الانتقالي يفرض كلمته في الجنوب
رأي المشهد العربي
استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي أن يشكل قوة حقيقة لا يمكن الاستهانة بها في الجنوب، وذلك بفعل القدرات العسكرية للقوات المسلحة الجنوبية بالإضافة إلى المرونة السياسية التي تعامل بها المجلس مع جملة من الأحداث التاريخية التي مرت بالجنوب منذ إعلان تأسيسه في العام 2017 ونهاية بقرار الإدارة الذاتية الذي جاء مباغتاً لقوى الشر التي لجأت إلى تشويه المجلس عبر وسائل الإعلام من دون أن تحرك ساكن على الأرض.
في جميع المنعطفات السياسية بالجنوب تعامل الانتقالي وفقاً لما يقتضيه الأمن القومي الجنوبي بعيداً عن أي حسابات أخرى، وبالتالي فإن النتيجة كانت وجود تأييد شعبي لجميع الخطوات التي أقدم عليها، وكذلك فإن الانتقالي لم يتخلى عن التحالف العربي بعد أن شكل الطرفين ثنائي قوي استطاعا تحرير الجنوب من المليشيات الحوثية الإرهابية وأضحى الجنوب العربي رأس حربة في مواجهة المشروع الإيراني.
المجلس الانتقالي فرض كلمته في شهر أغسطس الماضي واستطاع بدماء أبنائه الطاهرة أن يحرر العاصمة عدن من العناصر الإرهابية، وكان بإمكانه أن يستغل هذه الانتصارات لصالحه لكنه ذهب إلى مفاوضات جدة من أجل الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة اليمنية ويضمن استعادة الدولة، بل أنه قدم تسهيلات عديدة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض.
تعاملت الشرعية مع هذه التسهيلات على أنها ضعف ولم تدرك أنها جاءت من منطق القوة لأن الانتقالي الجنوبي هو من حقق الانتصارات في أحداث أغسطس، وبالتالي فإنها تمادت في خروقاتها من دون أن يكون هناك رد فعل قوي من قبل التحالف العربي الذي أشرف على الاتفاق وبذل جهودا حثيثة من أجل التوقيع عليه، ما تطلب تدخلاً عاجلاً من قبل الانتقالي لفرض كلمته عبر قرار الإدارة الذاتية الذي أصدره من منطلق وطني بحت وحاول خلاله الحفاظ على حقوق الجنوب في ظل عمليات حشد الإرهابيين إلى شبوة وأبين.
المجلس الانتقالي فرض كلمته بعد أن أجبر المجتمع الدولي على الاعتراف به ممثلاً للجنوب بفعل حالة الالتفاف الشعبي حوله، وهو ما كان دافعاً لمزيد من الانفتاح الدولي على المجلس من بلدان تشكل قوى عظمى في العالم على رأسها بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يمكن الانتقالي من تنفيذ رؤيته المستقبلية في الجنوب والتي لا يختلف عليها أي وطني جنوبي.
قرارات الانتقالي الأخيرة تستهدف بالأساس إعادة اللحمة والتوحد حول القضية الجنوبية التي مازال الطريق أمامها طويلاً لحين الحصول على الاستقلال الكامل واستعادة دولة الجنوب، لكن الأكيد أن المجلس يسير على الطريق السليم وأن قدرته على فرض كلمته قد تمكنه من تخطي الأشواك التي قد تعترضه في خطواته نحو تحقيق هدفه.