علماء من الأزهر الشريف إلى الهند: الشيخ زايد كان قائدًا فريدًا ورمزًا للعطاء الإنساني
أكد عدد من علماء الدين بمختلف دول العالم، أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، كان قائداً فريدًا، يطبق الأمر السماوي، فلم يفرق في تعامله بين شخص وآخر، وامتدت أياديه البيضاء وأعماله الصالحات في بقاع الأرض، دون نظر للون أو جنس أو معتقد.
وفي ضوء ذلك قال فضيلة الدكتور محمود منصور أستاذ التفسير بجامعة الأزهر: إن المغفور له (طيب الله ثراه)، رمز العطاء الإنساني، والمثل الأعلى والقدوة، الذي أحبه الصغير والكبير والقاصي والداني. تمتع بفطرة سليمة، وتربية قويمة وهمة عالية، وأشار فضيلته إلى أن الشاعر العربي المعروف بالحطيئة، أنشد أمامَ عُمَرَ بن الخطاب -رضي الله عنه- بيتاً من الشعر، يُعدُّ من أروع ما قالت العرب في بيان جزاء الإحسان، حيث قال:
مَن يعملِ الخيرَ لا يَعدَمْ جوازيَه * لا يذهبُ العُرفُ بين اللهِ والنَّاسِ.
أنشد الحطيئةُ عُمَرَ هذا البيت، وكعبُ الأحبار عنده، فقال متعجباً: «يا أميرَ المؤمنين مَنْ هذا الذي قال هذا؟ هو مكتوب في التوراة! فقال عمر: كيف ذلك؟ قال: في التوراة مكتوبٌ: «من يصنع الخيرَ لا يضيع عندي، لا يذهب العُرْف بيني وبين عبدي».
وأضاف فضيلته: يقفز إلى أذهاننا هذا الموقف بكل ما اشتمل عليه من معانٍ سامية، ونحن نعيش ذكرى وفاة المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيَّب الله ثراه وجعل الجنَّة مثواه- ذلكم الرَّجل الذي أجرى الله الخير على يديه، فكان بفطرته السليمة، ونفسه المستقيمة، وتربيته القويمة، وهمته العالية، وذكائه الوقَّاد، وإرثه العربي الأصيل، أسوةً حسنةً، وقدوةً صالحةً، ومثلًا أعلى، يقتدي به، ويتأسى بصنيعه كلُّ إنسانٍ يريد أنْ يكون سبباً في نفع النَّاس، وإدخال السرور على قلوبهم.
وتابع فضيلته: لقد كان -رحمه الله- منفوحاً من الله، وممدوداً بعطائه، جعل اللهُ له القبول، وكتب له المحبة في قلوب عباده، فلا عجب أنْ أحبَّه الصغيرُ والكبيرُ، والقاصي والداني، فإنَّ هذه المحبة ما هي إلا ثمرةٌ يانعةٌ من ثمار أعماله الطيبة، أراد الله -تعالى- بفضله وعطائه أن يحوزها الشيخ زايد -رحمه الله- فتُرجِمت هذه المحبة دعواتٍ صادقة، ورحماتٍ متتابعة، تلهج بها القلوبُ قبل الألسنة، وتنطق بها الأفئدة، قبل أن تصوغها الشِّفاه عباراتٍ رقيقة، تُنْبيك عن مقدار هذا الرجل، ومكانته في قلوب النَّاس، وكان -رحمه الله- رمزاً من رموز العطاء الإنساني، الذي لم يقتصر عطاؤه ونفعه على أبناء بلدته، ولا أبناء أمَّتِه العربية والإسلامية فحسب، بل تجاوز عطاؤه حدودَ الزمان والمكان.
