زخم الحل السياسي.. التعنت الحوثي يُبخِّر آمال وقف الحرب في اليمن
كما كان متوقعًا، تواصل المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، التعاطي بتعنت شديد إزاء الجهود التي تبذل على الصعيدين الإقليمي والدولي من أجل وضع حد للحرب التي تدخل عامها السابع، وقد خلّفت وراءها أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
التعنت الحوثي ينذر بإفشال جهود عمانية بدأت منذ مطلع هذا الأسبوع، بزيارة وفد دبلوماسي إلى صنعاء في محاولة لإقناع المليشيات بالانخراط في عملية سياسية، وذلك بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي مارتن جريفيث الذي حطت طائرته في طهران، والتقى مسؤولين إيرانيين في محاولة لممارسة ضغوط لتحقيق الغاية ذاتها.
وفيما لم تُعلن أي مواقف نهائية رسمية تجاه هذه الجهود الدبلوماسية على الأقل حتى الآن، فإن المليشيات الحوثية استبقت هذه النتائج، من خلال ممارسة سياسة متعنتة تقوم على التمسك بشروطها قبل الانخراط في أي محادثات، وأهم هذه الشروط فتح المطارات والموانئ وإزالة القيود المفروضة عليها، في مسعى حوثي يهدف في الأغلب إلى فتح الباب أمام أسهل الطرق لوصول الأسلحة من إيران.
كما اشترط الحوثيون وقف العمليات العسكرية التي يشنها التحالف العربي، وذلك في إشارة واضحة على حجم تأثر المليشيات على الصعيد العسكري بالضربات الدقيقة والنوعية التي يوجهها التحالف العربي، وتستهدف بشكل مباشر تفكيك القوة التسليحية لهذا الفصيل الإرهابي.
ورغم التعنت الحوثي واضح العيان، لا تزال الأمم المتحدة متمسكة بانخراط الأطراف في عملية سياسية على أرضية مبادرة كانت قد طرحتها قبل أشهر وتضم أربع نقاط تتضمن إجراءات جوية وبحرية ووقفًا شاملًا لإطلاق النار مع إحياء العملية السياسية، لكن المليشيات الحوثية كانت دائمًا ما تضع العراقيل عملًا على إفشالها.
ودون أن تفقد الأمل، حطت طائرة جريفيث في طهران، وهناك التقى وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، لبحث مستجدات الأزمة اليمنية، وتبادل وجهات النظر حول سبل تحقيق السلام.
وبحسب بيان أصدرته الخارجية الإيرانية، منتصف الأسبوع، فإن جريفيث أطلع ظريف على نتائج محادثاته مع الأطراف المعنية بشأن الأزمة، في ظل مساعي متواصلة لإنجاح خطة للسلام.
قبل زيارته لطهران ببعضة أيام، كان جريفيث قد أجرى زيارة لصنعاء انتهت كما بدأت، ولم تحقق أي شيء، بل إن المليشيات الحوثية أعقبت بإطلاق تصريحات هجومية على الأمم المتحدة، زعمت فيها أن المنظمة الدولية شرعنت وساهمت فيما تسميه المليشيات "الحصار".
جريفيث بدوره أصدر بيانًا في أعقاب هذه الزيارة، أعلن خلاله أنه ناقش مع زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي، ضرورة وضع حد للصراع الدائر والسماح بحرية حركة تنقل الأشخاص والسلع الأساسية والوقود.
وفي بيانه، الذي استخدم عبارات دبلوماسية توصف بأنها "معتادة"، أكد جريفيث أن استمرار الأنشطة العسكرية في العديد من الأنحاء، بما في ذلك في مأرب، يقوّض فرص السلام، ويعرض حياة الملايين للخطر.
جدد جريفيث التذكير بمواقف الأمم المتحدة في التأكيد على ضرورة الاستخدام المدني للوقود بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية أو عسكرية، والحاجة الماسة لوقف إطلاق النار؛ للتخفيف من وطأة الوضع الإنساني على اليمنيين، وشدد على أنه لا يمكن كسر دائرة الاضطرابات السياسية والعنف إلا من خلال تسوية تفاوضية تؤدي إلى مستقبل من الحوار السياسي المستدام.
دبلوماسيًّا أيضًا، دخلت الولايات المتحدة على خط الضغط على الحوثيين، إذ طالبت المليشيات بضرورة الانخراط الجدي في العمل على إنهاء الحرب، وجددت تمسكها بوقف فوري لإطلاق النار.
وقالت الخارجية الأمريكية، إنه يجب على الحوثيين الانخراط الفوري في جهود السلام إذا كانوا فعلا يريدون إنهاء الصراع، في اتهام ضمني بأن المليشيات تتحمل مسؤولية إطالة أمد الحرب في ظل إصرارها على التصعيد العسكري.
الولايات المتحدة نفسها كانت قد أطلقت مبادرة للحل السياسي قبل أسابيع، وتضمنت دعوة لاستئناف المشاورات السياسية بإشراف مباشر من المبعوثين الأممي والأمريكي، ووقف إطلاق النار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
ولم يتعاطَ الحوثيون بشكل إيجابي وفعال مع المبادرة الأمريكية، بل إن المليشيات اعتبرتها بمثابة المؤامرة عليها، وزعمت أنها تشمل ما وصفتها بـ"التفافات شكلية لإعادة الحصار"، على حد إدعائها.