توقعات بخسائر كارثية تضرب الاقتصاد العالمي جراء تفشي كورونا
ينتشر فيروس كورونا الجديد بين بلدان العالم على نطاق واسع، مخلفا كارثة تضرب كل القطاعات مما أثر بالسالب وبشكل كارثي على الاقتصاد العالمي، حيث توقع بنك التنمية الآسيوي أن يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى خسائر في الاقتصاد العالمي تصل إلى 347 مليار دولار، في ظل التراجع الحاد في الطلب، والسياحة، وسلاسل التوريدات، إضافة إلى التداعيات الصحية.
وبحسب "الألمانية"، ذكر تقرير لبنك التنمية الآسيوي، أن السيناريو الأفضل يدور حول احتواء سريع لتفشي الفيروس بعد شهرين من القيود التي جرى فرضها أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، أما السيناريو الأسوأ، فيدور عن تفش قد يشهد إجراءات احترازية لفترة تصل إلى ستة أشهر.
ويتوقع البنك، الذي يقع مقره في مدينة مانيلا، عاصمة الفلبين، أن يصل أقل قدر ممكن من الخسائر إلى 77 مليار دولار، أي نحو 0.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وقد يصل أكبر قدر من الخسائر إلى 0.4 في المائة.
وأوضح التقرير "يقع ثلثا التداعيات على الصين، حيث يتركز تفشي الفيروس حتى الآن.. يتوقع أن تصل خسائر الصين إلى نحو 237 مليار دولار، بواقع 1.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، في حين قد يخسر باقي الدول الآسيوية، باستثناء منطقة الشرق الأوسط، نحو 42 مليار دولار، أي نحو 0.5 في المائة في أسوأ السيناريوهات".
من جهتها، حذرت وكالة "ستاندرد آند بورز" من أن الفيروس القاتل قد يتسبب في خسارة تتجاوز أكثر من 200 مليار دولار لاقتصادات دول آسيا والمحيط الهادئ هذا العام، ما يخفض النمو إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عقد في وقت تعمل فيه الحكومات جاهدة لمكافحة الوباء.
وفي أسوأ الاحتمالات، قد تشهد الصين نموا بأقل من ثلاثة في المائة، بينما قد تواجه اليابان وأستراليا وهونج كونج خطر الركود، بحسب تقرير الوكالة.
وتسببت المخاوف من تداعيات تفشي المرض الذي انتشر في 85 دولة على الأقل منذ ظهر في الصين أواخر كانون الأول (ديسمبر) في تراجع الأسواق العالمية وسط قلق المستثمرين من تداعياته الاقتصادية.
وتتوقع "ستاندرد آند بورز" أن تحقق المنطقة نموا بنسبة 4.0 في المائة هذا العام في وقت تسببت فيه الصدمات المرتبطة بالعرض والطلب في فجوة قيمتها 211 مليار دولار في الاقتصاد.
ويأتي الرقم الأخير مقارنة بتقدير بنسبة نمو تبلغ 4.8 في المائة صدرت في ديسمبر الماضي، ويشكل هذا أسوأ أداء للمنطقة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وقالت الوكالة "توقعات منطقة آسيا والمحيط الهادئ تزداد قتامة جراء تفشي فيروس كورونا، من شأن ذلك أن يتسبب في صدمات في العرض والطلب المحليين في اليابان وكوريا، وسيعني ذلك تزايد ضعف الطلب الخارجي من الولايات المتحدة وأوروبا".
وأشار التقرير إلى أن الاقتصادات تعاني ضربة مضاعفة جراء تراجع الطلب في وقت يلزم المستهلكون فيه منازلهم خشية العدوى، بينما تراجعت الإمدادات جراء إغلاق المصانع.
وتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني، الذي كان يواجه صعوبات في الأساس حتى قبل أزمة الفيروس بنسبة 4.8 في المائة هذا العام، وهي أسوأ نسبة نمو خلال ثلاثة عقود.
لكنه أضاف أنه "في أسوأ الحالات، على فرض وقوع إصابات محلية مع عودة الناس إلى العمل وإعادة فرض بعض القيود على النشاط، فسيتراجع النمو إلى 2.9 في المائة فقط".
ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد هونج كونج، التي شهدت أول ركود العام الماضي منذ 2008، بشكل إضافي، وستكون المدينة، إلى جانب سنغافورة وتايلاند وفيتنام، الأكثر تأثرا، حيث يسهم قطاع السياحة الذي تعرض لضربة على صعيد العالم، بمعدل أكثر من 10 في المائة من النمو.
ومع ذلك، أكدت "ستاندرد آند بورز" أن الاقتصادات ستشهد على الأرجح انتعاشا في وقت لاحق، ويرجح التقرير أن يتأخر التحول في التعافي حتى الربع الثالث في حال ظهرت مؤشرات بحلول الربع الثاني على أنه تم احتواء الفيروس على الصعيد العالمي.
وأضاف "نفترض أن فيروس كورونا لن يعطل بشكل دائم القوة العاملة أو مخزون رأس المال أو الإنتاج، وبالتالي يفترض أن تشغل اقتصادات المنطقة العدد نفسه من الناس بالقدرة الإنتاجية ذاتها بنهاية 2021 كما لو كانت ستفعل في غياب الفيروس".
