ابحث مع وزراء الشرعية عن السمعة الضائعة
رأي المشهد العربي
كعادتها في إثارة الأزمات، وافتعال المشاكل، ووضع العراقيل أمام الجهود المبذولة لتنفيذ "اتفاق الرياض" كشفت الشرعية الإخوانية عن إصرارها على إفشال الاتفاق، والاستمرار في مسلسل إرهابها وجرائمها وانتهاكاتها حقوق الجنوبيين.
البيان الصادر عن وزراء الشرعية الإخوانية كشف عن عدم رغبتها المضي في مسار السلام، فما تضمنه البيان حلقة جديدة من الأكاذيب والافتراءات من شأنها إهدار الفرص المتاحة لحل الأزمات الحالية سلميا، وجر القضية بأطرافها المختلفة إلى المزيد من الصدامات والنزاعات.
المراقبون والمحللون السياسيون لم يفاجئهم بيان الشرعية الإخوانية؛ فقد اعتادوا على ألاعيبها ومراوغاتها وأكاذيبها، واكتشفوا حقيقة أن ما تعلنه يستهدف الخداع التمويه والغش، وما تخفيه شيء آخر ينطوي على غدر وإرهاب واغتصاب للحقوق.
البيان أصدره وزراء الشرعية الإخوانية، زعموا كذبا وزيفا أنه يعبر عن "حكومة المناصفة" الأمر الذي نفاه بقوة وزراء الجنوب ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي.
إن نفي هؤلاء الوزراء علمهم بالبيان قبل صدوره يطرح تساؤلا مهما عن مسؤولية رئاسة الحكومة عن هذا "العبث الفاضح" المنسوب إلى الحكومة من فئة تدرك أنها أصبحت منبودة تماما من الجميع.
ما موقف رئاسة الحكومة من هؤلاء الذين يحاولون احتكار الحديث باسمها، ويستخدمها في الخداع والغش، وكسب مواقف زائفة، وتحقيق مصالح مشبوهة، أم أن البيان بالطريقة التي صدر بها امتداد لأسلوب الفوضى الذي تعتمده الشرعية الإخوانية منهجا لفرض وجودها، وتحقيق مصالحها؟.
إن البيان الذي أرادوه شوكة في طريق المجلس الانتقالي الجنوبي ارتد إلى نحورهم طعنة قاصمة أسقطت عننهم ورقت التوت التي حاولوا عبثا ستر عوراتهم السياسية بها.
فالحقيقة التي ينضح بها البيان أن وزراء الشرعية الإخوانية يشعرون بأن "على رؤوسهم بطحة" ويتعاملون بمقتضى المثل الشئع "يكاد المريب يقول خذوني".
يدركون أنهم أساؤوا إلى سمعتهم، ولوثوها بأساليبهم الملتوية، وألاعيبهم، وإرهابهم، وحروب الخدمات والإهمال والتجويع التي يشنونها على الجنوب.
يدركون أنهم أساؤوا إلى سمعتهم، ولوثوها بتواطئهم مع مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وتسليمهم الكثير من المواقع خيانة وإذلالا، وحرصا على ثرواتهم التي يكدسونها بالمناطق الخاضعة للحوثيين وتحت حمايتهم.
يدركون أنهم أساؤوا إلى سمعتهم، ولوثوها بالانغماس في المؤامرات التي يحيكها ثلاثي الشر: إيران، وتركيا، وقطر لنهب ثروات الجنوب، وزعزعة استقراره وأمنه، وطمس حقوقه في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة.
يدركون أنهم أساؤوا إلى سمعتهم عندما تنكروا للأشقاء في الإمارات والسعودية الذين استجابوا لاستغاثتهم، وهبوا لحمايتهم في الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي الإرهابية.
فعن أي سمعة يتحدثون بعد أن أجهزوا على ما تبقى منها بالتواطؤ مع التنظيمات الإرهابية، والسعي إلى إعادتها مرة أخرى إلى مدن الجنوب وتنصيب الإرهابيين في مواقع قيادية لتيسير الهيمنة عليها، وإشعال الفتن فيها، وما يحدث في لودر ليس ببعيد، حيث يصر وزير داخلية الشرعية الإخوانية المدعو إبراهيم حيدان، بضوء أخضر من الرئاسة، على تعيين إرهابي قاعدي على رأس المنظومة الأمنية هناك، الأمر الذي يفضح المؤامرات الإرهابية التي تحاك ضد الجنوب.
أما ما يتصل بالمجلس الانتقالي الجنوبي في البيان، والذي اعتبره البعض اتهامات يرسلها وزراء الشرعية دون دليل أو ظل من الحقيقة، فله وجه آخر يدركه العارفون بالمجلس وقياداته وسياساته.
لا ينكر منصف أن المجلس الانتقالى حقق الكثير من الإنجازات والانتصارات للجنوب على مختلف الأصعدة المحلية والعربية والعالمية. واكتسب مصداقية كاملة ومكانة رفيعة واحتراما كبيرا، نتيجة سياساته المعتدلة، وعلاقاته المميزة بالجميع.
وتدرك الشرعية الإخوانية هذه المكانة التي يتمتع بها المجلس الانتقالي جيدا، ومن ثم يمكننا أن نفهم حديث الشرعية الإخوانية عن المجلس بأنه نوع من الاستجداء لحماية ما تبقى من صورتها "السيئة" أمام الرأي العام في الداخل والخارج.
فالشرعية الإخوانية التي اكتشفت فجأة ضياع سمعتها في العالم تستغيث، ولو بأسلوب المراوغة والكذب والاتهام، بالمجلس الانتقالي من نفسها، من أعمالها "السوداء".
فشلت الشرعية الإخوانية في حماية سمعتها من ممارساتها الإرهابية، والإدانات الدولية التي تطاردها في كل مكان، وخشيت على وجودها من مصداقية الانتقالي، فرأت أن تحتمي به منه، لكنها تنكبت الطريق، لتسوق الاتهامات للمجلس، وهي بالفعل تعترف بمصداقيته ومكانته وتأثيره داخليا وخارجيا، وتخشى على وجودها، وتستغيث به لوقف تدهور "سمعتها".
ولا نحسب أن تلك الأساليب الإخوانية المشبوهة يمكن أن تنال من مكانة المجلس ورسالته وأهدافه، فقياداته تنظر دائما إلى الأمام، وتأبى أن تلتفت إلى الوراء، أو تهتم بمزاعم من اختاروا لأنفسهم أن يكونوا من "نفايات التاريخ".