إخوان الجزائر ينفذون حيلة متكررة للانقلاب على الانتخابات
أعاد تيار الإخوان في الجزائر استخدام حيلة متكررة لجأ إليها التنظيم الإرهابي في العديد من التجارب بإعلانه نتيجة مسبقة للانتخابات التشريعية، التي جرت السبت الماضي، ومن المتوقع الإعلان النهائي عن نتائجها غدا الأربعاء، في محاولة للانقلاب على أي نتائج تعلنها لجنة الانتخابات الوطنية حال لم تكن في صالح التنظيم الإرهابي الذي يحاول استعادة حضوره في المشهد السياسي الجزائري.
زعم الإخواني المدعو عبد الرزاق مقري رئيس "حركة مجتمع السلم" التابعة للتنظيم الإخواني الإرهابي، تصدر فصيله نتائج الانتخابات البرلمانية، واتهم سلطة الانتخابات بـ"عدم قدرتها على حماية أصوات الناخبين"، ودعا رئيس البلاد لـ"حماية الاقتراع" وفق مزاعمه، ووجه "تهديدا مباشرا" للسلطات الجزائرية عندما حذر من "العواقب السيئة على مستقبل البلاد ومستقبل العملية السياسية والانتخابية".
جاءت تلك المزاعم لمحاولة التشكيك المسبق في نتائج الانتخابات، والذهاب باتجاه تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية عدم حماية صناديق الاقتراع بما يمنح الجماعة المبرر للنزول إلى الشارع وتجاهل أصوات الناخبين، واستغلال حالة السيولة السياسية جراء الحراك الذي أطاح بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل من العام 2019، لإحداث فراغ سياسي جديد يدعم رغبتها في الاحتماء بالشارع للحصول على مكاسب سياسية.
تكررت خديعة جماعة الإخوان الإرهابية في أكثر من انتخابات سابقة بينها ما حدث في الجزائر أيضا، مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث قامت جبهة الإنقاذ المصنفة إرهابية بالانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية في ذلك الحين وذهبت لتأكيد أنه جرى تزويرها، وهو ما أدى في النهاية لإلغاء نتيجتها، وأسفرت تلك الحالة عن دخول البلاد حرب أهلية استمرت من العام 1991 وحتى 2002.
ما فعله الإخوان في الجزائر حدث أيضا في مصر خلال انتخابات الرئاسة في العام 2012، والتي خرج فيها مرشح الإخوان في ذلك الحين المدعو محمد مرسي لإعلان فوزه في الانتخابات قبل إعلان لجنة الانتخابات النتيجة الرسمية، ودفع بأنصاره إلى الميادين العامة بغية احتلالها ومعارضة أي نتيجة مخالفة تعلن عنها الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات في ذلك الحين، وهو ما خلَف جدلاً حول هذه الانتخابات لم ينته حتى الآن.
ردت الهيئة المشرفة على الانتخابات بالجزائر على مزاعم تنظيم الإخوان الإرهابي بوجود "مؤشرات لتغيير النتائج بغير صالحها"، واعتبرت أن التصريحات والبيانات التي تصدر عن بعض الجهات "التي ألفت إلى مثل هذه الممارسات التي لا أساس لها من صدق"، دون أن تذكر الحركة الإخوانية بالاسم.
وكذلك سارع كثير من الأحزاب السياسية الجزائرية إلى تكذيب مزاعم الإخواني المدعو عبدالرزاق مقري، وفضحته بـ"عدم تقديمه أي أدلة ملموسة عن مزاعم تصدر نتائج الانتخابات"، وجاء النفي حتى من "أشقاء" الحركة الإخوانية نفسها، إذ نفى القيادي الإخواني المدعو لخضر بن خلاف رئيس ما يسمى "جبهة العدالة والتنمية"، تلك المزاعم.
وأكد "عدم حصول الأحزاب على جميع محاضر الفرز النهائية"، وأنها "حصلت فقط على المحاضر الولائية ولا تزال تنتظر المحاضر المحلية في البلديات"، مشيراً إلى أن نسبة المشاركة المعلن عنها وهي 30% فقط، "لا يمكن من خلالها حصول أي حزب أو تيار على الأغلبية"، وهو ما أكده أيضا خبراء قانون.
أما معظم الأحزاب الجزائرية فشددت على عدم امتلاك أي حزب المعطيات النهائية لنتائج الانتخابات، وأن حسم النتائج بيد "هيئة الانتخابات" بعد تطبيق بند الـ5% على القوائم المتقدمة والتي لم تتمكن من الحصول عليها.
ولم تكشف السلطات الجزائرية عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، وحدد محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، إعلان النتائج في غضون 4 أو 5 أيام، وذلك في سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها، إذ يشمل نظام الانتخابات بالجزائر إجراءها بيوم واحد، يليها مباشرة بعد إغلاق صناديق الاقتراع عمليات فرز الأصوات، ومن ثم وضع النتائج في محاضر رسمية.
وأشارت النتائج الأولية التي أعلن عنها الإعلام المحلي في الجزائر، الاثنين، إلى مفاجئة غير متوقعة بعودة حزب الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة وهو "جبهة التحرير" الذي كان حاكما في عهده.
ووفق تلك النتائج التي شملت بعضا من الولايات الـ58 الجزائرية، فقد حصلت "جبهة التحرير" على المراتب الأولى في عدة محافظات أبرزها سطيف وبجاية وميلة وتبسة (شرق) والمدية (وسط)، وإلى جانبه سار حليفه "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي سجل تقدما في محافظات أخرى بينها تلمسان (غرب) وقالمة وأم البواقي (شرق).
وبدأت محاولات الإخوان الإرهابية الانقلاب على الانتخابات قبل إجرائها من الأساس، بعد أن أقدم التنظيم على ترشيح أبناء القيادات المحسوبين عليه عبر أحزاب أخرى حتى يتمكن في النهاية من تشكيل أغلبية برلمانية، هذا إلى جانب دعمه بعض الأسماء المشبوهة التي تتورط في فضائح أخلاقية وقضايا فساد وتجارة المخدرات.
وفي مطلع الشهر الجاري، وجهت سلطة الانتخابات بالجزائر صفعة كبيرة للتيارات الإخوانية الإرهابية، وأعلنت رفضها ملفات عدد كبير من المرشحين في قوائم الأحزاب والمستقلين، بينهم مرشحون من تيارات إخوانية إرهابية، وهي ما تعرف بـ"حركة مجتمع السلم" التي يقودها الإخواني المدعو عبد الرزاق مقري و"حركة البناء الوطني" التي يرأسها الإخواني المدعو عبد القادر بن قرينة، وما يسمى بـ"جبهة العدالة والتنمية" التي يقودها الإخواني المدعو عبد الله جاب الله.