بين اتهامها بـ”المناطقية” والتبعية للإمارات..
ما الدوافع الحقيقية لحملة تشويه “الحزام الأمني” والنخبة في حضرموت وشبوة ؟
تتبادل وسائل الإعلام القطرية، والتركية، واليمنية الأدوار في شن حملة تشويه لا تنقطع ضد قوات الحزام الأمني، وقوات النخب في حضرموت وشبوة، رغم ما حققته من نتائج في تثبيت الأمن بالمحافظات الجنوبية المحررة، وتطهيرها من تنظيمات متشددة مثل: القاعدة، وداعش.
ووفقًا لمحللين سياسيين وخبراء، فإن هذه الحملة الإعلامية بدأت منذ أن قرر حلفاء “الإخوان” في اليمن بدعمٍ من التنظيم الدولي للجماعة، السيطرة على هذه القوات وخطف ثمار ما حققته من نتائج لصالح الأهداف الحزبية للجماعة.
وفي تناوب منسق للتأثير على المتابع بأسلوب التكرار، تتبادل وسائل الإعلام الموالية للإخوان الأدوار في كيل الاتهامات لهذه القوات بأنها “جيوش مناطقية” إلى القول إن لها “أهدافًا خفية” كما فعلت وكالة الأناضول التركية أخيرًا، أو أنها تهدف لتحقيق “أجندة” للإمارات -العدو اللدود لجماعة الإخوان- كما تقول وسائل الإعلام القطرية أو اليمنية الممولة من قبل الدوحة بحسب المحللين والمتابعين.
وتتناسى هذه التقارير “الكيدية” الظروف التي تأسست فيها هذه القوات بأمر جمهوري صادر عن الرئيس هادي، وكيف ظهر لاحقا أنها تختلف مع الإمارات في عديد من القضايا، رغم الدعم الذي تلقته من أبوظبي في إطار التحالف العربي بقيادة السعودية.
وتغفل تقارير حلف “الإخوان –قطر –تركيا” أنه ورغم العلاقة القوية بين هذه القوات والتحالف العربي، إلا أنها قاومت بشدة جهود هذا التحالف ممثلًا بالإمارات لإقامة معسكرات ومناطق تجمع لأنصار صالح في الجنوب لفتح جبهة جديدة ضد الحوثيين.
كيف تأسست قوات الحزم والنخبة الحضرمية والشبوانية ولماذا؟
جاءت الحاجة إلى تشكيل قوات الحزام الأمني ومعها قوات النخبة الحضرمية والشبوانية عقب تحرير المحافظات الجنوبية باليمن من الميليشيات الحوثية في منتصف العام 2015، جرّاء الفراغ الأمني والعشوائية التي اجتاحت المحافظات المحررة حينها، والتي استغلتها جماعات متطرفة تمددت وتوسعت في هذه المناطق.
وعملت قوات التحالف العربي على تدريب وتأهيل عناصر من المقاومة الجنوبية، التي تمكنت بإسناد التحالف من تحرير محافظاتها من الانقلابيين، لتشكيل قوات أمنية مدربة ومنظمة تستطيع تأمين مناطقها والحفاظ على انتصاراتها.
فكانت قوات الحزام الأمني، أول قوة أمنية منظمة تم تشكيلها في عدن بقرار رئاسي أصدره الرئيس عبدربه منصور هادي بدعم وإسناد مباشر من القوات الإماراتية المشاركة بفاعلية في التحالف العربي، أعقبها تشكيل قوات النخبة الحضرمية والشبوانية، وهي القوة التي أعلن عنها رسميًا في نيسان/ أبريل من العام 2016.
قوات مناطقية بحكم الضرورة
وفرضت الظروف الأمنية تشكيل هذه القوات لكل محافظة من أبنائها وسكانها المحليين؛ ما جعلها منذ البداية “قوات مناطقية” بحكم الحاجة إلى تأمين وحماية المحافظات المحررة بالجنوب.
ويقول المحلل السياسي اليمني منصور صالح لـ “إرم نيوز” إن قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية هي قوات وطنية جنوبية اضطلعت بمهام عظيمة في تأمين المحافظات التي تتواجد فيها، كما أثبتت أنها قوة ضاربة وذات توجه صادق في مكافحة الإرهاب”.
وأضاف، أن من يحاول أن يصنفها كميليشيات إنما يغالط نفسه، وهم جهات معروفة تضررت من إجراءات هذه القوات في بسط سيطرة الدولة، وحفظ النظام والقانون، ومكافحة الإرهاب أو الالتفاف على الانتصارات المتحققة.
وأشار منصور، إلى أن من يتحدث عن مناطقية الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية، لديه أهدافه في رفض وجود قوات تستطيع حماية مناطقها والحفاظ على أمنها، وبالتالي فمن وجهة نظر هؤلاء أن الجيش والأمن لن يكونا وطنيين إلا إذا كان خاضعًا لهم ولقياداتهم ولمناطقهم.
وأكد منصور، أن الهدف من إنشاء قوات الحزام الأمني والنخب الحضرمية والشبوانية واضح، وهو يتحقق كل يوم في تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق التي تتواجد فيها، ونتائج ذلك تصب في مصلحة المواطن.
