قطاع الملح بعدن.. ثروة اقتصادية تهدرها البسط على اراضيها من قبل متنفذين تقرير
الخميس 12 إبريل 2018 01:14:50
المشهد العربي / تقرير: هشام الحاج – بسام البان :
تعتبر صناعة الملح المعلم الثاني لمدينة عدن بعد الميناء، ويرجع مؤرخون بداياتها الأولى إلى عام 1886 عند تأسيس أول شركة لإنتاج الملح بعدن، وهي الشركة الإيطالية للملح، ولا زالت ملاحات هذه الشركة موجودة حتى الآن.
واجهت صناعة الملح في عدن - وهي إحدى أقدم الصناعات البحرية اليمنية- مخاطر حقيقية قد تؤدي إلى تدهورها، ومعوقات كثيرة ساهمت في انخفاض مستواها الإنتاجي، وذلك نتيجة غياب الدعم الرسمي للحكومة في إنعاش هذه الصناعة العريقة، ووضع حلول للإشكاليات التي تواجهها قيادة المؤسسة.
وتشير البيانات إلى أن قطاع إنتاج الملح بعدن في تزايد مستمر منذ أواخر القرن الماضي، حيث كان من أعرق القطاعات الإنتاجية في العالم جودةً، وقد حاز عام 1989 على الجائزة البرونزية، وفي عام 2001 على الجائزة الذهبية للجودة من أوروبا.
وتراكمات لفساد منظومة الإدارة في حكم نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح خلال السنوات الماضية، وما رافقها من عمليات سطو ونهب طالت ممتلكات تابعة لهذا القطاع الإنتاجي.
وبحسب إحصائيات رسمية صادرة عن قطاع الملح بعدن، فإن عمليات الإنتاج قد تراجعت خلال الأعوام العشرة الماضية، إلى أن وصلت في عام 2012 إلى 23 ألف طن سنوياً مقارنة بـ125 ألف طن سنوياً في عام 1990.
طريقة قديمة:
وتشكل صناعة الملح البحري في عدن تاريخا عريقا، وهي أقدم الصناعات التي عرفت في اليمن وتعتمد على مياه البحر، حيث يتم استخراج الملح بطريقة تقليدية بضخ الماء إلى أحواض ويترك لأشعة الشمس لترسب الملح بفعل التبخر.
ويشير رئيس قسم الدراسات والبحوث في الغرفة التجارية بعدن، نجيب بابلي، إلى تعرض هذا القطاع الإنتاجي خلال فترة حكم نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح لفساد وعمليات نهب منظم وغياب الشفافية في الأرقام المالية وبيانات الإنتاج والمبيعات.
وقال في حديث سابق مع "الجزيرة نت" إنه كانت هناك نوايا سيئة تجاه المال العام في الجنوب من قبل العناصر الفاسدة عقب حرب صيف 1994م، لتدمير هذه الصناعة العريقة، طمعاً في ردم الأراضي الرطبة والاستيلاء على مساحتها الشاسعة.
وأشار إلى أن هذه المؤسسة التي كانت تمثل ميزة أرقى في الحفاظ على المال العام، بدأت في الانحسار خلال السنوات الماضي بعد قيام النظام السابق بضمها لقطاعات المؤسسة الاقتصادية اليمنية.
مساع للإنعاش:
وتمتلك مؤسسة الملح بعدن مساحات شاسعة من الأراضي يجري الصراع حولها منذ سنوات، تقدر بتسعة ملايين متر مربع وتمتد على بعد ثلاثة كيلومترات من ميناء عدن الشهير، على موقع استراتيجي يقع في قلب المدينة التي تعد العاصمة الاقتصادية والمؤقتة لليمن.
ويرجع مدير عام قطاع الملح بعدن الأخ "ناصر الحسني" انخفاض مستواه الإنتاجي إلى الوضع العام الذي مرت به البلاد خلال العشرين عاما الماضية، والحرب الأخيرة على عدن، والذي قال إنه اتسم بالتجاوزات والفساد والنفوذ وغياب القانون.
