قضية الجنوب العادلة تهزم مؤامرات الاحتلال الفاشلة
منذ أن بدأت الحرب الحوثية في اليمن قبل سبع سنوات استطاع الجنوب أن يظل رقما صعبا لا يمكن تجاوزه، بدءا من تحرير العاصمة عدن وباقي محافظات الجنوب من العناصر المدعومة من إيران بعد أشهر قليلة على احتلالها، ومرورا بتطهير الجنوب من عناصر تنظيمي داعش والقاعدة، ووصولا إلى طرد المجاميع الإرهابية التابعة لتنظيم الإخوان من العاصمة عدن وإرغام الشرعية الإخوانية على توقيع اتفاق الرياض الذي يعد اعترافا دوليا بالمجلس الانتقالي الجنوبي ممثلا عن قضية الجنوب.
استطاعت القوة السياسية والدبلوماسية والعسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي أن تُضيق الخناق على ممارسات الشرعية في الجنوب بل أن هذه القوة كانت سببا رئيسيا في كشف خيانة الشرعية وفضح كثير من ألاعيبها وتقديم مئات الأدلة والبراهين على تعاونها مع المليشيات الحوثية الإرهابية، ما كان دافعا نحو تصعيد قوى الاحتلال اليمني ضد الجنوب في أغسطس من العام 2019، لكن أبناء الجنوب البواسل تمكنوا من قلب الطاولة على المليشيات الإخوانية والحوثية معا.
منذ ذلك الحين وجدت الشرعية الإخوانية نفسها مضطرة لكشف كثير من أوراق خيانتها للمليشيات الحوثية وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة، حيث سلمت محافظة الجوف، ودعمت تعايشها السلمي مع الحوثيين في تعز، وسمحت للعناصر المدعومة من إيران أن تصل إلى معقلها الرئيسي في مأرب، وجميعها تحركات استهدفت حصار الجنوب ووأد تجربته الناجحة وسط مستنقع الفشل اليمني.
لم يحقق إرهاب الشرعية الإخوانية في محافظتي شبوة وحضرموت الهدف المنشود ولم تفلح محاولات استعانتها بالعناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في تحقيق اختراق يذكر في محافظة أبين وظلت العاصمة عدن عصية على اختراقات أمنية أو عسكرية، وأفشل الجنوب مخططات توزيع الشمال والجنوب بين الحوثي والإخوان.
في تلك الأثناء تتصاعد وتيرة المؤامرات اليمنية على الجنوب بعد أن سلمت الشرعية الإخوانية عددا من المواقع الإستراتيجية للمليشيات الحوثية على حدود محافظة شبوة، وتعمل على تمهيد الأرضية المواتية لدعم اختراقها محافظة لحج، وبدا أن تهدئة جبهات مأرب ما هو إلا خدعة وقتية لفتح جبهات في بيجان ويافع وشمال الضالع، وقد يكون من أهداف هذا التصعيد أيضًا دعم وصول الشرعية الإخوانية إلى العاصمة عدن.
لكن بالنظر إلى الظروف المحيطة بهذا التصعيد فإنه يأتي في وقت تشهد فيه الشرعية الإخوانية حصارا شعبيا في شبوة وحضرموت وأبين ولم تلفح بعد عام تقريبا من تحرير جزيرة سقطرى أن تضع لها قدما مرة أخرى وفشلت جميع محاولاتها بأساليب وأدوات مختلفة في الوصول إلى العاصمة عدن، وهو ما يعني أنها لم يعد أمامها سوى تغيير قواعد التحالف مع الحوثي من أجل إيجاد نقاط ارتكاز سياسية من الممكن أن تساعدها في أي مفاوضات مستقبلية.
تؤكد كل هذه المعطيات أن الجنوب يظل عصيا على محاولات إخضاعه للاحتلال اليمني، وأن دفاع أبناء الجنوب عن قضيتهم العادلة استطاع أن يصد المؤامرات التي لم تتوقف منذ سنوات طويلة، ما يدعم انتصار الجنوب في هذه الجولة أيضا بالرغم من خطورة المخططات التي تحاك لإغراقه في الفوضى.
هناك جملة من العوامل التي تدعم انتصار الجنوب على رأسها وجود قوات مسلحة جنوبية قوية استطاعت أن تصد تقدم المليشيات الحوثية في جبهة يافع مؤخرا ولديها خبرات في التعامل مع المليشيات الحوثية والإخوانية، كما أن هناك كيانا سياسيا يمثل الجنوب ويدافع عن قضيته ويحظى باعتراف دولي لديه القدرة على أن يظل رقما صعبا في معادلة حل الأزمة، إلى جانب ظهير شعبي يمارس ضغوطا حثيثة في اتجاهات ومناطق مختلفة تقوض قدرة قوى الاحتلال على إنزال مؤامراتها وتنفيذها على أرض الواقع.