إنهاء الحرب مهمة تتجاوز قدرات المبعوث الأممي
رأي المشهد العربي
اقتربت مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من الانتهاء بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أنه سيتولى منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فيما تشير الترشيحات إلى أن وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني السابق للشرق الأوسط، أليستر بيرت، سيكون مبعوثا أمميا خاصا باليمن، بدلا منه، وهو ما فتح بابا جديدا من الجدال حول فرص الوصول إلى سلام مع تعيين مبعوث أممي جديد.
يعد غريفيث هو ثالث مبعوث أممي في اليمن منذ العام 2011، فكانت البداية مع جمال بن عمر والذي لم يحقق شيئاعلى الأرض سوى أنه قدم اقتراحا يساعد المليشيات الحوثية الإرهابية على أن تصبح تنظيما سياسيا يشارك في الحكم، وأتى من بعده إسماعيل ولد الشيخ أحمد والذي حاول أن يصل إلى اتفاق نهائي بوقف العمليات العسكرية لكن أفشلته المليشيات الحوثية التي انقلبت على الاتفاق، قبل أن يجري تعيين غريفيث الذي قدم مبادرات عديدة للحل كان آخرها ما اسماه بمبادرة "الحل الشامل"، لكنها لم تجد طريقا للتنفيذ حتى الآن في ظل تصعيد حوثي مستمر.
سيكون على المبعوث الأممي الجديد إما السير على ما انتهجه غريفيث ولم يؤد إلى شيء، أو البدء من نقطة الصفر وفي تلك الحالة سيأخذ وقتا طويلا حتى يصل إلى طريق يمكنه من تحقيق هدفه الذي جاء من أجله ويتمثل في وقف الحرب الحوثية، وفي كلا الحالتين فإن أي تقدم على الأرض سيكون مقترنا بتوافق جميع الأطراف على إنهاء الصراع الحالي والبحث عن حل سياسي شامل.
لن يستطيع المبعوث الأممي الجديد إحداث تقدم على الأرض طالما استمر التنسيق والتعاون بين المليشيات الحوثية الإرهابية والشرعية الإخوانية وطالما استمر المبعوث الجديد في سياسية غض البصر عن هذا التحالف ولم يستطيع أن يضع حدا فاصلا بين الطرفين من خلال مجلس الأمن الذي سيكون عليه التدخل وفقا للفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة لإنهاء النزاع، إلى جانب توقيع عقوبات صارمة على الأطراف التي تعمل على إطالة أمد الصراع.
إذا كان هناك رغبة صادقة لإنهاء الصراع فإن المبعوث الجديد سيكون عليه أن يبحث عن حل شامل يضم جميع الأطراف وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره ممثلا شرعيا ومعترفا به لحل قضية الجنوب، وأن يتجاوز رغبة الأطراف الإقليمية المعادية التي لا تسعى للوصول إلى اتفاق شامل يُنهي الأزمة من جذورها، والحديث هنا عن تركيا وإيران وقطر إلى جانب قدرته على حشد أكبر دعم دولي للحل شريطة أن يكون هذا الحل في شكل خطوات عملية على الأرض وليس مجرد مواقف كلامية.
تحقيق كل هذا على الأرض يتطلب مجهودا خرافيا يمكن القول إنه يفوق قدرات أي مبعوث أممي مهما كان اسمه لأنه يتوقف بالأساس على رغبة المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة اليمنية، وطالما لا تتوفر هذه الإرادة فإنه لا سبيل للوصول إلى حل مهما تعددت المبادرات والاتفاقات وطرق الحل.