حصاد 2020.. مارادونا وبراينت يتصدران مشهد «رحيل الأساطير»
ربما اتسم 2020 بأنه العام الذي شهد اندلاع أزمة تفشي الإصابات بفيروس "كورونا" المستجد، والتي تركت أثارها على شتى مجالات الحياة ومنها المجال الرياضي بالطبع.
ولكن التاريخ سيذكر بالتأكيد أن هذا العام أيضا كان شاهدا على رحيل العديد من نجوم الرياضة العالمية ومن بينهم عدد من الأساطير الذين واراهم الثرى لكن ذكراهم ستظل حاضرة في أذهان الجميع.
وألقت أزمة "كورونا" بظلالها على عالم الرياضة في 2020 وأربكت الروزنامة الرياضية في مختلف أنحاء العالم وتسببت في تأجيل العديد من الفعاليات الرياضية الكبيرة مثل أولمبياد طوكيو وبطولتي كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) وكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا 2020) إلى العام المقبل وإلغاء بعض الفعاليات مثل بطولة إنجلترا المفتوحة (ويمبلدون) ثالث بطولات "جراند سلام" الأربع الكبرى للتنس.
وتكبدت الأندية والهيئات الرياضية واللجان المنظمة للبطولات والفعاليات الرياضية خسائر فادحة سواء على المستوى المالي أو على المستوى الرياضي بخسارة شهور بل وسنوات من إعداد أبطالها للمنافسة.
ولكن خسائر الرياضة في 2020 لم تقف عند هذا الحد وإنما امتدت لتشمل فقدان حياة عدد كبير من نجوم الرياضة من مختلف الألعاب ومن بينهم بعض الأساطير الذين أسعدوا ملايين البشر بأدائهم في الماضي ولكنهم رحلوا عن عالمنا على مدار الشهور الماضي.
وبعد أسابيع قليلة من بداية عام 2020 ، تلقى العالم صدمة بالغة اثر نبأ وفاة نجم وأسطورة كرة السلة الأمريكي السابق كوبي برايانت عن عمر 41 عاما وذلك اثر حادث أليم.
ولقي برايانت حتفه في حادث تحطم طائرة مروحية أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص من بينهم برايانت وابنته جيانا /13 عاما/ في 26 يناير الماضي.
وكان برايانت ، الذي خاض 20 موسما في دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين ، اعتزل اللعب في 2016 بعد مسيرة حافلة بالتألق والإنجازات شهدت فوزه بلقب الدوري الأمريكي خمس مرات مع فريق لوس أنجليس ليكرز.
كما ساهم برايانت في فوز المنتخب الأمريكي بذهبية كرة السلة في نسختين بدورات الألعاب الأولمبية وذلك في 2008 ببكين و2012 بلندن.
ولم تكن وفاة برايانت في هذا الحادث المأسوي سوى حلقة في سلسلة طويلة من الوفيات التي طالت نجوم وأساطير الرياضة في 2020، حيث تبعتها حلقات عديدة في الشهور التالية.
وكانت من أكثر الحلقات التي تركت أثرا عالميا وفاة أسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا في 25 نوفمبر الماضي بعد أقل من شهر على احتفاله بعيد ميلاده الستين.
ويرى كثيرون من عشاق اللعبة أن مارادونا هو اللاعب الأبرز في تاريخ كرة القدم ، ولهذا تركت وفاته صدمة كبيرة في نفوس الملايين من عشاق الساحرة المستديرة في معظم أنحاء العالم.
ورحل مارادونا عن العالم ولكن ذكراه ستظل حاضرة في الأذهان حيث صنع اللاعب الراحل مجدا لمنتخب بلاده بعدما قاده لنهائي كأس العالم مرتين؛ كانت الأولى في 1986 بالمكسيك عندما قاد الفريق للتتويج بلقبه الثاني فقط في البطولة، وكانت المرة الثانية في النسخة التالية مباشرة بإيطاليا عام 1990 لكنه خسر النهائي أمام ألمانيا.
وشهدت مسيرة مارادونا مع منتخب التانجو العديد من اللمحات الخالدة، وكان أبرزها هدفيه في مرمى المنتخب الإنجليزي بدور الثمانية لمونديال 1986 حيث أحرز الهدف الأول بيده ليشتهر بلقب "يد الله" فيما لا يزال هدفه الثاني في هذه المباراة هو الأروع في التاريخ من وجهة نظر كثيرين حيث انطلق بالكرة من منتصف الملعب مراوغا معظم لاعبي المنتخب الإنجليزي قبل أن يضع الكرة في المرمى.