وقد أثمر عطاؤه الطيّبُ ترسيخاً لمبدأ الإخوة الإنسانية، وصيانةً للكرامة، وغرساً للقيم الفاضلة، ولا أدلَّ على ذلك من أنَّ دولة الإمارات العربية -منذ تأسيسها وإلى يوم النَّاس هذا- هي قبلة التسامح، وعاصمة السلام، يعيش على أرضها، ويستظل بسمائها، ويأكل من خيراتها، أقوامٌ تختلف لغاتهم، وأديانهم، وألوانهم، لكن تجمعهم إخوة الإنسانية، وروح التسامح، التي غرس بذرتها، وروى شجرتها، ورعى بستانها، الوالد المؤسس الشيخ زايد -رحمه الله- ومن ثمَّ لا يُذكر اسم الشيخ زايد في بلدٍ من البلاد، إلا وتجده مقروناً بعبارات المدح والثناء، وهذه بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي قال فيها: «إذا أحبَّ اللهُ عَبدًا عسَّلَه. قالوا: ما عسَّلَه يا رسولَ اللهِ؟ قال: يُوفِّقُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَي أجلِه، حتَّى يرضَى عنهُ جيرانُه، أو قال: مَن حولَه»، وغَمَرَ اللهُ الشيخ زايد بمغفرته وفضله، وأنزل عَلَيْهِ شآبِيبَ رَحْمَتِهِ، وجعل ما قدَّمه لبلده وأمته وإنسانيته في ميزان حسناته، يوم يقوم النَّاس لربِّ العالمين.
قال الشيخ إبراهيم الخليل البخاري رئيس جامعة معدن للثقافة الإسلامية بكيرالا الهند وأمين عام جماعة مسلمي كيرالا: إن هذه مناسبة عزيزة على قلوبنا جميعاً، حيث نحتفل بيوم زايد للعمل الإنساني تزامناً مع رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولا يوجد خلاف على أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هو رمز الخير ورائد العمل الإنساني ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة أو في المنطقة فقط، وإنما أيضاً على مستوى العالم أجمع. وكان نهج الشيخ زايد في منح المساعدات لا يرتبط بحواجز جغرافية أو إثنية أو قومية أو دينية. فكان عطاؤه يصل إلى كل من يحتاج إليه، أياً كان بلده أو دولته، وأيا كان انتماؤه ومذهبه.
وذكر أن العطاء الذي كان يقدمه الشيخ زايد طوال حياته لم يكن يرتبط بمصالح شخصية ضيقة، ولم يكن يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية أو طلب تأييد أو دعم لمواقف معينة، حيث كان دائماً ما يذكر في مقابلاته، فكان يقول:(إن الله کرم الإنسان وأعلاه، فكيف لا نكرمه نحن..).
وأكد فضيلته أن عطاء زايد كان نابعاً من قلبه المخلص واستفادت منه البشرية جمعاء، ولم يكن محروماً عن قوم دون قوم، وعن عرق دون آخر، وعن طائفة دون أخرى، ومعظم بقاع العالم نالت مكارمه المباركة، ويشهد بذلك جميع الأمم والشعوب من كافة ربوع المعمورة، وكان ينظر إلى من حوله بعين الإنسانية والرحمة، لا بعين تتجسس المصالح الذاتية، فنال من الله بركة ويمناً، وألقى الله محبته في قلوب الناس.
وأوضح فضيلة الشيخ إبراهيم البخاري: «لذلك نرى أن عطايا الشيخ زايد ومكرماته والمساعدات الإنسانية والتنموية التي قدمها للعالم لم تتوقف، بل انتشرت في جميع دول العالم في الغرب كما في الشرق، وفي الشمال كما في الجنوب. وقد سارت القيادة الرشيدة على خطى ونهج والدهم المؤسس، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث عززت من دور الدولة الإمارات الإنساني، ما جعل الإمارات تتبوأ المرتبة الأولى عالمياً في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية عالمياً.
ويجدر بالذكر أن يوم زايد للعمل الإنساني لهذا العام يتزامن مع وقت أدرك فيه العالم أن أهم الوسائل العملية للتغلب على أزمة كورونا، هو تعزيز ثقافة العمل التطوعي والعطاء المجتمعي والإنساني التي غرسها الشيخ زايد في قلوب بني البشر.
