مستويين للخارطة السياسية

 جرت يوم الخميس الماضي إنتخابات المجالس المحلية في عموم بريطانيا انتهت ، بنتائجها، دون تغييرات كبيرة ،

تمسك المحافظون بمكاسبهم القديمة على الرغم مما تواجهه حكومتكم من تحديات على صعيد الخدمات الصحية وبعض الخدمات الإخرى بسبب الاستقطاعات في ميزانية هذه الخدمات . وقد خاض هذه الانتخابات وهو يواجه انقساماً داخلياً بخصوص خطة الخروج من الاتحاد الاوربي وخاصة ما يتعلق بالإتحاد الجمركي .

أما حزب العمال ، الذي راهن على تحقيق اختراقات مثيرة على الصعيد المحلي ، فلم يتمكن من تحقيق هذه الاختراقات . واكتفى بالاحتفاظ على ما بيده من مجالس .

وقد خاض هذه الانتخابات وهو يخوض جدالًا حاداً داخل الحزب حول ما سمي بظاهرة العداء للسامية antisemitism ، وكان اللقاء الشهير لزعيم الحزب "جيرمي كوربن" مع قادة الطائفة اليهودية البريطانية حول هذا الموضوع الشهر الماضي قد فتح الباب لنقاشات أوسع ، ربما تتواصل على إيقاعات مزيد من التوتر داخل الحزب .

الانتخابات المحلية عند الناخب البريطاني لها قيمة ومعنى أوسع وأهم باعتبار أن المحليات بما تضطلع به من مسئوليات يومية هي العنوان الأهم لتطور حياته واستقرارها .

في هذه الانتخابات يختار من يقود ويعتني بحياته اليومية بدءاً بالنظافة وتجميع القمامة وتبليط الشوارع والطرقات والعناية بالحدائق والاشجار والمربعات الخضراء والمنتزهات ، إلى الإسكان والمياه والكهرباء والخدمات الصحية والتعليم والمواصلات ومواقف السيارات والشئون الاجتماعية والمطاعم والأسواق المحلية والضرائب والتراث والفنون المحلية والأراضي والعقارات والمقابر والامن والحرائق ودور العجزة والإيواء والبريد وكل ما يتعلق بحياة المواطن . ولا يهتم المواطن بالمؤسسة المركزية لأن كل ما يتعلق بشئون حياته هي من مسئولية هذه المجالس .

لذلك لا غرابة أن تكون نتائج انتخابات المجالس المحلية هي مقياس لمعرفة الخارطة السياسة للبلاد ، والتي تتكون بعد ذلك في الأنظمة البرلمانية من مستويين الكلمة والفعل . فبينما تكون الكلمة هي أداة التعبير للبرلمان ، يكون الفعل هو أداة التعبير للمجلس المحلي . ولذلك يردد الإنجليز مثلهم الشهير:

Actions speak louder than words

وقارنوا " يا ايها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون ".