مراوغات رئيسي تُطيل أمد الأزمة
رأي المشهد العربي
استحوذت الأزمة اليمنية على جزء من خطاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي في أول ظهور له عقب إعلان فوزه بالانتخابات المشكوك في نزاهتها، واستخدم أسلوب المراوغة الذي اعتادت عليه طهران في تعاملها مع الأزمة التي كانت سببا في اندلاعها باستمرار دعمها للمليشيات الحوثية الإرهابية وإيعازها لأذرعها في اليمن برفض أي مبادرات للسلام طيلة السنوات الماضية.
قدم رئيسي إشارات متعارضة للتعامل مع الأزمة اليمنية، ففي الوقت الذي دعا فيه إلى "إيقاف العمليات العسكرية والحرب في اليمن بشكل عاجل"، فإنه ألمح بصورة غير مباشرة عن دعمه للمليشيات الحوثية سواء كان ذلك من خلال إعلان رفضه مناقشة "البرنامج الصاروخي لطهران" والذي تستفيد منه المليشيات الإرهابية، أو تأكيده على أن "يقرر الشعب اليمني شكل حكومته".
وتتعامل إيران مع المليشيات الحوثية الإرهابية باعتبارها ممثلة عن الشعب اليمني، وعينت سفيرا لدى المليشيات في صنعاء، وهو ما يؤكد على أن هناك إشارات دعم للحوثيين وإن كانت بصورة غير مباشرة، والأكثر من ذلك أن إيران كانت سببا في فشل المباحثات التي خاضها الوفد العماني في صنعاء قبل عشرة أيام ولم يصدر عنها أي مواقف ضاغطة على المليشيات الحوثية لوقف الحرب بل على العكس فإنها تشرف على تصعيد عملياتها الإرهابية.
حاول رئيسي ـ عبثا ـ إلقاء مسؤولية استمرار الحرب للعام السابع على التوالي على المملكة العربية السعودية، في حين أن المملكة قدمت عشرات المبادرات طيلة السنوات الماضية ورفضتها المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
أعلنت المملكة قبل عام تقريبا وقف إطلاق النار من جانب واحد في أعقاب انتشار جائحة كورونا، واستمر الأمر عدة أشهر، وفي المقابل أوعزت إيران لعناصرها الإرهابية بشن هجمات متصاعدة على الأراضي السعودية في ذلك الحين، في إشارة إلى أنها لن تقبل بالسلام حتى وإن كان هناك ما يثبت رغبة الأطراف الأخرى في الجنوح له.
إن المجتمع الدولي بأكمله يُحمّل إيران مسؤولية استمرار الأزمة، ولا يغير هذه الحقيقة تجاهل رئيسي عن عمد الجرائم الحوثية الإرهابية باتجاه المملكة وتصاعدها بشكل غير مسبوق مع إعلان فوزه بمنصب الرئيس، حيث أطلقت 17 طائرة مسيرة في يوم واحد على مدن سعودية متفرقة نجحت دفاعات التحالف العربي في التعامل معها وإسقاطها.ض
اللافت أن خطاب رئيسي لم يتناول أي حديث عن خطوات إنهاء الحرب، وبدا تطرقه للأزمة بمثابة طُعم جديد يحاول فيه استنزاف مزيد من الوقت لإطالة أمد الصراع وتمكين المليشيات الحوثية من الاستمرار في جرائمها، كما أن الخطاب لم يتطرق إلى وضع أذرع إيران الإرهابية في المنطقة العربية وهو ما يؤكد حرصها على استمرار دعمها، وأنها ليس لديها النية للتخلي عن أي منها.
اكتفى رئيسي بالقول إنه "لا مانع أمام إعادة فتح السفارة السعودية لدى طهران"، في حين أنه لم يقدم أي مبادرة لإنجاح الحوار مع المملكة العربية السعودية، كما أن غلق السفارة كان بالأساس بسبب إيران التي سيرت عناصرها الإرهابية لتنفيذ هجمات عليها في العام 2016، وهو ما دفع الرياض لقطع علاقتها مع طهران.