كما صنع مارادونا تاريخا مع نادي نابولي الإيطالي حيث قاده للقب الدوري الإيطالي في 1987 و1990، وما زال هذات اللقبان هما كل رصيد نابولي في الدوري الإيطال على مدار تاريخه حتى الآن.
وقاد مارادونا الفريق نفسه للقبه الأوروبي الوحيد حتى الآن وذلك في موسم 1988 / 1989 بإحراز لقب كأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حاليا) .
ولعب مارادونا خلال مسيرته أيضا لفريق بوكا جونيورز الأرجنتيني العريق وفاز معه بلقب الدوري الأرجنتيني في 1981 قبل بدء رحلة احترافه الأوروبي من خلال برشلونة الإسباني.
ولم تكن حياة مارادونا على وتيرة واحدة ؛ حيث أعقبت هذا النجاح فترة عصيبة في حياة مارادونا الذي سقط عام 1991 في اختبار المنشطات حيث تبين تعاطيه مادة الكوكايين المخدرة وتلقى عقوبة الإيقاف لمدة 15 شهرا.
وبعدها بفترة قصيرة، ألقي القبض عليه في الأرجنتين بسبب تعاطي الكوكايين أيضا، وأصدر القاضي حكمه على اللاعب بالخضوع للعلاج والرعاية الطبية للتخلص من الإدمان.
وبعد انتهاء فترة إيقافه في 1992 ، رفض مارادونا العودة لنابولي واختار اللعب لأشبيلية الإسباني ولكنه استبعد من صفوف الفريق في 1993 وعاد إلى الأرجنتين حيث لعب لفريق نيويلز أولد بويز.
ومع استدعائه لصفوف المنتخب الأرجنتيني في بطولة كاس العالم 1994 بالولايات المتحدة، خاض مارادونا مباراتين فقط مع الفريق في البطولة قبل أن يتعرض للإيقاف والاستبعاد من البطولة لثبوت تعاطيه مادة إفيدرين المنشطة.
وبعد تجربتين فاشلتين في التدريب مع فريقي ديبورتيفو مانديو وريسينج كلوب الأرجنتينيين، عاد مارادونا للعب في 1995 من خلال بوكا جونيورز حيث لعب للفريق على فترات متقطعة حتى أنهى مسيرته الكروية مع الفريق في 1997.
وبين عامي 1995 و1997، خضع مارادونا لفترة علاج بمصحة سويسرية للتخلص من الإدمان.
وبعد مشاكل صحية تعرض لها في أوروجواي عام 2000 ، توجه مارادونا إلى كوبا وظل بها حتى مارس 2004 ثم عاد إلى الأرجنتين.
وتولى مارادونا تدريب المنتخب الأرجنتيني في 2008 وقاده إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقي ولكنه سقط أمام المنتخب الألماني صفر / 4 في دور الثمانية. ولكن الفريق لعب وقتها بنفس المهارة التي اتسم بها مارادونا كلاعب.
وترك مارادونا الفريق بعدها بفترة قصيرة ثم تولى بعدها عدة أندية بأماكن متفرقة من العالم مثل الوصل والفجيرة الإماراتيين ودورادوس دي سينالوا المكسيكي وخيمناسيا دي لا بلاتا الأرجنتيني.
ورغم هذا، ستظل الشهرة الأكبر للراحل مارادونا من خلال الفترة التي لعب فيها وإنجازاته كلاعب.
وكان الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) اختار مارادونا والأسطورة البرازيلي بيليه في عام 2000 للقب لاعب القرن العشرين مناصفة بينهما.
وقبل وفاته بأيام ، نقل مارادونا إلى أحد مستشفيات مدينة لابلاتا الأرجنتينية حيث عانى من الأنيميا (فقر الدم) والجفاف الخفيف. ولكن تم بعدها اكتشاف معاناته من نزيف في المخ ليخضع للجراحة. وخضع مارادونا لعملية جراحية بسبب نزيف في المخ ، وقال الأطباء إنها كانت ناجحة.
وذكرت التقارير في البداية أن وفاته جاءت نتيجة لأزمة قلبية ولم يستطع الأطباء إنعاشه.
وبعد ثلاثة أيام من وفاة مارادونا ، اتهم المحققون رسميا ليوبولد لوكي الطبيب الشخصي للأسطورة الأرجنتيني بالقتل غير العمد.
وذكرت عدة وسائل إعلام أرجنتينية نقلا عن مصادر قضائية أنه تم تفتيش عيادة لوكي في العاصمة بوينس آيرس ومنزل بإحدى الضواحي ، وأكد لوكي نفسه في وقت لاحق للصحفيين أنه يتعاون مع المدعين لكنه نفى ارتكاب أي مخالفات ، حيث قال وهو يبكي إنه "فخور بكل شيء" قام به لمارادونا.