ويقول المحلل السياسي اليمني والقيادي في الحراك الجنوبي أحمد الربيزي لـ “إرم نيوز” إن الحاجة أدت الى تشكيل قوى أمنية وطنية غير خاضعة لأجندة حزبية دينية خبيثة .. في هذه الظروف المعقدة كان لزامًا ادبيًا وأخلاقيًا من المقاومة الجنوبية أن تشكل قوات الحزام الأمني بمساعدة اشقائنا في التحالف العربي، وخاصة من أشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة”.
ولفت إلى أن “هذه القوات الضاربة التي جاءت من رحم المقاومة الجنوبية، هي من تخوض اليوم معاركها ضد الإرهاب في عدن وأبين ولحج وشبوة وحضرموت، وحققت نتائج أذهلت العالم في وقت قصير وبإمكانات محدودة”.
ويؤكد الأكاديمي والباحث السياسي اليمني حسين لقور، أن تشكيل قوات النخبة في حضرموت وشبوة وقوات الإسناد والدعم في عدن ولحج وأبين، جاء تلبية لحاجة ماسة كي تتعامل مع مشاكل الأمن والإرهاب في الجنوب الذي تركته حكومة صنعاء دون قوات محلية بعد أن سلمت المكلا وأبين وأزاء من شبوة للقاعدة .
وقال لـ “إرم نيوز” إن قوات الحزام والنخبة أثبتت أنها الوحيدة القادرة على فرض الأمن ومواجهة عصابات القاعدة، بعد أن فشلت كل الأجهزة الأمنية السابقة في مواجهتها، لافتاً إلى أن الحملة التي تشنها وسائل إعلام الإخوان المسلمين ضد هذه القوات، وضد داعميها ما هي إلا دفاع مستميت عن القاعدة.
حملة ممنهجة
وبينما لاقت انتصارات ونجاحات قوات الحزام الأمني والخبة في حضرموت وشبوة ترحيبًا شعبيًا واسعًا بجنوب اليمن، كانت جماعة الإخوان تشن هجمات إعلامية ممنهجة ضدها وداعميها من دول التحالف العربي.
وجاءت هذه الحملة وفقًا للمحلل أحمد الربيزي بعد أن لاحظ الجنوبيون أن هناك تحركات لحزب الإصلاح اليمني – الإخوان المسلمين – للسيطرة السياسية والميدانية على مناطقهم؛ ما دفعهم للاستنفار ضد هذا التصرف الخبيث على حد قوله.
وتحاول الحملات الإعلامية ضد قوات الحزام الأمني والنخب الحضرمية والشبوانية بجنوب اليمن إلصاق وصف “انفصالية” على تلك القوات، وهو الوصف الذي لا يمكن نفيه، خاصة وأن أكثر من 90% من الجنوبيين انفصاليون أو مؤيدون للاستقلال، لكن ذلك لا يمنع من التحالف معهم ومساعدتهم في تأمين مدنهم ومناطقهم في الوقت الذي ما زال الخطر الحوثي يهدد اليمن برمتها وفقًا للمحللين.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني صلاح السقلدي أن “ما يهمنا في هذه الظروف الدقيقة هو مساندة هذه القوات بحربها على الإرهاب، بدلاً من إضعافها وتثبيط عزيمتها، وبعد ذلك كل يدلي بدلوه ورأيه”.
وقال لـ “إرم نيوز” إن العمليات والتضحيات الشجاعة التي تخوضها وتقدمها هذه القوات في حضرموت وشبوة وأبين وعدن وغيرها من مناطق الجنوب، هي تضحيات تقدم نيابة عن الكل ولمصلحة الكل، ومن المعيب الوقوف بوجهها والتشكيك بها وبتضحياتها.
واقع جديد
ويرى الكاتب والباحث السياسي اليمني أحمد الصالح، أن الحرب باليمن أفرزت واقعًا جديدًا وصادمًا لبعض القوى التي لم تستطع استيعابه وتحاول تشويهه في كل فرصة.
وقال لـ “إرم نيوز” إن موضوع الانفصال ليس جديدًا وهو مشروع شعبي جنوبي قائم من قبْل الحرب ولكن بعض القوى تحاول استخدامة كفزاعة عندما أصبح الجنوب خارج سيطرتها، وأصبح يشكل أمرًا واقعًا على الأرض.
وأضاف، أن الصدمة التي شكلتها مخرجات الحرب لتلك القوى “المتأسلمة” جعلتها تتخبط في كيل التهم ضد الجنوب والإمارات، بينما هي فعليًا تشكل كل الأجهزة الأمنية والعسكرية في كل محافظة من ابنائها بعد الحرب وانهيار المؤسستين الأمنية والعسكرية، وهذا أمر معروف للجميع ، فلا يوجد جندي جنوبي في أمن أي محافظة شمالية .
وأوضح أن قوات الحزام والنخبة صمام أمان، وهي ليست ميليشيات بل أجهزة أمنية وليست مصالح أو مشاريع صغيرة، وهي مشكلة من أبناء المحافظات ذاتها، وهذا يعطيها المشروعية الكاملة ولها قبول مجتمعي وحاضنة شعبية، وهي محل ترحيب من أبناء المحافظات دون استثناء.
وعن ما تتعرض له قوات النخبة والحزام من وسائل إعلام حزب الإصلاح الإخواني من تشويه وإساءة، فقد قال الصالح، إن ذلك خير دليل على أن الإصلاح حزب راع للإرهاب ومفرخ للارهابيين ولهذا يعلو صوت صراخه في كل مرة تحقق قوات النخبة والحزام انجازًا أمنيًا ضد الجماعات الإرهابية.