تواطؤ الإخوان والحوثي ينجح بالشمال.. وينهار في الجنوب
على مدار أكثر من خمس سنوات ماضية لم توجه الشرعية الإخوانية سلاحها في وجه المليشيات الحوثية الإرهابية، وهو ما ترتب عليه تمدد العناصر المدعومة من إيران في غالبية محافظات الشمال التي أضحت خاضعة لسيطرتها، في حين أن الشرعية الإخوانية تفرغت فقط لمعاداة الجنوب، وعرقلة جهود المجلس الانتقالي لنصرة القضية الجنوبية واستعادة الدولة.
منذ أن هربت الشرعية من صنعاء وسلمتها للمليشيات الحوثية في العام 2014 لم تتوقف عن عمليات تسليم الجبهات، ولعل ما حدث في الجوف قبل عامين تقريبًا كان أبرز دليل على وجود مخططات بين الطرفين نحو اتجاه الشرعية إلى الجنوب في مقابل سيطرة المليشيات الحوثية على محافظات الشمال، وهو ما وضح من خلال ترك أسلحة ومعدات الشرعية للعناصر المدعومة من إيران.
منذ ذلك الحين تمددت المليشيات الحوثية على نحو أكبر في محافظات الشمال ووصل الأمر إلى أن سيطرت على الجزء الأكبر من محافظة مأرب وهي معقل الشرعية الإخوانية، غير أن من تصدي للعناصر المدعومة من إيران هم أبناء قبائل المحافظة والتحالف العربي الذي وجه ضربات قوية أرغمت الحوثي على وقف تقدمه، وهو ما أكد أن هناك مخططا يقضي بتسليم الشمال ليكون تحت قبضة المليشيات الحوثية.
في المقابل فشلت الشرعية الإخوانية في أن تحشد قوتها في الجنوب، وجرى طرد المجاميع الإرهابية من العاصمة عدن، وتصدت القوات المسلحة الجنوبية لمحاولات اختراق عدن مجددا، وحاصرتها في محافظة شبوة وتعامل أبناء الجنوب مع مخططات تحويل وادي حضرموت إلى معقل جديد للشرعية، ولم تفلح خططها نحو الاستعانة بالتنظيمات الإرهابية في خلق أمر واقع جديد في الجنوب ومن ثم لم يكن أمامها سوى الاستعانة بحليفها في الشمال (المليشيات الحوثية) لفك طلاسم الجنوب.
يبدو واضحا من خلال عمليات تقدم العناصر المدعومة من إيران إلى حدود محافظة شبوة أن تفاهمات تسليم وتسلم الجبهات في الشمال يجري تكرارها الآن في الجنوب، وذلك ضمن تحالفات إقليمية أكبر يقودها محور الشر الإيراني التركي القطري، غير أن الواقع في الجنوب يختلف تماما عما هي عليه الأوضاع في الشمال.
هناك جملة من الدلائل التي تبرهن على ذلك، ففي الجنوب هناك رقم صعب في المعادلة لا يمكن تجاوزه يتمثل في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي لديه قوة عسكرية وسياسية وشعبية لا يستهان بها وسيقف حائلا أمام تمرير أي مخططات معادية تستهدف إغراق الجنوب في الفوضى، بعكس الوضع في الشمال بعد أن أفرغت الشرعية الإخوانية قوات الجيش من عناصرها لصالح الاستعانة بمليشيات الإخوان التي أقدمت على تسليم الجبهات بكل سهولة.
الدلالة الثانية أن القوات المسلحة الجنوبية لديها الخبرة الكافية للتعامل مع مليشيات الحوثي والإخوان وحققت انتصارات عديدة على الطرفين، سواء كان ذلك في جبهة شمال الضالع التي تظل حتى الآن عصية على المليشيات الحوثية أو من خلال عملية تحرير الجنوب التي استطاعت فيها القوات الجنوبية طرد العناصر المدعومة من إيران في غضون أشهر قليلة، أو عبر صمود أبناء الجنوب في جبهة أبين على مدار أكثر من عام حاولت فيها الشرعية الإخوانية تغيير معادلة الوضع السياسي والعسكري لعرقلة اتفاق الرياض.
إذا جرت عملية تسليم وتسلم الجبهات في الشمال من دون مقاومة حقيقية على الأرض فإن الوضع في الجنوب يختلف لأن هناك قضية عادلة يدافع عنها أبناء الجنوب ويقدمون التضحيات من أجل نصرتها، في حين أن قوى الشمال هي احتلالية بالأساس وستواجه بمقاومة قوية على المستويات الشعبية والعسكرية والسياسية أيضا.