وأكد "الحسني" أن هناك مساعي تبذل حالياً لإنعاش عملية الإنتاج وتصدير الملح العدني الى مختلف دول العالم.
وأضاف في تصريحه بذلنا جهود في إعادة الروح والعافية إلى المؤسسة حفاظاً على مرفق عزيز على قلوب أبناء عدن كأول مشروع استثماري في مدينة عدن وتعد الممالح رمز ومعلم يحتل مكانه في قلوب أهالي مدينة عدن لإرثه التاريخي ولموقعة ومتوسطة للمدينة لمتنفس بيئي ومحمية للطيور المهاجرة على جانبي المملاح .
وأضاف "لدينا ملف متكامل بشأن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها خلال السنوات الماضية، وإقامة محطة بنزين وزيوت فيها بما يهدد صناعة الملح بأضرار بيئية، وسنقوم بتقديم جميع هذه الوثائق للجان معالجة مشكلة الأراضي في الجنوب المشكّلة بقرار من الرئيس هادي لاستعادة هذه الأراضي".
استئناف عمليات تصدير الملح للخارج:
استعادت المؤسسة العامة للملح، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، نشاطها مجدداً، بعد توقفها المستمر لأكثر من عامين، إثر الحرب التي شنّها الحوثيون والموالون لعلي صالح على المدينة مطلع مارس 2015م.
وصدّر قطاع الملح بعدن العام الماضي أولى شحناته بوزن 550 طن ، من الملح الخام إلى جزر سيشيل في إسبانيا، ليمثّل ذلك رافداً اقتصادي للمؤسسة ولمحافظة عدن، وللدولة بشكل عام، وخلال العام الحالي تم تصدير شحنة جديدة الى جزر سيشيل في اسبانيا بوزن 1000 طن، مؤكداً انهم غير راضين بمستوى عمليات التصدير، وانهم يسعون الى توسعة نشاط التصدير ليصل الى مختلف دول العالم، كونه الملح الأفضل عالمياً.
وقال مدير عام المؤسسة، ناصر الحسني، إن المؤسسة جاهزة لتغطية كل الطلبات المحلية والخارجية، وإن عملية استئناف الصادرات يأتي ضمن عملية تطبيع الأوضاع، وإعادة عمل المؤسسات المتضررة بفعل الحرب، وتفعيل المجال الاقتصادي، في العاصمة المؤقتة عدن.
وتعدّ صناعة الملح في عدن، جنوب البلاد، من أقدم الصناعات البحرية في اليمن، كما كانت واحدة من أبرز معالم مدينة عدن.
مؤسسة الملح" تنفض غبار الحرب:
عانى قطاع الملح بعدن من جراء الحرب مثله مثل بقية المؤسسات والمرافق ولكن استطاعت المقاومة الشعبية بعدن المحافظة على ممتلكات ومعدات وجرافات المؤسسة خلال فترة الحرب، ولم نفقد شيئاً ولكن عانينا من الإهمال والتسيب الذي طال القطاع خلال الفترة الماضية خاصة وأنها تحولت من مؤسسة إنتاجية حققت أرباح في الأعوام 2006و2007م بربح صافي 306 و347 على التوالي.
وصرح الأخ "ناصر الحسني" مدير قطاع الملح بعدن قائلاً: لقد استلمنا المؤسسة دون كهرباء ومعدات ومضخات لا تعمل وأحواض تحتاج إلى تأهيل ووضعية شبه منهارة.
واستطرد قائلاً: بدأنا بجهود ذاتية مخلصة بتشغيل المضخة الكبيرة وملئ الأحواض لإعادة تأهيلها من جديد لتكون جاهزة للإنتاج ولدينا مخزون من الملح ولكن فقدناه بسبب الحرب أسواق مهمة في تعز وأب والتصدير واقف.
وتطرق في تصريحه إلى أنه لا يمتلك ميزانية ليس لتطوير المؤسسة بل ما نحتاجه لاستكمال مصنع التكرير الذي أنجز 80% الذي سوف يعطي دفعة قوية للمؤسسة كما تحتاج أيضاً إلى ترميم الساقية الرئيسية وشراء آليات خاصة وإننا نعاني من معدات وآليات قديمة.
