التجنيد الحوثي لخريجي الثانوية العامة.. وقود بشري يملأ فراغ جبهات المليشيات
تجهز المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران إلى عمليات تجنيد قسري تطال 220 ألف طالب من خريجي الثانوية العامة.
فبعد أيام من لقاء جمعه بالسفير الإيراني لدى الحوثيين حسن إيرلو، أصدر شقيق زعيم المليشيات يحيى بدر الدين الحوثي قرارًا بإخضاع خريجي الثانوية العامة لدورات طائفية تمهيدًا لتجنيدهم قسرًا والزج بهم في جبهات القتال ضمن ما تعرف بـ"القوات الخاصة"، وتحديدًا صوب محافظة مأرب.
ووضعت المليشيات الحوثية شرطًا قهريًّا لإجبار الطلاب على الانخراط في هذا المسار، بعدم السماح لهم بالالتحاق بأي جامعة إلا بعد هذه الخدمة العسكرية التي وصفتها بـ"الإلزامية"
يُشار إلى أن ما تعرف بـ"القوات الخاصة" يشرف عليها السفير حسن إيرلو، وهو قيادي بارز في الحرس الثوري الإيراني، فضلًا عن خبراء إيرانيين، يتولون تدريب العناصر الحوثية لتنفيذ العمليات الإرهابية.
مساعي الحوثيين للتوسع في إتباع سياسة التجنيد القسري تمثل محاولة من المليشيات المدعومة من إيران لتعويض الخسائر الضخمة التي تتعرض لها في جبهات القتال، ما يؤشر إلى التوجه نحو العمل على إطالة أمد الحرب وبالتالي إجهاض أي محاولات ترمي إلى التوصّل إلى تسوية سياسية شاملة.
وتسبب التجنيد الحوثي القسري للطلاب في تدمير كامل في العملية التعليمية، لا سيما بالنسبة لآلاف الطلاب الذين غادروا مدارسهم ولم يُكملوا تعليمهم بعدما زجت بهم المليشيات في جبهات القتال، لتطيل أمد حربها القائمة منذ صيف 2014.
وفيما تمنع القوانين الدولية تجنيد من هم دون سن الـ18 عامًا، إلا أن المليشيات الحوثية التي لا تحترم أي قوانين أو أعراف وتتمادى في التجنيد القسري، كما أنها تحول دون وصول أي حقوقيين من قِبل المنظمات الدولية إلى مناطقهم في محاولة للتغطية على جرائمها.
على صعيد متصل، تعمل المليشيات الحوثية على غسل عقول هؤلاء الطلاب، وذلك اعتمادًا على تلقينهم سمومًا طائفية، تقود في نهاية المطاف إلى اعتناق أفكار مذهبية، وذلك من أجل توسعة مجموعاتها البشرية في جبهات القتال.
وفي المناهج التي أقرها الحوثيون، فإنه يتم عرض صور الأسلحة التي تستخدمها المليشيات وذلك لترسيخها في أذهان الطلاب وهم في سن صغيرة، والأكثر من ذلك أنه يتم تلقينهم بأن الدعوة للحل السياسي بمثابة الخيانة، وأن النعيم ينتظر قتلاها في الجنة، على حد ما تزعم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المليشيات الحوثية تتوسع في إنشاء ما تعرف بالمراكز الصيفية، وهي تقام تقريبًا في كافة المناطق الخاضعة لسيطرة هذا الفصيل، وهي تشبه معسكرات إرهابية تنفق عليها المليشيات أموالًا ضخمة، بهدف ملء عقول الصغار بالسموم الحوثية من جانب، مع العمل على تدريبهم على حمل السلاح، كخطوة أخيرة قبل الزج بهم إلى ما باتت توصف بمحارق الموت.
وفي نهاية مايو الماضي، وجه زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي، بتقديم دعم مالي كبير لهذه المراكز، مع تولي معممي المليشيات مهام تقديم الفعاليات الطائفية، علمًا بأن هذه الفعاليات تستند إلى ملازم الخميني.
وكثيرًا ما وثقت التقارير الدولية توسع الحوثيين في تجنيد الطلاب، بينها ما صدر عن الخبراء الدوليين المعني بحقوق الإنسان في اليمن، التابع للأمم المتحدة، والذي قال إن ميليشيا الحوثي تعمل على عسكرة المدارس في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وتجبر الطلاب على ترديد شعارات شعارات موالية لها، وتحمل قدرًا من التحريض على المشاركة في الجبهات.
ورصد التقرير الأممي، الذي وثق هذه الجريمة الحوثية، خلال الفترة من 2015 إلى 2020، ظهور هذه الممارسات في 34 مدرسة بمحافظات خاضعة لسيطرة المليشيات، وهي صعدة، صنعاء، تعز، ذمار، عمران، ريمة، حجة، وإب.
ويشمل المخطط الحوثي في هذا الإطار أيضًا، العمل على إجراء تغييرات وظيفية كبيرة في قطاع التعليم، تعتمد على الزج بعناصر حوثية أو موالية للمليشيات، من أجل غرس هذه السموم في عقول الطلاب، علمًا بأن المعلمين الذين يعارضون هذه التحركات الحوثية، يتعرضون لمضايقات حادة تصل إلى حد الفصل التعسفي والعقوبات المالية والإدارية.
وفيما تتواصل هذه التحركات الحوثية على مدار الوقت، إلا أن كثافتها تشتد في الأوقات التي تتعرض فيها لتضييق عسكري على الأرض وتخسر الكثير من عناصرها، وبالتالي تحاول بشتى الطرق العمل على تعويض هذه الخسائر التي تتكبدها على الأرض.
ومن المرجّح أن الجهة التي سيُقذف إليها هؤلاء الأطفال المجندون، ستكون جبهة مأرب التي تسعى المليشيات الحوثية للسيطرة عليها في أقرب وقت، بعدما كانت قد تمددت على الأرض في وقت سابق بفعل تآمر وخذلان مارسته مليشيا الشرعية الإخوانية التي تركت قبائل مأرب في مواجهة آلة الفتك الإيرانية، إلا أن ضربات التحالف العربي تحيل دون تمكن الحوثيين من السيطرة الكاملة على هذه الجبهة التي يمكن توظيفها - إذا ما سيطرت عليها المليشيات - في إطار عملية سياسية تفاوضية فيما بعد.