وأجري تحقيق في مخالفات محتملة في علاج مارادونا في منزله بإحدى المناطق السكنية التي تتمتع بالحراسة في شمال بوينس آيرس خلال الأسبوعين الأخيرين من حياته.
وبعد أسبوعين فقط على رحيل مارادونا، فقدت عائلة كرة القدم العالمية أسطورة آخر هو الإيطالي باولو روسي عن عمر 64 عاما وذلك في التاسع من ديسمبر الحالي.
وذكرت التقارير الإعلامية أن روسي، الفائز بجائزة الكرة الذهبية عام 1982، توفي بسبب "مرض عضال". ونشرت زوجته فيديريكا كابيليتي صورة لهما معا وكتبت "إلى الأبد".
وقاد روسي المنتخب الإيطالي للفوز بلقب كأس العالم 1982 بإسبانيا. وبأهدافه الستة في آخر ثلاث مباريات بكأس العالم، قاد روسي إيطاليا إلى لقبها الثالث في بطولة العالم، وأصبح هداف البطولة وارتقى إلى مرتبة أسطورة كرة القدم الإيطالية.
وجاء تألقه في مونديال 1982 بعد شهرين فقط من انتهاء فترة إيقاف لمدة عامين بسبب فضيحة تلاعب بنتائج المباريات في إيطاليا خلال موسم 1979 / 1980 .
كما فقد عالم الرياضة في 2020 أحد أقطاب الرياضة العربية وهو الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الذي وصف كثيرا بأنه هرم الرياضة البحرينية والخليجية والعربية ، والذ وافته المنية عن عمر يناهز 82 عاما.
وجاءت وفاة بن راشد في 12 مارس بعد شهور قليلة من مشاهدة حلمه يتحقق بفوز منتخب بلاده البحرين بلقب كأس الخليج للمرة الأولى في التاريخ بعدما استعصى اللقب على المنتخب البحريني (الأحمر) لعقود طويلة منذ انطلاق بطولات كأس الخليج.
ويعتبر الشيخ عيسى بن راشد الأب الروحي لبطولة كأس الخليج حيث كان شاهدا على جميع نسخ البطولة منذ انطلاقتها في البحرين عام 1970 ، وحتى نسخة العام الماضي التي شهدت فوز المنتخب البحريني على نظيره السعودي في المباراة النهائية بنسخة 2019 التي استضافتها قطر.
وتقلد الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة العديد من المناصب الرياضية منها رئاسة المؤسسة العامة للشباب والرياضة بالبحرين في عام 1988 ورئاسة نادي البحرين الرياضي بالمحرق لعدة سنوات ورئاسة الاتحاد البحريني لكرة القدم منذ عام 1973 وحتى 1988 لتكون أطول فترة لأي رئيس للاتحاد البحريني للعبة.
كما ترأس الشيخ عيسى بن راشد مجلس إدارة اللجنة الأولمبية البحرينية منذ تأسيسها في 1979 وشغل منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة منذ عام 1999 حتى وفاته في عام 2020 .
وقبل أسبوعين فقط من نهاية العام الحالي ، انضم الفرنسي جيرار هوييه المدير الأسبق لفريق ليفربول الإنجليزي إلى قائمة نجوم وأساطير الرياضة الذين ودعوا عالمنا في 2020 حيث وافته المنية عن عمر 73 عاما.
وكان هوييه، الذي شغل منصب المدير التقني بالمنتخب الفرنسي ، قضى ستة أعوام كمدرب لفريق ليفربول بين عامي 1998 و2004 ، وقاد الفريق للفوز بثلاثية كأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حاليا) ، وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة المحترفة عام 2001 .
وكان هوييه ، الذي خضع لجراحة في القلب لإنقاذ حياته خلال موسم 2001 / 2002، ونجح في قيادة الفريق للعودة إلى الألقاب المحلية بالفوز بكأس الرابطة المحترفة مجددا في عام 2003 ليغادر الفريق بعد أن تولى مسؤوليته في 307 مباريات وأعاد تأسيس الفريق كقوة مؤثرة في الكرة الإنجليزية.
وسبق لهوييه أن تولى تدريب أندية لنس وباريس سان جيرمان وليون، كما كانت لديه تجربة قصيرة مع فريق أستون فيلا قبل أن يختار اعتزال التدريب في عام 2011 بعد معاناته من وعكة صحية شديدة.