العالم يحتفل بيوم الصحة النفسية هذا العام بظروف خاصة
يوافق العاشر من أكتوبر في كل عام اليوم العالمي للصحة النفسية، وفي حين يتساءل كثيرون عن الهدف من هذا اليوم، نجد عند قراءة الأرقام التي تتعلق بالصحة النفسية على مستوى العالم والصادرة عن "منظمة الصحة العالمية" وغيرها من المؤسسات التي تُعنى بهذا المجال، أنه لا بد من يوم عالمي يدفع الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والعاملين في هذا المجال إلى التوعية بما يُعانيه مليارات من البشر، ومحاولة إيجاد الحلول للحد من معاناتهم.
ويعيش سكان العالم في أزمات دائمة، سواء أكانت خاصة أو عامة، وتختلف تأثيراتها من شخصٍ إلى آخر.
إلاّ أنّه في الجهة المقابلة، هناك العديد من الأشخاص الذين يعانون من سوء الصحة النفسية. إذ تعدّ الصحة النفسية من مجالات الصحة العمومية المهملة جداً. فهناك مليار شخص تقريباً يعانون من الاضطرابات النفسية، مما يؤدي بهم إلى تعاطي الكحول على نحو ضار، الذي بدوره يودي بحياة 3 ملايين شخص سنوياً، فيما يحصد الانتحار روح شخص واحد كل 40 ثانية. أما اليوم، وفي ظل جائحة كوفيد – 19 تتأثر الصحة النفسية لمليارات الأشخاص حول العالم.
لهذا السبب، حشدت منظمة الصحة العالمية صفوفها مع المنظمات الشريكة، ومنظمة متحدين من أجل الصحة النفسية العالمية، والاتحاد العالمي للصحة النفسية، من أجل الدعوة في “اليوم العالمي للصحة النفسية” لهذا العام، إلى إحداث زيادة كبيرة في الاستثمارات الموجهة لقطاع الصحة النفسية.
أما عن مظاهر الاحتفال فستكون مختلفة هذا العام، نتيجة إنتشار الجائحة وستتمثل في تشجيع الناس يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر، في جميع أنحاء العالم على المشاركة في مسيرة افتراضية. وسيضم البث المباشر على مدار الساعة أشخاصاً يتمتعون بخبرة طويلة، وقادة في مجال الصحة النفسية وشخصيات مؤثرة، من فئات المجتمع المدني الناشطة في 19 بلداً، للمشاركة في الحملة المعنونة “عبّر عن رأيك”.
في حين ستقوم منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي للصحة النفسية يوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر، لأول مرة على الإطلاق باستضافة فعالية إلكترونية عالمية، بشأن التوعية والدعوة في مجال الصحة النفسية. وستسلط المنظمة الضوء في هذه الفعالية المسماة – التظاهرة الكبرى من أجل الصحة النفسية – على الأعمال التي ينجزها موظفوها في كل أرجاء العالم للحد من الأمراض النفسية والتعاطي الضار للكحول والمخدرات. وسينضم زعماء العالم وخبراء الصحة النفسية إلى المدير العام للمنظمة من أجل التحدث عن التزامهم تجاه الصحة النفسية والأعمال الإضافية التي يمكن إنجازها في هذا المجال. كذلك سيشارك موسيقيون ذو شهرة عالمية ممن رفعوا أصواتهم عالياً في الدعوة إلى أهمية الصحة النفسية، للحديث عن دوافعهم وتأدية وصلات موسيقية. كما ستشارك شخصيات رياضية من الجنسين ، ممن تأثرت حياتهم باعتلالات الصحة النفسية، للحديث عن تجاربهم وعرض طرق تعاملهم مع حالات صحية مثل الاكتئاب والقلق.
تنحصر مشاكل الصحة النفسية، في مدى إمكانية معالجتها، وهي تختلف من منطقة إلى أخرى. إذ أن هناك عدداً قليلاً نسبياً من الناس في أرجاء العالم كافّة، يُتاح لهم سبيل الحصول على خدمات جيدة في مجال الصحة النفسية. ففي البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل، تزيد نسبة الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعصبية، وتلك الناجمة عن تعاطي المخدرات دون الحصول على أي علاج لحالتهم الصحية على 75 في المائة.
وعلاوة على ذلك، لا تزال ممارسات الوصم والتمييز والتشريعات العقابية، وانتهاكات حقوق الإنسان إزاء هذه الفئة من الناس مستشرية على نطاق واسع.
وفي حين كانت خدمات الرعاية الجيدة والميسورة التكلفة، في مجال الصحة النفسية حول العالم محدودةً أصلاً قبل اندلاع الجائحة، خصوصاً أثناء حالات الطوارئ الإنسانية والنزاعات، فإن جائحة كوفيد-19 أدّت إلى تفاقم الوضع بسبب تعطيلها الصحية في شتى أنحاء العالم.
يأتي الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، في إطار التشجيع على زيادة الاستثمار في هذا المجال. بحيث لا تتجاوز النسبة التي تنفقها البلدان في المتوسط من ميزانياتها الصحية، على الصحة النفسية 2 في المائة.
ورغم الزيادة الطفيفة التي طرأت في السنوات الأخيرة، على حصة المساعدات الإنمائية الدولية المقدمة في مجال الصحة النفسية، فإن نسبتها لم تتجاوز قط 1% من إجمالي المساعدات الإنمائية المقدمة في مجال الصحة.