منع الاختلاط.. ذريعة حوثية لنشر السموم الطائفية
تمثل ذريعة منع الاختلاط إحدى بذور الطائفية الحوثية، التي تستهدف من خلالها المليشيات إعادة الزمن إلى الوراء، على نحو يحمل مخاطر جمة على النسيج المجتمعي، كما يمكِّن المليشيات من نشر سمومها الفكرية على نطاق أوسع.
المدارس الأهلية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين كانت على موعد مع استهداف جديد، تجلّى في تعليمات مشددة تلقتها إدارة هذه المدارس من قِبل المليشيات، مفادها فصل الجنسين بالمرحلة الثانوية في المباني والساحات.
وتضمنت التعليمات الحوثية الطائفية، للمدارس بأن يتم تخصيص مبانٍ مستقلة للفصل بين الجنسين، متوعدة بفرض عقوبات صارمة على المدارس التي تخالف هذه التعليمات.
ويرفض الحوثيون عملًا تنظيميًّا في هذه المدارس والذي يقوم على الفصل فعلًا بين الجنسين في الشُعَّب، إذ أن المليشيات أمر بفصل كامل عبر منع الاختلاط بينهما في المدرسة الواحدة بشكل كامل.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يغرس فيها الحوثيون سمومهم الطائفية تحت ذريعة منع الاختلاط، فبعيدًا عن المدارس سبق أن قررت مؤسسة تابعة للمليشيات تدعى يمن ثبات فصل جميع النساء العاملات فيها بدعوى منع الاختلاط بين الجنسين.
اللافت في هذه الواقعة أنها طالت سيدات من أقارب قيادات حوثية، إلا أنه تم تعويضهن عبر توفير أعمال يباشرنها من المنزل ومنحهم تعويضات مالية، بينما السيدات اللاتي لا يتبعن المليشيات لم يحصلن على أي تعويضات وتم فصلهن بشكل تعفسي.
ذريعة منع الاختلاط كانت حاضرة أيضًا في استهداف حوثي وُجِّه إلى منظمات إغاثية تنشط في اليمن، إذ حددت المليشيات في وقت سابق، إطارًا يشترط على هذه المنظمات عند تنفيذ أي فعالية ألا يكون هناك أي اختلاط.
وفي هذا الإطار، بدأت مليشيا الحوثي اشتراط منع الاختلاط على المنظمات الإغاثية والإنسانية عند تنفيذ فعالياتها المختلفة.
في هذا السياق أيضًا، أقدمت المليشيات الحوثية على فض الكثير من الجلسات والتجمعات في أماكن عامة، بينها الكافيهات، بذريعة منع الاختلاط، وقد شهدت محافظة صنعاء على وجه التحديد، الكثير من الاقتحامات الحوثية المسلحة لفض مثل هذه التجمعات، بحسب الكثير من القصص التي رواها أصحابها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أفادت بأن المليشيات اعتدت على الكثير من الشباب والفتيات لتحقيق هذا الهدف الطائفي.
ومنذ أن أشعل الحوثيون حربهم العبثية في صيف 2014، حاولت المليشيات فرض سياج كامل حول فكرة الاختلاط بين الجنسين، فالجامعات الواقعة في نطاق السيطرة الحوثية تُحظر فيها الصداقات بين الطلاب والطالبات ويُمنع فيها التجول سويًّا في باحة الجامعة.
في الوقت نفسه، لا تتوقف المليشيات الحوثية عن شن الكثير من الحملات القمعية التي تعتقل فيها من يخالف تعليماتها والتي تتذرع المليشيات بتنفيذها من باب ما تسميه "منع الممارسات المنافية للدين الإسلامي".
وفيما لا يوجد نص ديني يُجرم فكرة الاختلاط وبالتالي يتيح للحوثيين بابًا لتبرير هذه الاعتداءات، فإن مختصين حذروا من تمادي الحوثيين في إتباع هذه الأفكار التي تنذر بظهور عقول طائفية متطرفة، وهو ما يمثل في الأساس خدمة للمشروع الحوثي.