رئيسي يطل بوجهه المتطرف على العالم
أختار الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، أن يطل بوجهه المتطرف والمعهود به في أول خطاب له بعد إعلان فوزه في الانتخابات المشكوك في نزاهتها، وسعى للاصطدام مبكرا مع المجتمع الدولي والقوى الغربية بعد أن قلل من شأن مفاوضات فيينا التي توقفت قبل إجراء الانتخابات، ورفض أي مفاوضات تشمل البرنامج الصاروخي لطهران والذي يشكل تهديدا داهما على أمن الشرق الأوسط.
وبدت اللغة المتشددة التي طالما اعتاد المرشد الإيراني علي خامئني استخدامها ظاهرة في خطاب رئيسي، بعد أن أكد أنه "ليس مستعدا للقاء الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حتى في حال رفع العقوبات والعودة الى الاتفاق النووي"، وهو ما قاد إلى تلاسن دبلوماسي بين البلدين بعد ساعات قليلة من إعلان فوزه.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي اليوم الاثنين، إنه لا توجد حاليا أي خطط للرئيس جو بايدن للقاء القادة الإيرانيين الجدد، مشيرة إلى أن صانع القرار الرئيسي في طهران قبل الانتخابات وبعدها هو المرشد علي خامنئي.
واعتبرت متحدثة البيت الأبيض أن أي انتهاك لحقوق الإنسان في إيران الآن سيتحمله الرئيس الجديد، مشددة على أن إيران ليست لاعبا جيدا في عدد من القضايا العالمية، كما أوضحت أنه لا يوجد جدول زمني بمفاوضات فيينا للتوصل لاتفاق مع إيران.
وتمسك رئيسي بمطالب إيران في الاتفاق النووي والتي كانت سببا في خوض جولات عدة من المباحثات منذ شهر إبريل الماضي من دون حدوث تقدم ملحوظ، بما يشي إلى أنه ليس لديه الرغبة في تقديم تنازلات من الممكن أن تضمن عودة بلاده والولايات المتحدة إلى الاتفاق الموقع في العام 2015.
وتُصر طهران على العديد من المطالبات "التعجيزية"، مثل المطالبة بتعويضات عن العقوبات التي فرضتها الولايات المُتحدة بسبب الملف النووي، أو وضع شرط مُلزم للولايات المُتحدة، يمنع أية إدارة أميركية جديدة من الانسحاب من الاتفاق النووي.
وعلق رئيسي على مفاوضات فيينا قائلا: "أدعم المفاوضات النووية، لكن ينبغي تحقيق المطالب الإيرانية"، مضيفا أن "طهران لا تعول على مفاوضات فيينا لتحسين الوضع الاقتصادي"، وتابع: "لن نسمح بمفاوضات استنزافية وينبغي لأي جولة مفاوضات أن تحقق نتائج"، في حين أن الدول الغربية التي تخوض المفاوضات مع إيران طالما أكدت أن طهران تحاول استنزاف المباحثات بأي طريقة ممكنة.
ودفع الخطاب العدائي الذي وجهه رئيسي عدة دول غربية للتعبير عن خيبة أملها عن حدوث أي تطور في المواقف الإيرانية مع وجود رئيس جديد للبلاد، ما يؤكد على أن طهران تمضي في طريقها نحو الوصول إلى عزلة دولية أكثر من التي كانت عليها من قبل، وسط توقعات بأن تستمر الولايات المتحدة في سياسية العقوبات التي تستخدمها ضدها لضبط سلوكها.
أكدت ألمانيا، اليوم الإثنين، أن طريقة اختيار المتنافسين في انتخابات إيران لا تتماشى مع الحرية والنزاهة، وفي تعليقها على فوز إبراهيم رئيسي بالرئاسية، قالت: "نحن على علم بدور رئيسي في الإعدامات في إيران".
كما أعربت فرنسا مجددا، اليوم أيضًا، عن قلقها حيال واقع حقوق الإنسان في إيران، مؤكدة حشد كل جهودها الدبلوماسية لإنقاذ الاتفاق المبرم حول النووي الإيراني، بعد انتخاب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي رئيسا لإيران.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول "نجدد التعبير عن القلق الذي أبديناه بانتظام حيال وضع حقوق الإنسان في إيران وحيال رعايانا المسجونين في هذا البلد"، مشددة على أن بلادها ستواصل متابعة وضع حقوق الإنسان والمواطنين الفرنسيين المسجونين في الجمهورية الإسلامية من كثب.
وتعتقل السلطات الإيرانية الباحثة الفرنسية-الإيرانية فاريبا عادلخاه والسائح بنجامان بريار على غرار عشرات الرعايا الغربيين بتهمة التجسس أو المس بأمن الدولة، ما ينفيه الفرنسيان.
وتُحَمل الولايات المتحدة ومنظمات غير حكومية غربية الرئيس الإيراني الجديد مسؤولية عمليات تعذيب وإعدامات بدون محاكمة وانتهاكات أخرى خلال فترة ترؤسه السلطة القضائية الإيرانية.
وحاول رئيسي الهروب من الاتهامات الموجهة إليه بتأكيده أنه "رجل قانون ومدافع عن حقوق الإنسان ولا يمكن لأحد الادعاء والتشكيك بدفاعي عن حقوق الإنسان، وأفتخر بأنني كنت مدعيا عاما في إيران"، لكنه لم يتطرق لاتهامات إصداره أحكام إعدام سياسية بحق آلاف من المسجونين السياسيين عام 1988، وقدرت منظمة العفو الدولية عدد من تم إعدامهم بحوالي خمسة آلاف وقالت في تقرير عام 2018 إن "العدد الحقيقي ربما يكون أعلى".