الوحدة لن تصمد بعد ان تجاوزتها متغيرات الأرض والتاريخ

الثلاثاء 20 فبراير 2018 20:49:00
"الوحدة" لن تصمد بعد ان تجاوزتها متغيرات الأرض والتاريخ

"الوحدة" لن تصمد بعد ان تجاوزتها متغيرات الأرض والتاريخ ( مقال تحليلي )

كتب - فهد ردمان

هناك قاعدة ومبدأ في الدراسات والبحوث الإجتماعية تنص على إن ظهور وتكون المشكلة الإجتماعية يتطلب وجود شرطين أو عاملين أساسيين هما :

وجود الظاهرة موضوعيا" خارج وعي الناس والأدراك الذاتي لها من قبل المجتمع وأصحاب القرار والنفوذ أو السلطة.

وهذه القاعدة تنطبق على القضايا والمشكلات السياسية ومنها قضية اليمن المركزية والمزمنة(القضية الجنوبية),فقد نشأت القضية الجنوبية بشكل موضوعي عقب فشل الوحدة الإندماجية الطوعية بين ج.ي.د.ش وج.ع.ي.والذي تجلى في الحرب العدوانية ضد الجنوب وغزو القوات الشمالية لعاصمته في 7يوليو1994م,وتحول العلاقة الطوعية والندية بين طرفي الوحدة إلى وحدة ضم وإلحاق بالقوة والإكراه تبعتها سياسة تدميرية ممنهجة لكل مؤسسات الدولة الجنوبية المدنية منها والعسكرية مرورا" بالإقصاء والتهميش والتدمير النفسي لكوادره وقدراته البشرية وخاصة في المؤسسات العسكرية والأمنية.

 

أما الجانب الذاتي أو الإدراك الذاتي للقضية الجنوبية فقد تكون بصورة تدريجية منذ الأيام الأولى لسقوط العاصمة الجنوبية بيد القوات الشمالية حيث   تم المطالبة بإزالة آثار الحرب وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة وفقا"  للإلتزامات التي تعهدت بها حكومة سلطة يوليو تجاه المجتمع الدولي (رسالة محمد سعيد العطار ) ,مرورا" بكتابات الإستاذ عبدالواحد المرادي المستمرة عن الحرب العدوانية ضد الجنوب في صحيفة الثوري وحتى قيام تيار إصلاح مسار الوحدة في الحزب الإشتراكي اليمني بقيادة المناضلين : حسن باعوم ومحمد حيدرة مسدوس ,هذا التيار الذي قوبل بالتجاهل داخل الحزب والحرب النفسية والإعلامية من قبل (عبيد الوحدة بالقوة)من خارجه.

هذه الإرهاصات الأولى للقضية الجنوبية تم تجاهلها من قبل التحالف العسكري القبلي الحاكم أنذاك في صنعاء, حتى أندلعت الإنتفاضة السلمية بقيادة جمعية المتقاعدين العسكريين وعلى رأس المناضل الجسور العميد ناصر النوبة والتي كانت مطالبها في البداية حقوقية(المساوة في الحقوق المالية_حق العودة إلى العمل)

لقد أدى الموقف السلبي لمنظومة حكم صنعاء والأحزاب والقوى السياسية التي تهيمن عليها النخب الشمالية لهذا الإحتجاجات السلمية المطلبية وإتهام القائد النوبة ورفاقه بالخيانة والعمالة للخارج أدى إلى إتساع دائرتها لتشمل القطاعات المدنية وعامة الناس وإرتفاع سقف مطالبها إلى حق تقرير المصير وإستعادة الدولة الجنوبية وإنها الوحدة الفاشلة بصورة سلمية, وقد أعطى الظهور التاريخي للإستاذ والزعيم الجنوبي الرئيس علي سالم البيض وتجديد دعوته لفك الإرتباط بين طرفي الوحدة الفاشلة للحراك الجنوبي السلمي زخما" قويا" ساعد على تجذير وتثبيت القضية الجنوبية في وعي الناس وتأكيد هويتها السياسية .

نظرا" لعوامل موضوعية وذاتية معروفة لدى الجميع عانى الحراك الجنوبي السلمي من مشكلة إنقسام النخب السياسية وفقدان عنصر وحدة القيادة بالرغم من الإتفاق على وحدة الهدف وهو حق تقرير المصير وإستعادة الدولة المفقودة في النفق المظلم,وقد بذلت محاولات عديدة لتحقيق وحدة الصف الجنوبي وتشكيل الحامل السياسي للقضية الجنوبية من شخصيات جنوبية من الوزن الثقيل أبرزها جهود ومحاولات المناضل البارز أحمد عبدالله الحسني لتأسيس جبهة وطنية تضم كافة التكوينات والشخصيات الجنوبية الفاعلة على الساحة .

لم تكلل هذه المحاولات بالنجاح إلا إنها عززت دون شك من تلاحم الجنوبيين حول قضيتهم ,حتى حانت اللحظة التاريخية الملائمة وتحققت وحدة على يد قائد المقاومة الجنوبية ضد الغزو الحوث_عفاشي المناضل الجسور اللواء عيدروس قاسم الزبيدي الذي وجهه النداء للجنوبيين لتوحيد الصف الجنوبي وتأسيس الحامل السياسي للقضية الجنوبي أثناء قيادته للسلطة المحلية في محافظة عدن ,

ونظرا" للظرف التاريخي المأزوم الذي تمر به الدولة اليمنية الفاشلة وحاجة الجنوبيين الماسة للحامل السياسي الذي يمثلهم داخليأ ودوليا" ويقودهم نحو إستعادة دولتهم المغدور بها قام القائد عيدروس الزبيدي ورفاقه بأعلان قيام المجلس الإنتقالي السياسي الجنوبي في 11مايو2017م وتم تزكيته من كل القيادات التاريخية الجنوبية وتفويضه شعبيا" في مليونية 21مايو2017م,لقد شكل قيام المجلس وحصوله على التفويض الشعبي وتصدره للمشهد السياسي في الجنوب نقلة نوعية في مسار النضال التحرري الجنوبي ,وخطوة مفاجئة لم يتوقعها الأصدقاء والأنصار ناهيكم عن الأعداء ,لذلك على الجنوبيين التمسك بهذا المجلس ممثلا" وقائدا" شرعيا" وتقرير المصير حقا" سياسيا" وإنسانيا" تكفله المواثيق والأعراف الدولية.