أكد فضيلة الشيخ أبوبكر أحمد مفتي الديار الهندية، أنه حينما تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 19 رمضان من كل عام بـ «يوم زايد للعمل الإنساني» لا يسعنا، نحن الشعب الهندي، إلا التكاتف والمشاركة في هذه الاحتفالية بالدعاء والابتهالات إلى المولى عز وجل للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ورغم مضي عدة سنوات على رحيل الفقيد مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها الحضارية، فلا تزال ذكرياته الخالدة محفورة في ذاكرتنا وراسخة في نفوسنا، وعرفاناً بجميل ما قدم للبشرية.
وأضاف: نحن إدارة جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية بكاليكوت كيرالا الهند، لا تزال تقوم بتنظيم مبادرة قراءة مليون «الفاتحة» على روحه الطاهر بمناسبة انعقاد المؤتمرات السنوية التابعة لها كل سنتين.
وتابع فضيلته: لا يشك اثنان بأن شخصيته انجذب إليها ملايين الشعوب على طوال خارطة العالم، وتجاوزت عبقريته حدود الدولة التي أسس أركانها ورسخ بنيانها حتى كان له نفوذ قوي في الاستيلاء على آلاف القلوب والنفوس على مستوى العالم، وتأثيره في نفوس قوم خارج دولته والذين لم يروه مدة حياته، حتى احتضنه وجدانهم بالحب والحنان، يتجمعون مبتهلين أمام الله لأن يرحم المغفور له، لمجرد علمهم بأنه كان السبب الرئيسي لارتفاع مئات المساجد والمؤسسات الإسلامية في بلادهم، بل حتى لإيقاد النار في بيوتهم.
ولا يختلف اثنان في تلك الحقيقة التي استمرت طوال العقود الأربع الماضية بأنه ما من لبنة في منزل أحد من الهنود ولا في مسجد من المساجد، إلا وللإمارات فيها حظ ملحوظ في تأسيسها وبنائها، ولولا ينابيع السخاء التي تجري من هذه الدولة إلى مختلف أنحاء الهند لتحولت صورتها الاقتصادية إلى أبشع حالة.
وقال فضيلته: إن الأعمال الخيرية التي قامت بها دولة الإمارات في الدول الفقيرة، موروثة من المغفور له، وبالخصوص في تلك المناطق المنكوبة التي دمرتها تسونامي وغيرها من الكوارث الطبيعية في الهند خير شاهد على اهتمام هذه الدولة في وقوفها وتضامنها مع الشعوب المتضررين، وحجم ما بذلته دولة الإمارات من المساعدات المادية لهؤلاء المنكوبين يفوق بحد كبير على ما بذله كثير من الدول المتقدمة، وقد توارث حكام هذه الدولة من مؤسسها تلك الأخلاق والسلوكيات التي انتهجها في حياته وقاموا بتطبيقها خطوة تلو أخرى، حتى ظلت هذه الدولة نموذجاً رائعاً يقتدي به جميع الدول، والأيادي البيضاء التي مدتها الإمارات إلى مختلف الدول العالمية، إثر انتشار جائحة فيروس كورونا، وإمداداتها الطبية والمستلزمات اللازمة خير دليل على هذه الحقيقة.
وقال أبوبكر أحمد مفتي الهند: "كان الشيخ زايد، رحمه الله، رمزاً للجود والسخاء، ومهما كان له من بسط ورخاء أحب أن يعيش بسيطاً متواضعاً، وقد تذوقت تلك العبقرية جوع الفقراء فاشتاق قلبه أن يجلس معهم، وقد شم ذلك الرجل رائحة العرق الذي يسيل من جسد العمال، فكان يسارع إلى أن يجازيهم قبل أن يجف، وكان نموذجاً يحتذى به في كل خير، ولكل من يقود زمام دولة من الدول، وكان له رؤية ثاقبة تجدر أن تدون بمداد ذهبي في صفحات التاريخ، استشعر بأن القوة في الاتحاد، وأن البركة في التحالف، فدعا قادة الأمة إلى مائدة مشاورته، وأسس دولة هي الآن في مصاف الدول العظمى بسياستها الحكيمة.