لماذا تتعمد ميليشيا الحوثي تعذيب واعتقال الصحافيين؟

السبت 5 مايو 2018 18:09:25
لماذا تتعمد ميليشيا الحوثي تعذيب واعتقال الصحافيين؟
العربية

اعتقال الصحافيين، وحجب الأخبار، ومنع وسائل الإعلام من ممارسة عملها، تعد الأبرز ضمن حزمة كبيرة من الاتهامات التي ترتكبها #ميليشيات_الحوثي حول الاعتقالات والتعذيب التي تمارسها.

فمنذ اقتحام الحوثيين للعاصمة #صنعاء، واحتجاز رمز الدولة الرئيس "عبدربه منصور هادي" عمل الحوثيون على إغلاق وسائل الإعلام، ومطاردة الصحافيين العاملين في قطاع الإعلام المرئي والمكتوب في اليمن.


وبتوجيهات مباشرة من زعيم جماعتهم "عبدالملك الحوثي"، الذي خرج بتسجيل مرئي يحرض ضد الإعلاميين والعاملين في قطاع الثقافة والمجتمع المدني، حينها تراجعت حرية الصحافة في اليمن، عبر سلسلة اعتقال الصحافيين، بعد تنظيم #داعش في العالم، والذي تدعي هذه الميليشيات كذباً أنها تحاربه.

وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين

وتوالت الحكايات، حتى اغتيال الصحافي الاستقصائي "محمد عبده العبسي"، والإعلامية "جميلة جميل" التي قتلت في ظروف غامضة بمدينة صنعاء، دون أن تحرك المليشيات ساكناً تجاه تلك القضايا خلال الأربع سنوات الماضية، حتى قتل 26 صحافياً في اليمن، واختطف 12 آخرين، ومن بقي يعمل في الميدان، فهو يخاطر بحياته الشخصية دون توفر أدنى معدات السلامة أو تأمين على حياته. 

"العربية.نت" استطلعت آراء العاملين في قطاع الإعلام في اليمن، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وعن وضعهم الحالي في ظل سيطرة المليشيات على الإعلام وانتهاك حريتهم.

غياب إجباري للمرأة في المشهد الإعلامي

تقول " ا.ي " وهي صحافية ومراسلة لوسائل إعلام أجنبية  "تحصل على المعلومة، أن تعمل في الميدان دون أن تواجه أي تهديدات أو مخاوف باستهداف حياتك، أن تكتب بحرية، كل ذلك بات مغيباً في اليمن، فحمل الكاميرا والقلم بالنسبة للصحافيين في اليمن بات أخطر من حمل السلاح في نظر الأطراف المتصارعة، وأنا كصحافية أعمل بخوف وحذر شديد، فأي تصرف غير مدروس، قد يجعلني مختطفة، أو معتقلة وربما مقتولة".

وأضافت: "لا يوجد أي قانون يحميني في زمن العصابات المسلحة، حيث أواجه خلال عملي الحيادية، في ظل التهديدات والضغوطات التي يحاول كل طرف فرضها على الصحافيين، لأجل أن يتبعوا سياسة أحد هذه الأطراف".

صحفيون مختطفون لدى الحوثي

مؤكدة بأنها واجهت تهديدات بشكل غير مباشر عدة مرات من الحوثيين، كما منعوها من تغطية بعض الأحداث.

اعتقالات بالجملة

لم يكن في حسبان "زين العابدين" إعلامي قناة اليمن اليوم، أن يقوم الحوثيون باعتقاله بطريقة أشبه بالسطو يقول: "كنت أقود سيارتي وتفاجأت بسيارة تابعة للمليشيات قامت بقطع الطريق، ونزل منها أربعة مسلحين، ووجهوا بنادقهم نحو رأسي مباشرة، أنزلوني بقوه السلاح، وطلبوا مني الذهاب معهم إلى الشرطة، بسبب توجيهات القبض علي بحسب تعبيرهم، بعدها سلموني للقسم، وأخذوا كل أغراضي، وفتشوا هاتفي النقال، وأدخلوني السجن، وحققوا معي عن كل رسالة وصورة في هاتفي لها علاقة بحزب المؤتمر".

