثي الإخواني، لعلَّ أولها الانتصارات المتعاظمة التي تحققها القوات الجنوبية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة وعلى رأسها الضالع، والتي تكبَّد فيها الانقلابيون مؤخراً خسائر غير مسبوقة.
سببٌ ثان يمكن قراءته كذلك مما حدث، وهو الضغط الكبير الذي بات يتعرض له حزب الإصلاح في الفترة، ومدعى هذا الضغط هو الكم الكبير من الفضائح والجرائم الإخوانية سواء فيما يتعلق بالصعيد العسكري من خلال انسحاب قادة وعناصر الإصلاح من عديد المواجهات أمام الحوثيين، بل وتسهيل سيطرتهم على مناطق استراتيجية محررة.
يضاف إلى ذلك أيضاً الفساد المالي الذي يعتمد عليه "الإصلاح" في تمويل سياساته وأجنداته، ويمثل الوجود الإخواني، عنصراً أساسياً في أي أزمة اقتصادية، تُكبِّد الملايين أثماناً فادحة، تضاف إلى الآثار الناجمة عن الحرب الحوثية والعبث الإخواني.
وكان محافظ البنك المركزي حافظ معياد قد لوّح بالاستقالة متهماً حزب الإصلاح بعرقلة ما أسماها "جهوده الإصلاحية"، وهي تصريحات تنضم إلى سلسلة مكررة من مطالب بضرورة استئصال النفوذ الإخواني عبر المؤسسات المالية.
ويمكن القول إنّ التحالف الحوثي - الإخواني تتمدّد أواصره وتتكشف فضائحه يوماً بعد يوم، ومن بين ما فُضِح في هذا السياق، صفقات التسليح بين مليشيا الإصلاح وشقيقتها الحوثية.
وكانت معلومات قد انتشرت قبل أسابيع، أفادت بأنّ حزب الإصلاح يُجهِّز لصفقة أسلحة أغلبها ذخائر في تعز، يتم تجهيزها لبيعها للحوثيين من قِبل حزب الإصلاح، وقد كشفت مصادر في هذا الصدد أنّ إتمام هذه الصفقة سيكون عبر افتعال حرب وهمية، يتم التصوير بأنّها اندلعت بين الحوثي والإصلاح في جبهة كلابة، إلا أنه سيتم بيع الأسلحة للانقلابيين.
في دليل آخر على التحالف بين الحوثي والإصلاح، تمكّنت القوات المسلحة الجنوبية، في نهاية مايو الماضي، من أسر عددٍ من عناصر الإصلاح المنسوبين إلى قوات الجيش والموالين مباشرةً إلى نائب الرئيس علي محسن الأحمر، ويقاتلون إلى صفوف مليشيا الحوثي في جبهة الضالع.
المصادر أكّدت أنَّ هذه العناصر تخضع بشكل مباشر لنفوذ وتعليمات الجنرال الإخواني النافذ في الشرعية، وتبيّن أنّ أغلبهم من محافظتي مأرب وتعز، واتضح كذلك أنّهم مُسجَّلون جميعاً في مناطق عسكرية تابعة لجيش الشرعية.
فيما يتعلق بعمليات التهريب، يُنظر إلى الجنرال الأحمر بأنّه "رأس الأفعى" التي حقّقت أرباحاً خياليةً من وراء جرائم تهريب الأسلحة، فالرجل يتستر تحت غطاء الشرعية، في وقتٍ تورّط في الكثير من عمليات تهريب الأسلحة إلى المليشيات الحوثية التي يُفترض أن يعاديها باعتباره الذراع اليمنى للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وشكّل الأحمر تكتلات عسكرية تحت لواء "الشرعية" لاستئناف جرائم التهريب والمخدرات والإرهاب التي كان يستفيد منها.
تجاهلت خطة الحوثي والإصلاح للنيل من الجنوب ومجلس الانتقالي، كل هذه الفضائح التي كشفت تحالفهما، واختارت أن تكيل الافتراءات وتُروِّج للأكاذيب والمزاعم عن الجنوب.