جرائم الحوثيين في الجامعات.. إغلاقات واعتقالات وإتاوات
فيما تعرَّض قطاع التعليم لعديد الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية منذ اندلاع حربها العبثية في صيف 2014، فقد دفعت الجامعات ثمنًا ثقيلًا بسبب جرائم الحوثيين.
ففي جرائم حوثية جديدة، كثَّف الميليشيات من اعتداءاتها وفرض قيودها على العشرات من الجامعات الخاصة في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها، ضمن توجُّه حوثي يسعى لتضييق الخناق ثم فرض السيطرة الكاملة على ما تبقى من القطاع الخاص، ولا سيما فيما يتعلق بمجال التعليم العالي.
مصادر مطلعة كشفت عن تنوُّع طرق وأساليب المليشيات الحوثية في استهدافها المتكرر للجامعات الخاصة في صنعاء ومحافظات أخرى لتشمل الإغلاق والاعتداء والاعتقال، فضلا عن فرض إتاوات والتهديد والوعيد بالنفي، والتصفية الجسدية لكل من يخالف قرارات الميليشيات المتخذة حيال أي جامعة أهلية.
وكانت المليشيات قد استكملت قبل نحو أسبوع، السيطرة على جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء التي تعد كبرى الجامعات الأهلية، حيث قالت المصادر إنّ الحوثيين وعقب اقتحام عناصرها حرم الجامعة نصبت رئيسًا جديدًا من أتباعها الطائفيين على جامعة العلوم والتكنولوجيا، مستغلة في الوقت نفسه حيلة ما يعرف بـ"الحارس القضائي" في عزل واختطاف رئيس الجامعة وفرض السيطرة الكاملة عليها.
وأشار المصادر إلى اختطاف المليشيات رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور حميد عقلان، ونقله إلى أحد السجون السرية الخاضعة لسيطرتها، وفرضت أحد اتباعها ويدعى "عادل المتوكل" رئيسًا لها.
وعمَّمت المليشيات الحوثية على موظفي الجامعة قرارًا يقضي بالإحاطة علمًا بأنّه تم تعيين رئيس للجامعة يدعى عادل المتوكل وهو أحد أبناء السلالة الهاشمية، وسبق أن تم تعيينه رئيسًا لجامعة آزال قبل نحو شهر كما تم تعيينه العام الماضي كعميد لكلية الطب جامعة عمران.
واستطاعت المليشيات الحوثية، عبر حيلة "الحارس القضائي"، من الاستيلاء على العشرات من المؤسسات الأهلية والخاصة في صنعاء، حيث تقدمت المليشيات من خلالها وعبر عناصرها وأتباعها على احتلال المؤسسات الخاصة، والعبث بمحتوياتها والتحكم بمواردها المالية والإدارية وتحويلها لخدمة المليشيات وأجندتها الطائفية.
ويمارس الحوثيون ضغوطًا وابتزازات ضخمة على الجامعات الأهلية في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات التي تتحكم أيضًا بكل قرارات وخطط وتوجهات أغلب الجامعات الخاصة في صنعاء، بما في ذلك عملية التسجيل وإقرار المساقات الدراسية والإشراف على الأنشطة والفعاليات.
هيمنة المليشيات وسطوتها على الجامعات أحدثت حالةً من التلاعب التي ساهمت في انتشار الوساطات والمحسوبيات وزيادة الضغوط الاجتماعية، ونهب المال العام وابتزاز الجامعات الخاصة بإتاوات دون وجه حق واستغلال العملية التعليمية برمتها لخدمة المليشيات.
لا يقتصر الأمر على الجامعات وحسب، بل تتعمّد المليشيات استهداف التعليم بشكل عام عبر سلسلة طويلة من الجرائم والانتهاكات، والتي كان أحدثها فرض دفع ألف ريال على الأقل على كل طالب في المدارس للإسهام في تمويل المجهود الحربي.
كما فرضت المليشيات الحوثية في بعض مدارس إب الحكومية دفع خمسة آلاف ريال شهريًّا، على الرغم من المعاناة التي يعيشها السكان بسبب قطع رواتب الموظفين بمن فيهم المعلمون أنفسهم، وبسبب فقد وظائفهم جراء الحرب.
ولم تكتفِ المليشيات بحرمان نحو 130 ألف معلم من رواتبهم، لكنها قامت بفصل الآلاف منهم، وأجبرت الآلاف على النزوح، وأحلت المئات من عناصرها لنشر أفكار الجماعة في مختلف المدارس، كما أسندت أعمال الإدارة إلى المنتسبين لسلالة زعيمها ابتداءً من مديري المدارس ومديراتها وصولاً إلى منصب الوزير الانقلابي الذي يشغله شخصياً شقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي.
وعملت المليشيات الحوثية خلال سنوات الحرب على تحويل المدارس إلى ساحات للتطييف والتجنيد، وحشد المقاتلين من المراهقين وصغار السن.
وكشفت تقارير حقوقية حديثة أنَّ نحو 4,5 مليون طالب تسربوا وحُرموا من التعليم بسبب تدمير المليشيات للمدارس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، وسعيها إلى تعطيل العملية التعليمية والاستفادة من الأطفال في التجنيد والزج بهم في جبهات القتال، إضافة إلى وضع مناهج تدعو للطائفية والكراهية وتهدد النسيج الاجتماعي.