ويواصل الفيروس القاتل تأثيراته الاقتصادية حول العالم، الأمر الذي دعا الكونجرس الأمريكي إلى الموافقة بالإجماع تقريبا على خطة طارئة بقيمة 8.3 مليار دولار لتمويل جهود مكافحة فيروس كورونا.
واقترح الرئيس دونالد ترمب ميزانية أولية بقيمة 2.5 مليار دولار لكن المعارضة عدّتها غير كافية، عادّا الاقتصاد الأمريكي ربما يتأثر سلبا من تفشي "كورونا"، لكنه توقع تجاوزه في نهاية المطاف ودافع عن طريقة تعامله مع الأزمة.
وأفضى انتشار الفيروس إلى انخفاضات حادة في سوق الأسهم، وأجج المخاوف من تراجع اقتصادي، في الوقت الذي يطلب فيه ترمب من الأمريكيين انتخابه لفترة ثانية.
وردا على سؤال إن كان فيروس كورونا قد أضر بالاقتصاد الأمريكي، أوضح ترمب "لا ريب أنه قد يؤثر، وفي الوقت نفسه، ينبغي أن أقول إن الناس الآن يمكثون في الولايات المتحدة وينفقون أموالهم فيها، ويعجبني هذا".
وأضاف "سيجد الأمر طريقه إلى الحل، حري بالجميع أن يهدأوا، لدينا خطط لكل احتمال، وأعتقد أن هذا هو الواجب علينا، نأمل ألا يطول الأمر كثيرا".
وأعاد ترمب تأكيده أن قيود السفر التي فرضتها الصين في بداية الأزمة ساعدت على الحد من التفشي في الولايات المتحدة، فيما أقر مايك بنس نائب الرئيس، المسؤول عن تنسيق الاستجابة للوباء، بأن البلاد ليس لديها ما يكفي من اختبارات تشخيص الوباء لتلبية الطلب المتوقع.
وأجبر الفيروس القاتل، الصين على إعفاء بعض المطاحن من رسوم استيراد فول الصويا الأمريكي، تمشيا مع خطط أعلنتها بكين أواخر شباط (فبراير)، وهذه هي أحدث خطوة لوفاء بكين بالتزاماتها في إطار اتفاق تجارة المرحلة الأولى المبرم مع الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، ذكرت شركة سياحة في الصين أمس أن حركة السفر الداخلي وحجوزات الفنادق بدأت تتعافى في البلاد أواخر الشهر الماضي، بعدما أدى تفشي "كورونا" إلى حدوث كبوة في صناعة السفر والسياحة في أنحاء العالم.
وقالت شركة "تونج تشينج إلونج" القابضة للخدمات السياحية عبر الإنترنت "إن معدلات الحجز الفندقي ارتفعت خلال الأسبوع الماضي بنسبة 40 في المائة مقارنة بالأسبوع السابق له، فيما ارتفعت معدلات حجز رحلات الطيران الداخلية اليومية في الصين 230 في المائة مقارنة بأدنى معدلاتها التي تم تسجيلها الشهر الماضي".
ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن مسؤولين في شركة "تونج تشينج إلونج" قولهم "إنه من المتوقع أن تصل معدلات الإشغال الفندقي في المدن الرئيسة في مختلف أنحاء الصين إلى 90 في المائة بنهاية مارس".
وذكرت مؤسسة "أو.إيه.جي أفيشن ورلد وايد" لتقديم بيانات السفر الجوي حول العالم أن شركات الطيران الصينية ستعيد تشغيل نحو ثلاثة ملايين مقعد طيران على الرحلات المقررة هذا الأسبوع، خاصة على الخطوط الداخلية.
وأفادت "تونج تشينج إلونج" بأن "المصادر الرئيسة للركاب هي مدن سيشوان وتشونج كينج وشانتشي، وهينان، حيث بدأ سكان هذه المدن العودة إلى أماكن عملهم في المناطق الساحلية بعد انقضاء عطلة مهرجان الربيع".
وفي بريطانيا، تستعد مطاعم العاصمة لندن لتكبد مزيد من الخسائر، مع اتجاهها إلى خفض النفقات وتقليل ساعات العمل.
وأفادت "بلومبيرج" بأن المطاعم في لندن تعرضت بالفعل لخسائر مالية حيث انخفض الإقبال عليها بنسبة بلغت 10 في المائة، على الأقل، ووصلت نسبة تراجع العمل في بعض المناطق السكنية مثل "تشاينا تاون" إلى 50 في المائة.
وذكرت شركة "دي آند دي" التي تملك أكثر من 40 مطعما أن المبيعات انخفضت بالفعل بنسبة 10 في المائة، وأصدرت تعليمات لبعض الفروع بخفض ساعات العمل بما يتناسب مع حجم الإقبال، ووقف التوظيف، وستبحث الشركة اتخاذ إجراءات أخرى إذا ما تفاقمت الأوضاع.
وقال ديس جونواردينا، رئيس الشركة، "إن الشركات تتخذ ردود فعل سريعة، وبالتالي تعرضنا لكثير من عمليات إلغاء الحجوزات، وتراجع حجم أعمالنا الأساسي بنسبة 10 في المائة، ونرى أن الأمور ستتفاقم".