حينما يزيف عسكري التاريخ لتلميع الاحتلال!
د. علي صالح الخلاقي
- أهمية وصول الرئيس عيدروس الزبيدي إلى مركز القرار الدولي
- (أبو اليمامة) القائد الشهيد الأكثر حضوراً
- لا تغضب
- تهانينا للمَهْرَةِ بولادة جامعتها
لا عجب أن يتحدث عسكري مُسيس في تاريخ آل عثمان, لإرضاء سيده أردوغان, فقد لفت انتباهي ذلك المقطع الذي ظهر فيه أحد العسكر "الإخونجيين" يتحدث بخطاب انفعالي يزيف حقائق ووقائع التاريخ ويوظفها لأغراض سياسية في بلاط أسياده لتلميع تاريخهم الأسود.
ولمن لا يعرف، فقد بدأ الأتراك العثمانيون احتلالهم لعدن بشنق آخر أمراء الدولة الطاهرية عامر بن داوود حين قدم إليهم على ظهر السفينة فغدروا به سنة 923هـ/1517م. وارتبط احتلالهم بالقتل والتعسف وكان عهدهم سواء في الاحتلال الأول 1538-1635م, أو الثاني 1872-1918عهود حروب ومناوشات وثورات وقتل ودمار.
والعجيب والغريب أن الاحتلال التركي عند خروجه الأول ثم الثاني كان يقدم خدمة للأئمة الزيود, رغم مقاومتهم له, ويسلمهم السلطة على طبق من ذهب, بما في ذلك الأسلحة والمعدات, دون غيرهم من القوى التي لا تنتمي إلى الزيدية.
وما أشبه الليلة بالبارحة, فلا يخفى الدور التركي المشبوه اليوم في الوقوف مع الحوثيين, والتمهيد لذلك عبر أدواته الإخوانية الذي يمثلهم عسكر زعيل بالتمهيد لتدخلهم (الحضاري) ليستأنفوا بناء جامعات أجدادهم المتمثلة بالسجون والقلاع التي كانت تستضيف الرهائن فيها، وليس بعيد عن ذلك تدخلهم في ليبيا.
فأي جامعات ومعاهد وأي مستشفيات شيدوا يا زعيل؟
وأي مظاهر حضارية ودور وقصور وعمران تركوا؟
لو كانوا بهذه الصورة الحضارية التي تصبغها اليوم عليهم لما قاومهم أحد ولتشبث الكل بهم حرصاً على المنجزات الحضارية (الموهومة)!
الحقيقة أنهم لم يتركوا إلا معسكرات جنودهم التي كانوا يتحصنون بها، ولعل أسوأ إنجاز ارتبط بعهد الأتراك وورَّثوه للأئمة من بعدهم هو نظام الرهائن سيء الصيت والسجون والقلاع (عفوًا الجامعات) التي حولوها إلى سجون لكل من قاومهم والتي استخدمها الأئمة من بعدهم وتفننوا في استخدام القيود والأغلال ضد معارضيهم.
اقرأ يا زعيل التاريخ من مصادره العثمانية وستعرف حقيقة الجامعات التي اخترعتها في لحظة تماهيك بتبييض صفحة أسيادك السوداء في مغالطات استخف بها كل من سمعها.
اقرأ تاريخهم الدموي في كتب مؤرخيهم وستجد من أعمال البطش والقتل ما يندى له الجبين. وكنموذج فقط أورد ما قاله مؤلف دخول العثمانيين الأول إلى اليمن المسمى (الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان) عن عدالتهم تلك حين دخلوا يافع : "في سنة 996هـ وجه الكتخدا [لفظة تركية معناها الموظف الكبير أو الوزير الأول] المذكور سنان المشهور همته العالية إلى بلاد (يافع), واستعد لها بالرجال والعدد والبنادق والمدافع, فوصل إليها, وحمل بأسوده عليها, فدخلها قهراً, وأخذها قسراً, ونسف جبالها نسفاً, وطفق بأهلها العاصين قتلاً وحتفاً, حتى أجافت تلك الشعاب من جيفهم, وشبعت السباع أعواماً من جثثهم, فانقاد بقيتهم بعد ذلك طائعين مجيبين سامعين, وأخذت منهم الأموال والعدد والأسلحة... وقبض الرهائن من يافع, وأودعهم في قلعة الخلقة.. ثم رجع بعد ذلك إلى صنعاء مشكوراً".
ورغم المبالغات التي تتباهى بسفك الدماء والظهور بمظهر القوي, إلا أن الاحتلال التركي لم يدُم طويلاً, ولم يطب لهم المقام في يافع, حيث قوبل صلفهم وقسوتهم بالمقاومة وانتفضت ضده يافع بكاملها ضدهم سنة 1006هـ/1597م وغادروها خائبين منكسرين, وهم يرددون في أنفسهم لتبرير هزيمتهم (ما من يافع منافع)، لما كلفتهم من خسائر في الأرواح والعتاد والمؤن.
وقس على ذلك في بقية مناطق سيطرتها، حتى أن مقولة (اليمن مقبرة الغزاة) أطلقت على الغزاة الأتراك, الذين يطبل زعيل لأحفادهم الطامعين بعودة الخلافة العثمانية الأوردغانية.
وحين يقرأ التاريخ عسكري عليل وعميل, واسمه (زعيل), فاقرأ على التاريخ السلام!