انتفاضة الجنوب تجني أولى ثمارها
نجحت انتفاضة الجنوب والمسيرات الاحتجاجية التي نظمها أبناء الجنوب في محافظتي شبوة وحضرموت في تحقيق هدف مبدئي تمثل في لفت أنظار المجتمع الدولي لما يجري في المحافظات الجنوبية.
وعبرت البيانات والتصريحات الصادرة عن أطراف عديدة خلال الساعات الأخيرة، عن أن هناك إدراكا لخطورة استمرار الأوضاع الراهنة في الجنوب وبأهمية الارتكان إلى اتفاق الرياض كوثيقة سياسية تنهي حالة التوتر القائمة وتقود للخروج من مربع الصفر الذي ترفض الشرعية مراوحته.
أصدرت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بيانات دعمت العودة إلى طاولة المفاوضات مجدداً لاستكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض، وهو ما رحب به عمرو البيض، ممثل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية، مشدداً على ضرورة منع التوتر وأعمال القمع في أنحاء الجنوب.
وأعرب البيض عن تقديره للاهتمام الدولي بالجنوب، معتبراً أن استقراره خطوة مفصلية لاستقرار المنطقة، ودعا إلى إلزام الشرعية الإخوانية بتنفيذ التزاماتها الواردة في اتفاق الرياض، وعلى رأسها تحقيق التنمية وتحسين الخدمات واستكمال الجوانب السياسية والإدارية والعسكرية من الاتفاق.
يبدو واضحاً أن رسالة الجنوب القوية وصلت إلى أطراف دولية فاعلة ويشكل موقفها الأخير بضرورة العودة إلى المفاوضات ضغطًا جديدا على الشرعية الإخوانية التي تجد نفسها مضطرة للقبول بالتفاوض والحل السياسي في مواجهة حصار دبلوماسي وشعبي وعسكري أيضا فرضه المجلس الانتقالي الجنوبي عليها في شبوة وحضرموت.
تتوافق المطالب الدولية مع مساعي المملكة العربية السعودية لإنزال بنود الاتفاق على الأرض، ما يُعطي دفعة جديدة إلى المباحثات التي سيخوضها الانتقالي وهو مرتكن على أرضية شعبية صلبة لأن الجميع أدرك أن هناك حالة غضب كامنة في محافظات الجنوب ولن يكون في صالح أحد استمرار الأوضاع كما هي من دون تغيير في توجهات الشرعية سواء على مستوى ممارساتها الاحتلالية في الجنوب، أو على مستوى تعاملها مع الملشيات الحوثية وإرغامها على توجيه سلاحها ليكون في وجه العناصر المدعومة من إيران.
ستكون الشرعية الإخوانية هي الطرف الأضعف في أي مباحثات مستقبلية أمام الانتقالي الذي أكد أن هناك إجماعا شعبيا على جهوده لنصرة قضية الجنوب وعدَت المظاهرات بمثابة تفويض جديد باتخاذ ما يلزم لاستعادة الدولة باعتباره ممثلاً عن شعب الجنوب، في حين أن الشرعية ليس لها حضور راسخ في الجنوب كما أنها فقدت غالبية المواقع التي كانت تسيطر عليها في الشمال، وأثبتت أنها طرف ليس أمامها سوى القمع والإرهاب لفرض أجندتها الإرهابية.
سعى الانتقالي من خلال الاحتجاجات التي خرجت من محافظات ومديريات عديدة لأن يفضح ممارسات الشرعية الإخوانية ونجح في ذلك، إذ لم يكن أمامها سوى التعامل بقوة السلاح مع المتظاهرين الأبرياء، وهو ما وثقته كثير من الأدلة والبراهين، وبالتالي فإن صورة الشرعية كطرف معتدٍ وتمارسه إرهاب بحق الاحتجاجات السلمية تترسخ في أذهان كثير من القوى الإقليمية والدولية.
يمكن القول إن المظاهرات التي انطلقت بالتزامن مع ذكرى يوم الأرض الجنوبي حركت المياه الراكدة على مستوى حل القضية الجنوبية، ومن المتوقع أن يكون لها تأثيراتها الإيجابية على المستقبل القريب لأن لغة القوة الشعبية التي عبرت عنها المسيرات الاحتجاجية قادرة على الوصول إلى دوائر التأثير الدولي بشكل سريع كما أن توجه بعض القوى نحو إنهاء الأزمة اليمنية قد يأتي في صالح الجنوب مع ضرورة أن يكون هناك حل شامل وليس جزئيا أو مرحليا.