اتفاق حوثي إخواني على تهميش الجنوب سياسيًّا.. والانتقالي يتصدى دبلوماسيًّا
تحاول الشرعية الإخوانية بشتى الطرق العمل على تهميش قضية الجنوب وحرمان ممثله الوحيد المجلس الانتقالي الجنوبي من المشاركة في أي مفاوضات مقبلة، في وقت تتمسك "القيادة" شددت على التمسك بحق إشراكها في أي عملية سياسية تفاوضية برعاية دولية.
ورشحت معلومات عن اتفاق بين الشرعية والحوثيين، يتضمن عدة بنود أهمها وقف إطلاق النار بما في ذلك جبهة مأرب، فتح مطار صنعاء وكذا تشغيل ميناء الحديدة والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين، ومن ثم التمهيد لمفاوضات سياسية شاملة.
والملاحظ في هذا الاتفاق أنه يخلو بشكل كامل من أي حديث عن القضية الجنوبية أو إشراك للمجلس الانتقالي في المحادثات، وهو ما فسرته مصادر سياسية بأنها يندرج في إطار محاولات تهميش القضية الجنوبية.
يتزامن كشف هذه التطورات مع حراك سياسي ودبلوماسي كبير، لا سيما من قِبل الأمم المتحدة وقوى دولية فاعلة بينها الولايات المتحدة، ضغطت من أجل إطلاق عملية سياسية تتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات في أقرب وقت ممكن، بما يضع حدًا للحرب القائمة منذ نحو سبع سنوات.
فيما تشير التكهنات إلى أن الاتفاق بين الحوثيين والشرعية سيتم التوقيع عليه في وقت قريب، فإن "الأخيرة" تحاول جاهدة تهميش الجنوب عبر حرمان المجلس الانتقالي من المشاركة في المفاوضات السياسية، في توجه يستهدف على ما يبدو، إلى الرغبة في قطع الطريق أمام الجنوب عن تحقيق مزيد من المكتسبات.
واستباقًا لمساعي الشرعية في هذا الإطار، عقدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي اجتماعًا ترأسه الرئيس عيدروس الزبيدي، تم خلال التأكيد على الرفض القاطع لمحاولات تمرير مشروعات سياسية لا تراعي تطلعات الجنوب، ومطالب شعبه باستعادة الدولة وفك الارتباط.
كما تضمن الاجتماع، توجيه الدعوة إلى المجتمع الدولي بعدم تجاهل بعدم تجاهل القضايا الرئيسية، وعلى رأسها قضية شعب الجنوب، والمجلس الانتقالي الجنوبي، بصفته ممثله المفوّض.
تحرك الانتقالي جاء بالتزامن مع أحاديث عن توافقات على عقد جولة جديدة من المفاوضات السياسية عملًا على إحداث حلحلة شاملة تمثل اختراقًا في جدار الأزمة في المرحلة المقبلة، وسط مساعٍ للشرعية من تهميش الجنوب وعدم إشراكه في المفاوضات.
محاولات الشرعية لتهميش المجلس الانتقالي الجنوبي وعرقلة إشراكه في أي عملية سياسية قادمة تمثلت واضحة في إتباع سياسة التسويف والمماطلة وعدم الالتزام باتفاق الرياض، ومنعها لحكومة المناصفة من العودة إلى العاصمة عدن لتباشر مهامها.
إلى جانب المماطلة السياسية، سعت الشرعية لإشعال صراع مسلح عبر استفزازات عسكرية في الجنوب، من خلال التحشيد المتواصل للعناصر الإرهابية صوب محافظتي شبوة وأبين، تمهيدًا لعدوان عسكري يهدد العاصمة عدن.
وبالمخالفة لبنود اتفاق الرياض، استحدثت مليشيا الشرعية الإخوانية الكثير من النقاط العسكرية على الطريق الرابط بين محافظتي شبوة وأبين، من أجل تأمين عمليات تحشيد العناصر الإرهابية بشكل متواصل.
وتحاول الشرعية إشعال مواجهة مسلحة مع الجنوب، بما ينذر بإفشال كامل لاتفاق الرياض، ومن ثم تكون قد حققت ما خططت له سواء باستمرار تطويقها للجنوب عسكريًّا ومؤسساتيًّا، بالإضافة إلى تثبيت القضية الجنوبية في حالة ركود تحول دون التقدم للأمام.
في المقابل، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يتصدى - عبر حراك دبلوماسي نشط - لمحاولات الشرعية لتهميش دوره، تمثل في عقد الوفد التفاوضي للمجلس الكثير من الاجتماعات في السعودية، أين يتواجد الوفد بدعوة سعودية لإعادة إحياء مسار اتفاق الرياض.
ففي أقل من أسبوع، عقد ممثلو وفد الانتقالي عدة لقاءات دبلوماسية شديدة الأهمية، نُقلت خلالها رسائل واضحة بشأن تمسك المجلس الانتقالي بأن بمراعاة تطلعات الجنوبيين وقضيتهم في أي مسار سياسي.
ففي هذا الأسبوع، عقد الدكتور ناصر الخبجي رئيس الوفد التفاوضي للمجلس الانتقالي الجنوبي أمس الخميس، لقاءات مع سفير روسيا لدى اليمن فلادمير ديدوشكين، وسفير الصين لدى اليمن كانج يونج، والقائم بأعمال سفير ألمانيا لدى اليمن يان كراوسر، كما اجتمع علي عبدالله الكثيري عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي ونائب رئيس وحدة شؤون المفاوضات، مع محمد العريان مسؤول الملف اليمني بالسفارة المصرية لدى المملكة العربية السعودية.
وشملت كل هذه اللقاءات تأكيدات من قِبل المجلس الانتقالي الجنوبي بأن أي عملية سلام يجب أن تنطلق من أساس الصراع، وأن قضية الجنوب تعتبر إحدى القضايا الجوهرية التي يجب أن تنطلق منها جهود التسوية السياسية الشاملة
ونجح المجلس الانتقالي في الحصول على تأكيدات من قِبل هذه الأطراف الدبلوماسية ضرورة طرح كافة القضايا على طاولة المفاوضات، بما يعني أن تطلعات الشعب الجنوبي يجب أن تكون حاضرة وأن تتم مراعاتها في العملية السياسية.