الخارجية الأميركية تكرم امرأة عراقية وتضعها في قائمة أشجع النساء خلال 2018 م
حملت قائمة وزارة الخارجية الأميركية، لأشجع نساء العالم في 2018 مفاجأة للعراقيين، إذ تضمّنت اسم امرأة من محافظة صلاح الدين ذاع صيتها محليا لارتباط اسمها بإنقاذ عدد من الشبان من مجزرة مروعة وقعت العام 2014، وراح ضحيتها عدد كبير من المتطوعين للتجنيد بالجيش.
واكتسى تكريم هذه السيدة خارج الحدود العراقية، أهمية لدى ذوي الضحايا، حيث فتح لهم باب الأمل في إعادة فتح ملفّ المجزرة التي لم يقتنعوا أبدا بالرواية الرسمية بشأنها، وبدا لهم أنّ أيادي نافذة وقوية في السلطة تحاول طي الملف على عجل لتجنيب المسؤولين الحقيقيين عن حدوث تلك المأساة المساءلة والملاحقة القانونية.
وجاء اسم العراقية عليا خلف صالح في قائمة الخارجية الأميركية لأشجع النساء خلال 2018، بسبب دورها في حماية أرواح العشرات من المتطوعين الشبان العراقيين، عندما اجتاح تنظيم داعش أجزاء واسعة من العراق في يونيو من العام 2014، وأسر وأعدم الآلاف من الجنود.
وتمنح جائزة “إيووك” بحسب الخارجية الأميركية للنساء اللاتي أظهرن شجاعة وقيادة استثنائية وأسهمن في تحقيق السلام والعدالة والحفاظ على حقوق الإنسان.
وعندما سيطر تنظيم داعش على مدينة تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، صيف 2014، أسر الآلاف من الشبان الذين تطوعوا للتدرّب في قاعدة أنشأها الأميركيون على بعد نحو 100 كلم شمال العاصمة بغداد.
واقتاد التنظيم أسراه إلى منطقة قصور رئاسية يعود إنشاؤها إلى عهد صدام، حيث نفذ فيهم عمليات إعدام جماعية، وألقى جثثهم في نهر دجلة، في حادثة شهيرة عرفت بـ”مجزرة سبايكر”، نسبة إلى اسم القاعدة الأميركية، التي وقعت بالقرب منها. لكن نحو 60 من الأسرى تمكنوا من الهرب وتوجهوا إلى ناحية العلم شرقي تكريت، حيث وفرت لهم قبيلة الجبور السنية، الحماية.
وأقام هؤلاء في مخابئ وفرتها لهم “أم قصي” وهي الكنية التي تعرف بها السيدة عليا خلف صالح، حتى أتيحت لهم فرصة الخروج والتوجّه بعيدا عن مناطق سيطرة التنظيم ليصلوا بعدها سالمين إلى أهاليهم.
وأثارت هذه الحادثة التي مازالت الأرقام متضاربة بشأن العدد الحقيقي لضحاياها جدلا واسعا بشأن الجهة المتسببة فيها، فيما توجّهت الاتهامات لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة عندما اجتاح تنظيم داعش أجزاء واسعة من العراق.
وكانت أكبر علامات الاستفهام تتعلق بإرسال الآلاف من الشبان العزّل جلّهم من أبناء المناطق الشيعية إلى معسكر معزول والسماح لهم بالحركة منه وإليه، في وقت كانت فيه المنطقة تشهد تهديدات متزايدة وتناميا واضحا في أنشطة تنظيم داعش.
وبالرغم من تعدد التحقيقات التي جرت لتحديد المقصّرين، إلا أنها لم تسفر عن إدانة شخصيات مهمة، فيما أعلنت السلطات المختصة لاحقا أنها ألقت القبض على عدد من المتورطين في المجزرة، ثم سرعان ما قالت إنها أعدمتهم، في ظروف غامضة.
والتصق اسم هذه المجزرة بالمالكي بوصفه المسؤول الأول عنها. ويأمل أهالي الضحايا بأن يؤدّي تكريم الخارجية الأميركية للسيدة العراقية إلى إعادة فتح ملف مجزرة سبايكر، لا سيما خلال مرحلة الدعاية الانتخابية إذ من المنتظر أن تستخدم مجددا ضد المالكي.
وبالرغم من مرور عدة أعوام على المجزرة إلاّ أن التقديرات الرسمية لضحاياها لا تزال مختلفة، وتتراوح بين 1700 و5 آلاف متطوع.
وبعد استعادة تكريت من تنظيم داعش في مارس 2015، أطلقت الحكومة برنامجا واسعا للبحث عن الضحايا، نتج عنه اكتشاف سلسلة مقابر جماعية، تضم رفات المئات من الضحايا.
ولكن العدد الذي اكتشف لا يعادل حتى أدنى الأرقام التي قدمتها جهات حكومية لعدد الضحايا، ما سلط الأضواء مجددا على ما ملف ما يعرف محلّيا بـ“الفضائيين”، وهم مجندون وهميون، مسجلون على قوائم وزارتي الدفاع والداخلية، ويتقاضون رواتب ثابتة، لكنهم لا يحضرون إلى مقرات الخدمة.
وانتشرت هذه الظاهرة في صفوف القوات العراقية، خلال ولاية المالكي الثانية وكمظهر على الفساد الكبير الذي تغلغل في مختلف مفاصل الدولة خلال فتره حكمه، فيما يسود اعتقاد على نطاق واسع بأنها كانت السبب الرئيسي لانهيار المنظومة العسكرية العراقية في وجه هجوم تنظيم داعش الذي احتل نحو ثلث مساحة البلد.
ويقول منتقدو رئيس الوزراء السابق إنّ الدافع إلى إصراره على البقاء في السلطة، في جزء منه هو الخوف من فقدان مكانته والخضوع للمحاسبة على ملفات في منتهى الخطورة ليس أقلّها سقوط الموصل ومجزرة سبايكر.