هجوم مأرب يفضح المسكوت عنه في علاقة الحوثي بالشرعية
رأي المشهد العربي
تتشابك خيوط الأزمة اليمنية بما يؤدي لاضطراب الرؤية بشأن الجهة المسؤولة عن ارتكاب حادث استهداف مسجد داخل معسكر لقوات الشرعية في محافظة مأرب، في وقت تشير فيه جميع الاتهامات إلى أن المليشيات الحوثية الإرهابية هي من ارتبكت هذا الجرم بالرغم من عدم اعترافها رسميا بارتكاب الحادث حتى الآن.
المشكلة هنا ليست ماهية الطرف المرتكب للحادث لأن المليشيات الحوثية نفذت من قبل عشرات الهجمات التي كانت بالتنسيق الخفي بينها وبين مليشيات الإصلاح الإخوانية المهيمنة على الشرعية، لكن البحث عن الطرف المستفيد جراء هذا الحادث يفضح المسكوت عنه في علاقة الحوثي بالشرعية، إذ أن الطرفين حققا من وراء الحادث مكاسب عدة.
المليشيات الحوثية من جانبها أرادت الرد على مقتل قاسم سليماني بأكبر هجوم يشهده اليمن من فترة طويلة، وهدفت من ورائه إلى بعث رسائل عدة لعناصرها بأنها مازالت قادرة على المواجهة وأن الاضطراب الإيراني الذي أعقب استهداف ما يسمى بقائد فيلق القدس لن يكون له مردوداً سلبياً على تماسكها داخل اليمن.
وفي المقابل فإن الشرعية استفادت هي الأخرى لأن ذلك يعني تأخير الخطوات العسكرية الخاصة باتفاق الرياض فترة طويلة قد تمتد لعدة أشهر، لأنها تدعي بأن الجنود كانوا يستعدون لتنفيذ خطواتها بشأن الاتفاق، وهو ما يعني أنها ستلجأ إلى المطالبة بإتاحة المزيد من الوقت حتى تتمكن من إعادة ترتيب أوراقها.
حادث مأرب ممكن القياس عليه في جملة من الحوادث الإرهابية السابقة والمتوقعة مستقبلاً، لأن الشرعية أمام الرأي العام الدولي هي تحارب المليشيات الحوثية وتسعى لإنهاء انقلابها على السلطة بينما الواقع يشير إلى غير ذلك، لأنها تتحالف وتتعاون معها بشكل علني وخفي من خلال مليشيات الإصلاح المهيمنة عليها.
وبالتالي فإنه سيصعب الرد القوي على مثل هذه الحوادث والتي ستكون بلا رادع حقيقي، إلا إذا كان هناك تدخلًا مباشرًا من التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهما الطرفان الوحيدان اللذان يواجهان الإرهاب الحوثي، وأن الأمر سيتطلب في تلك الحالة سرعة تفكيك بنية الشرعية الحالية بما يضمن عدم التمادي في مثل هذه الحوادث التي تقدم المليشيات الحوثية عليها لإدراكها بأن جبهات الشمال أضحت في حالة سكون تام.
تحرك التحالف العربي والقوى الإقليمية المناوئة لإيران لإنهاء الوضع القائم هو الحل الوحيد للتعامل مع تعاون الشرعية مع المليشيات الحوثية، لأن هذا التعاون قائم على ترابط وثيق بين تحالف الشر (الدوحة وطهران وأنقرة)، والذي يحرك خيوط التلاقي بين الطرفين، مما يتطلب تحركاً موازياً على المستوى الإقليمي والدولي.