السم في العسل.. تركيا التوسعية تخدع العالم لنهب ثروات المنطقة
يخطئ من يظن أن محاولات رأب الصدع التي تبذلها تركيا الآن لاستعادة علاقاتها مع الدول العربية تتمتع بمصداقية حقيقية، أو أن وراءها حُسن نيات، واعتراف بالخطأ، فما تمارسه تركيا شيء مختلف تماما عما تدعيه وسائل إعلامها.
تركيا تحاول خداع العالم بدعواتها المتكررة إلى التعاون وإصلاح العلاقات التركية العربية، وهي في الوقت نفسه تحاول الاستفادة من آثار تلك الدعوات الخادعة في تغطية مخططاتها التوسعية في الكثير من الدول العربية، خاصة الجنوب.
في سوريا والعراق وليبيا ومصر والجنوب واليمن وغيرها، تتعدد ممارسات تركيا ومخالفاتها وانتهاكاتها، ولكن يبقى الهدف واحدا وهو استنزاف ثروات المنطقة، والعبث بأمنها واستقرارها بإشعال الأزمات، وتقديم الدعم لجماعات الشر التي تنشر الإرهاب والفوضى والدمار، وتنهب مقدرات الشعوب.
مع بداية الاحتلال التركي لمناطق سورية وعراقية، روجت الآلة الإعلامية التركية دوافع رجب طيب أردوغان للتدخل التركي في الجارتين بزعم "حماية الحدود" على خلفية أزمات طاحنة تدور في البلدين.
ومع انكشاف أبعاد المخطط التركي في ليبيا واليمن اللتين تبعدان آلاف الكيلومترات سقط اللثام عن مساعي الشر، ومخطط التقسيم لنهب ثروات البلاد، وفي مقدمتها الجنوب العربي.
في ليبيا التي تعاني من ويلات التقسيمات والمشكلات الداخلية وتحاول الخروج من نفق الإرهاب المظلم، لا يمر يوم إلا وتنكشف حلقة جديدة من حلقات المخطط التركي، وآخرها ضبط شحنات أسلحة تركية محملة على متن سفن، أبرزها واقعة ضبط السفينة "أمازون" بعد خروجها من ميناء سامسون محملة بآليات عسكرية وأسلحة متنوعة، قبل أن تصل إلى ميناء طرابلس.
المطامع التركية في ليبيا تكمن في اعتيارها فرصة ذهبية للسيطرة على غاز البحر المتوسط، الأمر الذى اقتضى سعي تركيا إلى تمكين عناصر جماعة الإخوان الإرهابية من حكم البلاد، ونهب مقدرات الشعب الليبي، بعد ضمان ولائهم لتركيا.
وإمعانا في تنفيذ مخطط التمكين للإخوان، ولإضفاء مصداقية كاذبة وزائفة على سياسات تركيا الانتهازية، فتحت أنقرة أبوابها لمليشيات إرهابية هاربة كجماعة الإخوان، وأغدقت الأموال على قياداتها، حتى تدير وتشرف على معارك المليشيات في ليبيا، وبالتالي تحقق مصالح وأغراض سياسية واقتصادية أملتها عليها أنقرة.
ومن ليبيا إلى اليمن لم تختلف الحال كثيرا، حيث استهدفت تركيا التوغل هناك، ووجدت ضالتها في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ذراع جماعة الإخوان الإرهابية، الذي أصبح وكيلا محليا لأنقرة في تنفيذ أهدافها بالمنطقة، وخاصة الحنوب.
وسرعان ما انكشفت مساعي الرغبة في وضع يد تركيا على موارد وثروات المناطق الغنية بالنفط والغاز، ومن ثم تأمين موطئ قدم على الضفة الشرقية للبحر الأحمر.
أصبحت الدعوات تطلق صراحة ودون مواربة من قبل قيادات الحزب الإخواني، يطالبون فيها بالتدخل التركي، بزعم مواجهة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بينما في الكواليس لا يكف مخطط تثبيت أركان حكم حزب الإصلاح الإخواني عن العمل، وبدا أن دوره المشبوه استهدف اتفاق الرياض في المقام الأول للهيمنة على المثلث النفطي، وفتح طريق تركيا لاستكمال حلقات المخطط الممتد من الساحل والصحراء مرورا بأثيوبيا والصومال، والسيطرة التامة على باب المندب.
وسرعان ما انتبه المجلس الانتقالي الجنوبي لأبعاد المخطط المعد لنهب ثروات الجنوب. وكشف مساعي حزب الإصلاح في محاولة التمدد باتجاه الجنوب والتواطؤ مع الحوثي، عندما أعلن في مارس الماضي أنّ جماعة الإخوان كانت تواصل مخططها في مديرية طور الباحة بمحافظة لحج، المتاخمة لعدن من جهة الشمال، لحرف مسار معركتها المفترضة مع مليشيا الحوثي، بمحافظة تعز، التي تتقاسم معها وبوئام تام السيطرة على شوارع عاصمتها، لتفتح بهذا المخطط معركة جديدة ضد الجنوب، بدلا عن مواجهتها المليشيات الحوثية.
وفي السياق نفسه تكشفت تفاصيل مخطط تركي لإرسال ضباط أتراك إلى الجنوب واليمن دخلوا سرا لمساعدة المليشيات المرتبطة بحزب الإصلاح الإخواني الإرهابي المنتشرة في محافظات تعز ومأرب وشبوة وأجزاء من محافظة أبين.
وكشفت أن الضباط الأتراك ظهروا في محافظتى شبوة ومأرب بشكل رئيسى، وتسللوا تحت غطاء إنسانى مع إخفاء هويتهم وأسمائهم الحقيقية.
وكشفت التقارير أن 28 ضابطا تركيا تواجدوا في مأرب، واندسوا بين موظفي الهلال الأحمر التركي الذى افتتح له مقرا فى مأرب، وكان مقر اللقاءات والاجتماعات والتشاور مع قادة عسكريين يتبعون حزب الإصلاح الإخواني.
دخلوا البلاد عن طريق تدابير نفذها جهازا الأمن السياسى الخاضعان لنفوذ حزب الإصلاح. دخلوا على أنهم يمنيون عبر منفذ صرفيت فى محافظة المهرة.
ولعبت تركيا دور أهم المنافذ لعبور تمويلات وإدارة استثمارات للمليشيات الحوثية، وهذا ما كشفته عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية على شبكة مالية تنشط في إيصال الدعم الإيراني للحوثيين الذين يتشاركون مع الإخوان في تنفيذ حملات مشتركة لاستهداف ثروات الجنوب واليمن، وتتولى خلايا الإخوان في تركيا القيام بهذه المهمة إلى جانب جيوش المليشيات الإلكترونية التي تتناثر في أماكن عديدة.
باتت الشواهد واضحة عن المخطط التركي، الذي يشرف عليه أردوغان، وهو العودة إلى احتلال الوطن العربي أو ما يمكنها احتلاله من أرض العرب، بهدف التوسع، وبسط النفوذ، ونهب الثروات.