أهوال اليمن بين الإرهاب الحوثي والعبث الإخواني والصمت الأممي
عندما يؤرِّخ التاريخ يوماً لأهوال اليمن، سيذكر بين صفحاته طرفاً (مليشيا الحوثي) عاث في الأرض قتلاً وإفساداً، وآخر صمت على كل جرائمها (الأمم المتحدة)، وثالثاً باع القضية وارتمى في أحضان مصالحه الضيقة (إخوان الشرعية).
برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة هدّد بوقف العمل وتقديم المساعدات للمستفيدين في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب قيام المليشيات بسرقة هذه المساعدات وتحويلها لما يسمى المجهود الحربي وللمتعاونين معهم فقط.
اختار البرنامج التابع للأمم المتحدة، الحل السهل عليه والأبشع على غيره، فإذا كان يرى مدير البرنامج ديفيد بيزلي أنّه بذلك يوقف عبث الانقلابيين بالمساعدات فإنّه في الوقت نفسه يضفي مزيداً من المعاناة للمأساة الحادة التي يعيشها اليمن.
في حال نفذ البرنامج تهديده وأوقف عملياته في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية بسبب عمليات الفساد التي يقومون بها، ينتظر أن يعاني نحو عشرة ملايين إنسان في هذه المناطق، ويحرمون من المساعدات الغذائية.
المسؤول الأممي أشار إلى أنّ البرنامج إذا لم يتلقَ ضمانات من مليشيا الحوثي، فسيبدأ بتعليق المساعدات الغذائية تدريجيًّا خلال بضعة أيام.
وعلى الرغم من عديد المناشدات التي وُجِّهت للمجتمع الدولي للتدخُّل من أجل إيقاف العبث الحوثي بملف المساعدات، إلا أنَّ وقف المساعدات وتجويع ملايين جدد من اليمنيين أمرٌ غير مقبول، لا سيّما أنّ الأزمة الراهنة بلغت مراحل متأخرة من التدهور، وبالتالي لم تعد تحتمل مزيداً من التأزم.
المجتمع الدولي عليه إتباع حملة تصحيح عاجلة لا تقتصر فقط على إيقاف التلاعب الحوثي بالمساعدات سواء بتوزيعها على عناصرها فقط أو بيعها في السوق السوداء لتمويل حربها العبثية التي أشعلتها منذ صيف 2014، بل كذلك الضغط على الحوثيين لوقف الخروقات المتواصلة لاتفاق السويد وإلزام المليشيات للانخراط في عملية حل سياسي.
إن أرادوا خيراً لليمن كذلك، يتوجّب أن تشمل حملة التصحيح كذلك الطرف الثالث من مثلث المأساة، وهذا الضلع متمثّلٌ في حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية، الذي يملك نفوذاً كبيراً في الحكومة الشرعية، يعمل من خلاله على تحقيق مصالحه الضيقة.
"الإصلاح" ليس فقط متهماً بأنّه السبب في تأخير حسم الكثير من المعارك في مواجهة الحوثيين، بل هو السبب في تردي الأوضاع في المناطق المحررة، كما أنّ الحزب منخرطٌ في تحالف ذي سُمعة سيئة، مع المليشيات الحوثية، يعمد من خلاله إلى إطالة أمد الأزمة بغية تحقيق مصالحه.
"الضغط على الحوثيين"، و"إتباع الأمم المتحدة استراتيجية تردع المليشيات من جانبٍ وتعمل على تقديم المساعدات لمن هو في أشد الحاجة إليها"، و"استئصال نفوذ حزب الإصلاح" هي جميعها عناصر خطة مواجهة باتت مطلوبة أكثر من أي وقتٍ مضى، لعبور الخطوة الأولى من الحرب على المأساة الإنسانية.