انحناء إيران نحو السلام يُفجر صراعا داخليا لدى المليشيات الحوثية
بدت إيران أكثر استجابة للضغوطات التي تمارسها عليها قوى إقليمية عديدة للانخراط في جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب الأمم المتحدة، وهو ما انعكس على هدوء جبهة مأرب وانزواء حدة الطائرات المسيرة التي تُطلقها العناصر المدعومة من إيران تجاه المملكة العربية السعودية، غير أن ذلك أشعل خلافا داخليا في صفوف المليشيات الحوثية.
تسعى التيارات المتنازعة داخل المليشيات الحوثية للحصول على أكبر قدر من المكاسب قبل الاتجاه نحو السلام، لإدراكها بأن رأس مالها بالأساس يقوم على تجارة الحروب، وأن إيقاف الحرب التي شنتها المليشيات منذ العام 2014 يُعني أنها ستتعرض لخسائر فادحة على مستوى التجارة التي عمدت على توسيعها خلال سبع سنوات ماضية.
وترتكز تجارة الحروب التي تحترفها القيادات الحوثية على سرقة موارد ومقدرات الدولة، إلى جانب توسيع عمليات الجبايات بحق المواطنين، والارتكان على تجارة السوق السوداء وغالبا ما ترتبط بالوقود والمشتقات النفطية وبعض مواد الأغذية، ونهاية بتهريب السلاح الذي يصل بشحنات كثيفة من إيران وقد يتقلص بعد أن أفصحت الولايات المتحدة عن شحنة بحر العرب الأخيرة.
لا تسعى المليشيات الحوثية بأي حال للوصول لاتفاق سلام لأن ذلك يعني توقف العديد من جرائمها التي اعتادت على ارتكابها طيلة السنوات الماضية، ولن تكون على استعداد لتغيير منهجيتها القائمة على القتل والتشريد والتخريب، وبالتالي تلجأ إلى الصراعات الداخلية بحثا عن تركة النفوذ التي تمكنها من الاستمرار في جني المكاسب خلال السنوات المقبلة.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين فصائل من مليشيا الحوثي الإرهابية في المدخل الشرقي لمدينة صنعاء بسبب خلافات على الجبايات المحصلة من شاحنات الوقود والبضائع في نقاط التفتيش.
قالت مصادر قبلية لـ "المشهد العربي" إن القيادات الحوثية من أبناء مديرية نهم نصبت نقطة تفتيش في منطقة محلي لتحصيل جبايات لحسابهم، وطالبوا بتسليم بقية النقاط لهم، غير أن هذه الخطوة أثارت غضب القيادات الحوثية من أبناء صعدة.
وأوضحت أنهم حشدوا عناصرهم وهاجموا قيادات المليشيات الحوثية المنتمية إلى نهم بقيادة المدعو صالح الشتوي، وسيطروا على النقطة بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل ثلاثة مسلحين من الطرفين وجرح آخرين.
وأضافت المصادر أن قيادات المليشيات المنتمين إلى نهم ردوا بالهجوم على النقطة وسيطروا عليها مجددًا، كما أسروا القيادي الحوثي القادم من صعدة المدعو صالح الشتوي ونقلوه الى منطقة جبلية حصينة بين نهم وأرحب.
وبينت المصادر أن قيادات المليشيا المدعومة من إيران، بينهم القيادي النافذ أبوعلي الحاكم وصل إلى نهم لتهدئة التوتر وتسلم القيادي الشتوي على أن يمنح أبناء نهم نقطة تفتيش لتحصيل إيراداتها.
وكانت اشتباكات مماثلة قد اندلعت في مديرية نهم بسبب خلافات بعد منع نقاط تفتيش حوثية عبور قاطرة نفطية تابعة لقيادي حوثي من نهم إلى صنعاء.
فيما أشارت صحيفة الإمارات اليوم، إلى أن مليشيا الحوثي بتنفيذ 76 عملية بين عناصرها، منذ مطلع العام الجاري، منها 43 عملية اغتيال، بينما فشلت 33 محاولة، وكشفت في تقرير نشرته أمس الأحد، أن بعض العمليات أسفرت عن وقوع إصابات متفاوتة، مشيرة إلى أن معظم محاولات الاغتيال قيدت ضد مجهول.
وأرجعت جرائم الاغتيال، نقلا عن مصادرها، التي طالت قيادات حوثية ومشرفين أمنيين واجتماعيين وثقافيين وزعامات قبلية، وقيادات ميدانية وعسكرية، إلى الخلافات بين قيادات الصف الأول لعناصرها.