واستطر زين العابدين حديثه "قاموا بتلفيق عدة تهم ضدي، ثم وضعوني في غرفه صغيرة داخلها 18معتقلا، وممنوع علينا الذهاب إلى الحمام أو الاتصال بأي أحد، ولخروجي من السجن، قمت بدفع مبلغ 300 ألف ريال يمني، مقابل إطلاق سراحي، ولا زلت أواجه تهديدات مباشرة، فلم أعد الخروج من المنزل نهائياً".

انتهاكات وتعذيب

ما يقارب العامين، تنوعت الانتهاكات وأساليب التعذيب للصحافين، فبحسب أهالي المعتقلين فقد تعرض منزل الصحافي "علي جعبور" مراسل قناة بلقيس بمحافظة حجة للاقتحام، وحينما لم يجدوه اختطفوا والده حسن جعبور، واقتادوه إلى جهة مجهولة.

أما الصحافي "وحيد الصوفي" فما يزال مصيره مجهولا منذ اختطافه على يد الميليشيات منذ العام ٢٠١٥، فيما تقول فاطمة القاعدي، زوجة الصحافي صلاح القاعدي: "قاموا بتعذيب زوجي بشكل وحشي، وصبوا عليه أصناف العذاب، وبقي أسبوعاً كاملاً لا يستطيع الأكل ولا الوقوف بسبب التعذيب".

وفي منتصف ديسمبر 2017 توفي والد الصحافي "حارث حميد" ولم يسمح له الحوثيون من إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان والده وحضور تشييعه ودفنه وعزائه دون أي احترام لقيم الإنسانية.

الصحافي "هشام طرموم" لايزال يخضع للتعذيب مع زملائه، ويعاني من آلام في الظهر، وكان هو الآخر قد رتب شؤون زواجه قبل أن يتم اختطافهم في التاسع من يونيو 2015م، وتعرض للتعذيب حتى أغمي عليه.

مظاهرة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين

وفي موقف آخر، رفض الحوثيون علاج الصحافي "أكرم الوليدي" بعد توصية الطبيب بضرورة الإسراع في إجراء عملية جراحية، تحد من النزيف الناجم عن إصابته بالبواسير والقولون، نقلوه مكبلاً إلى المستشفى، وحقنوه بالمهدئات فقط، وتقول "حنان" شقيقة الوليدي إن "الممارسات التي تعرض لها شقيقها، هي نفس أساليب التعذيب لدى الحوثيين، حيث قاموا بوضع أخي بين مختلين عقلياً لمدة أسبوع، بعدها وضعوه في زنزانة انفرادية لفترة طويلة".

ووفقا لـ "هند حجوري" زوجة الصحافي "حسن عناب" فإن زوجها تعرض للتعذيب الوحشي حتى أصيب بضعف النظر وصداع مزمن، ومنع إسعافه أو إدخال الدواء له، وأثناء زيارتها لزوجها في سجن هبرة، قام عدد من العناصر الحوثية المسلحة بتعذيب زوجها أمامها وإهانته بشكل مروع.

أما الصحافي "عبدالخالق عمران"، تم تعليقه في سقف الزنزانة، فيما ظل جسمه مشدوداً و شعر أنه يتمزق من كل عضو طيلة فترة التعليق، وهو أقسى أنواع التعذيب.

صحافيون يبحثون عن مصادر دخل أخرى

ويسعى " ا.و" وهو صحافي مستقل يبحث الآن عن بدائل أخرى للعمل الصحافي، فكما يقول: "في صنعاء أصبح العمل الصحافي ضرباً من الانتحار، كل شيء ضدك، وسلطات الأمر تعتبرك خصما وعدوا ما لم تعمل لصالحها، حتى لو فكرت العمل بشكل مهني وموضوعي، فلا يفيد ذلك، فلديهم قاعدة ثابتة، يا أن تكون معانا أو ضدنا".

وأضاف "التنقل بالنسبة للصحافي سواء داخل المدن أو فيما بينها، أصبح محل شك، وأنا أفكر جدياً في البحث عن بدائل أخرى، لكن لأسباب خاصة، لا أستطيع المغادرة من البلد بشكل نهائي، نحاول أن نعمل بحذر شديد، وألا نستفز أي طرف".