إعلان صالح والحرب على الجنوب.. 27 عامًا على النكبة التي سرقت الوطن
"27 عامًا مرّت على ذلك اليوم الذي سرق فيه الجنوب من أهله، اليوم الذي أُشهرت فيه يد العدوان لتسلب الأرض من أصحابها، اليوم الذي غربت فيه شمس الجنوب ولم تشرق حتى اليوم".
في مثل هذا اليوم، 27 أبريل، عام 1994، ظهر علي عبد الله صالح في ميدان السبعين معلنًا الحرب على الجنوب، فالرجل - الواقف الآن بين يدي الله - حرّك أذنابه وعناصره ومسلحيه لشن واحدة من أشد الاعتداءات فتكًا.
جيش "صالح" الذي دُعِّم بالكثير من العناصر الإرهابية نفّذت عدوانًا غاشمًا على الجنوب، قُتِل على إثره الكثير من الأبرياء، وذلك في أعقاب سلسلة طويلة من الفتاوى الإخوانية المتطرفة التي وصلت إلى حد "تكفير الجنوبيين".
مهمة إلحاق الإرهابيين بالجيش المعتدي تولاها جنرال الإرهاب علي محسن الأحمر، الذي سافر بنفسه إلى أفغانستان وكان قد التقى بالإرهابي أسامة بن لادن أحد قيادات التنظيم في ذلك التوقيت، حيث نشأت علاقة وطيدة بينه وبين تنظيم القاعدة الإرهابي، وبات هذا "الأخير" سلاحًا يتم تحريكه في العدوان على الجنوب.
إعلان صالح بالحرب على الجنوب تزامنت معه الكثير من الدعوات والفتاوى بجواز قتل الجنوبيين واستباحة أراضيهم ونهب ثرواتهم، وقد حدث ذلك بالفعل في العدوان الشمالي الغادر.
عدوان الشمال على الجنوب كان ممزوجًا بخطاب ديني واضح للعيان، استعان فيه صالح بالإرهابي الإخواني عبد المجيد الزنداني الذي أشرف على تهيئة العناصر المعتدية نفسيًّا وحشو عقولهم بالكثير من الآراء المتطرفة ضد الجنوب، تجهيزًا لارتكاب صنوف ضخمة من الاعتداءات ضد المواطنين.
صالح أعلن في خطابه المشؤوم الذي تحل ذكراه اليوم، أنّ الحرب مسعاها الحفاظ على الوحدة، لكن الأيام أثبتت أنّ هذا العدوان كان هدفه الأول والأخير هو احتلال الجنوب بشكل كامل وفرض الهيمنة الغاشمة على أراضيه طمعًا في عديد الثروات التي يزخر بها.
مساعي الشمال في هذا الإطار تجلّت واضحةً في السطو على ممتلكات الجنوبيين والسيطرة على مؤسساته وقطاعاته، فمع بداية العدوان الغاشم أوقف صالح صرف الرواتب وحال دون تمكين المواطنين من مباشرة أعمالهم، وهو ما فاقم من الأزمة الإنسانية بشكل كبير، لا سيّما مع الكشف بأنّ هذا العدوان أدّى إلى تشريد نحو نصف مليون جنوبي.
على الصعيد الأمني كان الوضع شديد السوء أيضًا، فالعدوان تضمّن العمل على نزع أسلحة الجيش الجنوبي وإحداث أكبر تدمير ممكن في البنية التحتية، بالإضافة إلى نشر تنظيم القاعدة الإرهابي لا سيّما في محافظة أبين التي تحوّلت في فترة من الفترات إلى بؤرة انتشار لهذا التنظيم الإرهابي.
تفاقم صنوف الاعتداءات التي شنّها العدوان الشمالي برهنت على القدر الكبير من الكراهية والحقد على الجنوب وشعبه، وأنّ هذه الحرب الغاشمة سعت بشكل مباشر إلى السطو على الهوية الجنوبية بشكل كامل.
مرّت كل هذه السنوات ولا تزال الحرب على الجنوب قائمة الآن، واللافت أنّها تظل بنفس الأساليب المتبعة سواء أمنية أو عسكرية أو سياسية أو التهميش وخلق الفتن وإثارة الصراعات، ضمن المخطط الغاشم الذي يُنفّذه حاليًا نظام الشرعية المخترق إخوانيًّا ضد الجنوب.
وكما قاوم الجنوبيون عدوان 1994 ببسالة وجسارة في مواجهة آلة البطش الشمالية، فإنّ المواجهة ذاتها تتكرر الآن في ظل عديد الانتصارات التي حقّقها الجنوبيون في مواجهة الحرب الراهنة التي تشنها المليشيات الإخوانية الإرهابية.
حرب الإخوان الراهنة على الجنوب تصطدم بجهود ضخمة من قِبل القوات المسلحة الجنوبية التي تُسطّر أعظم الملاحم في الدفاع عن الوطن، بالإضافة إلى قيادة سياسية واعية وحكيمة تدير تتعاطى مع مجريات القضية بما يتماشى مع تطلعات الشعب.