لماذا لا يدين المجتمع الدولي تواطؤ الشرعية في مأرب؟
رأي المشهد العربي
إذا كانت جميع الإدانات الدولية ذهبت باتجاه تحميل المليشيات الحوثية مسؤولية الكوارث الإنسانية الأخيرة في محافظة مأرب وهي محقة في ذلك، فإن هناك طرفا مازال يتجاهله المجتمع الدولي تسبب في تفاقم تلك الكارثة يتمثل في مليشيات الشرعية الإخوانية التي تمهد الطريق أمام فرار عشرات الآلاف من النازحين في مأرب إلى الجنوب بما يحقق أهدافها السياسية.
مليشيات الشرعية الإخوانية يجب أن يجري محاسبتها على تواطؤها مع العناصر المدعومة من إيران، لأنهما يبحثان عن تحقيق هدف واحد وهو هيمنة المليشيات الحوثية على الشمال في مقابل سيطرة مليشيات الشرعية على الجنوب، ما يجعل هناك طرفين متورطين في الجرائم المرتكبة حاليا في مأرب وليس طرف واحد.
تسعى الشرعية الإخوانية من وراء تفاقم الأوضاع الإنسانية في مأرب لأن تزج بعناصرها الإرهابية إلى الجنوب بعد أن وجدت أن السبل مغلقة أمام الحشد العسكري المباشر الذي يحبطه المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال القوات المسلحة الجنوبية التي تعمل على إيقاف حشود مليشيات الشرعية الساعية لاستعادة مواقعها مجددا في أبين وتبحث عن ثغرة تمكنها من حصار العاصمة عدن.
توظف مليشيات الإخوان عشرات الآلاف من النازحين من أجل تمرير عناصرها إلى الجنوب، ويبرهن ابتعادها عن أي مواجهات تجري في مأرب وترك المهمة للقبائل التي تزود للدفاع عن أرضها وكذلك للتحالف العربي الذي أحبط جزءا كبيرا من مخططات تسليم المحافظة، على أنها تستفيد بشكل مباشر من الأوضاع الراهنة بل إنه من المتوقع أن تنخرط في مزيد من التحالفات مع المليشيات الحوثية بشأن توزيع المناطق الجغرافية بينهما تحديدا في ظل تعايش الطرفين معا في محافظة تعز.
تسعى مليشيات الشرعية الإخوانية لأكثر من هدف وراء تأزم الأوضاع العسكرية والإنسانية في مأرب، إذ أنها من جانب تسعى لاحتلال الجنوب والسيطرة على مقدراته، إلى جانب رغبتها الحثيثة نحو القفز على استحقاقات اتفاق الرياض والتراجع عن المكاسب التي تحققت على الأرض مع انسحاب قواتها من أبين وتشكيل حكومة المناصفة.
بالإضافة إلى تحقيق أهداف قوى إقليمية معادية تسعى لإفشال أدوار التحالف العربي الذي يحاول جاهدا الوصول إلى حل سياسي لن يتحقق طالما أن الشرعية الإخوانية ماضية في طريق تنسيقها مع المليشيات الحوثية، تحديدا وأن هناك رغبة تركية قطرية إيرانية في الاستفادة من الارتباك الدولي بشأن الأزمة اليمنية وتوظيف التراخي الأميركي لحصد مزيد من المكاسب على الأرض.