منوهاً من خلال تصريحه أنه وبمساعدة المخلصين من موظفي وعمال المؤسسة لم نقف مكتوفي الأيدي أما الوضعية السيئة للمؤسسة واستطعنا أن نخطو بها خطوات نحو العافية ولكننا نحتاج إلى رصيدنا في البنك إلى المديونية لدى المؤسسة الاقتصادية البالغ 200 مليون ريال ونحتاج إلى مساندة ودعم الحكومة التي شرحنا لها وضعيتنا ووعدنا رئيس الوزراء بواحد ميجا مولد كهرباء والذي لم يتحقق حتى اللحظة بالرغم من شدة حاجتنا إلى مولد كهربائي كبير إلى جانب مولد صغير وفرنا بمجهود شخصي.
معاناة مستمرة وبسط على أراضي المؤسسة:
يواجه قطاع الملح بعدن الكثير من العوائق والمشكلات أبرزها عمليات البسط على أراضي المؤسسة والذي يسبب قلق وإرباك لعملنا قائلاً لم نتخلص من الباسط على أرضنا المدعو العصيمي والذي استولى في فترة سابقة على أجزاء مهمة من أرض المملاح وبنى محطة بترول ومصنع بردين ومنشأة أخرى مضرة تسبب لنا تلوث بيئي إلا قام عدد أخر بالاعتداء ومحاولة انقطاع أجزاء من المملاح وقمنا بمواجهتهم ونقلنا الأمور للمحافظ والذي حولنا للشؤون القانونية ومن خلال صحيفتكم الغراء نناشد السلطة المحلية وعلى رأسها المحافظ ومدير الأمن بمساعدتنا في التخلص من أولئك الذين يسببون لنا تلوث بيئي خاصة ونحنا ننتج مادة استهلاك.
وفي هذا الصدد أوضح مدير القطاع أنهم بصدد رفع قضية ضد اراضي وعقارات الدولة ومطالبتهم بإيقاف العقود المصروفة لمواطنين ومتنفذين في أراضي المملاح.
واكد "الحسني" ان هناك جهة أمنية في منطقة العريش لاتعمل للمصلحة العامة، وهناك تقاعس من قبلهم وفوضى في ازدواجية القرار، ونطالب الجهات ذات العلاقة بتحييد النزاعات الشخصية والنظر الى مصلحة البلد.
مؤخراً تجاوزت قيادة القطاع ممثلة بمديره العام الأخ "ناصر الحسني" الكثير من العقبات والعراقيل، وبذلت المزيد من الاهتمام بهذه المؤسسة الإنتاجية والتي تعتبر رئة عدن ومعلم ورمز وإرث تاريخي فملاحات عدن تعتبر من أقدم الملاحات في العالم مع هولندا التي تعتبر ملاحاتها رمز لبلدها.
اراضي عدن توضح بشأن عمليات البسط:
أكد مدير مكتب رئيس مصلحة اراضي وعقارات الدولة "سامح جمال" أن صرف العقود للأراضي التابعة لقطاع الملح تمت بعد العام 94م، واستمرت عملية الصرف، ولكن هناك توجيهات رئاسية صدرت مؤخراً الى رئيس هيئة مصلحة اراضي وعقارات الدولة قضت بتوقيف كل الاجراءات الخاصة بصرف العقود لأراضي تابعة لقطاع الملح بعدن، ومنذ صدور توجيهات فخامة رئيس الجمهورية لم تتم أي حالة صرف اراضي.
واكد الأخ "سامح جمال" انه وضمن سياق القانون لا يمكن أن تلغي أي عقد موثق في السجل العقاري إلا بقرار من المحكمة تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية، مشيراً الى انه بما يخص اراضي قطاع الملح فقد أصدر رئيس مصلحة الاراضي "باحارثة" توجيهات بوقف أي اجراءات تخص اراضي المؤسسة العامة للملح بعدن بصفة خاصة واراضي المؤسسة الاقتصادية بصفة عامة.