القضية الجنوبية من الظل إلى العلن
رأي المشهد العربي
استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي أن ينقل القضية الجنوبية من الظل إلى العلن بعد أن ظلت غائبة عن الفعاليات الدولية والإقليمية طيلة السنوات الماضية، وبرهنت الاجتماعات التي عقدها الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، خلال الأسبوع الماضي، ومن قبله، عمرو البيض ممثل رئيس الانتقالي للشؤون الخارجية على أن هناك مخالب دبلوماسية للانتقالي استطاعت أن تجعل القضية الجنوبية على رأس أولويات المجتمع الدولي.
كانت المشكلة الأكبر التي تجابه القضية الجنوبية أنها ليس لديها هيئة أو كيان سياسي يجيد التحدث باسمها ويعبر عن مطالب أبناء الجنوب العادلة، وهو أمر استغلته قوى الاحتلال اليمني التي عمدت بكل قوة إلى تقسيم أبناء الجنوب ودفعهم نحو الانضمام لكيانات سياسية تحمل كلمة "الجنوب"، لكنها تعمل لصالح تلك القوى الإرهابية.
يشكل تأسيس المجلس الانتقالي في العام 2017 أول هزيمة لحقت بتلك القوى التي هيمنت على مقدرات الجنوب منذ تسعينيات القرن الماضي، وبالتالي فإنه قوبل بحملات إعلامية وسياسية وعسكرية مستعرة داخليا وخارجيا غير أن الانتقالي استطاع تجاوز كل هذه الصعاب وخاض معارك طاحنة مع تلك القوى انتهت بإرغامها على الاعتراف به من خلال اتفاق الرياض الموقع قبل عام ونصف تقريبا.
استطاع الانتقالي أن يجعل الجنوب رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في سبيل الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وهو أمر أدركه جيدا المجتمع الدولي وتحديدا الأمم المتحدة التي عمدت إلى تنويع اللقاءات مع قيادات المجلس على مدار الأشهر الماضية، كما أن قوة الانتقالي كانت سببا مباشرا في إجهاض الطلب المشترك الذي تقدمت به الشرعية الإخوانية ومليشيات الحوثي وهدف لاستبعاد الجنوب من الحل، وتمكن الانتقالي من توصيل وجهة نظره التي ظلت غائبة لسنوات طويلة عن المجتمع الدولي.
لن يستطيع أحد أن يُعيد القضية الجنوبية إلى الظل مجددا، بعد أن استطاع الانتقالي أن ينوع علاقاته ولقاءاته المهمة مع أطراف دولية عديدة، وأضحت قضية الجنوب راسخة في عقل أي طرف دولي يقود مفاوضات السلام المقبلة، وهو ما يشكل نجاحا باهرا على أبناء الجنوب أن يحتفوا به، ويشكل مقدمة فعلية لاستعادة دولة الجنوب التي سوف تعود مجددا طالما أن هناك قيادة جنوبية تسخر جميع إمكانياتها لخدمة قضيتها.