الارتباك الأميركي يمنح الحوثي فرصة جديدة للتهرب من السلام
بدا الارتباك واضحًا على توجهات الولايات المتحدة الأميركية بشأن الأزمة اليمنية، ففي الوقت الذي تكرر فيه الإدارة الأميركية أنها تمارس ضغوطاً حثيثة على العناصر المدعومة من إيران لدفعها نحو السلام، تعمل في المقابل على ترك منافذ لها تُمكنها التهرب من الفرص المتاحة أمامها للانخراط في جهود الحل السياسي.
وعبر تصريح المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، صامويل ويلبرج، والذي استبعد وجود حل عسكري للصراع في اليمن، عن أن الولايات المتحدة غير ساعية للضغط المباشر على العناصر المدعومة من إيران حتى وإن لم تستجب لمحاولات السلام، وأنها تدعم فرض سياسة الأمر الواقع التي يحاول الحوثي فرضها على المجتمع الدولي.
حديث الدبلوماسي الأميركي عن استبعاد الحل العسكري يُعني أن هناك رغبة في أن تحصل إيران وأذرعها الإرهابية على أكبر قدر من المكاسب بعد سبع سنوات من الحرب التي شنتها المليشيات الحوثية، وذلك ارتكاناً على هيمنة العناصر الإيرانية على مناطق شاسعة في الشمال، في حين أن ذلك لن يؤدي إلى حل الأزمة لأنه لن يكون مقبولاً أن تكون المليشيات الحوثية سلطة أمر واقع في الشمال.
تساهم الأحاديث الأميركية عن رفض العمل العسكري بالرغم من توالي العمليات الإرهابية التي تمارسها المليشيات الحوثية بحق الأبرياء ورفضها كافة مبادرات السلام المعروضة عليها في زيادة معدلات العنف في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بل أنها تمنحها إشارات خضراء للتمدد في مناطق جديدة مازالت لم تصل إليها طالما أنه لن يكون هناك حل عسكري للأزمة.
ودعا ويلبرج، في تصريحات إعلامية مساء اليوم الأحد، إلى انخراط مليشيا الحوثي الإرهابية في مفاوضات السلام، مشيراً إلى أنه حان الوقت لوقف الحرب، والقبول بوقف إطلاق النار، مشدداً على أهمية التنسيق الشامل بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية ذات التأثير للتوصل إلى حل سلمي.
لم يقدم الدبلوماسي الأميركي بدائل للتعامل مع الأزمة في حال رفضت المليشيات الحوثية الانخراط في السلام، وطغى على حديثه آليات غير واضحة للضغط على العناصر المدعومة من إيران، الأمر الذي يجعل المليشيات متيقنة من أن جرائمها لن تلقى الردع المناسب من جانب المجتمع الدولي الذي يتحدث ليل نهار على ضرورة إنهاء الأزمة اليمينة.
يأتي تصريح ويلبرج بعد أسبوعين تقريباً من سقطة أخرى وقعت فيها إدارة بايدن بعد أن اعترفت بالعناصر المدعومة من إيران طرفاً شرعياً في اليمن، وبالرغم من تراجعها عن هذه التصريحات إلا أنها تركت إشارات التقطتها المليشيات الحوثية بتصعيد عملياتها الإرهابية في أكثر من منطقة لعل أبرزها توظيف الحديدة كنقطة انطلاق لعملياتها الإرهابية بدعم إيراني عبر شحنات السلاح التي وصلت إلى ميناء المحافظة.
يشكل الارتباك الأميركي في مواجهة المليشيات الحوثية أحد عوامل إطالة أمد الصراع لأن الانتقال بشكل مباشر من التضييق وفرض العقوبات إلى المهادنة يؤكد على أنه ليس هناك رغبة دولية حقيقية في حل الأزمة، كما أن الاكتفاء بخطوة تعيين مبعوث أميركي إلى اليمن ليست كافية طالما أنه ليس لديه إستراتيجية واضحة يعمل على تطبيقها ولم يقدم مبادرات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.