مساعي الأمم المتحدة.. رؤية شاملة للحل أم مبعوث جديد إلى اليمن؟
استأنفت الأمم المتحدة تحركاتها بشأن مساعي السلام مجددا بعد توقف دام أكثر من شهرين منذ انتهاء مهمة المبعوث الأممي السابق، وعدم تسمية مبعوث آخر جديد، وأوفدت نائب المبعوث الأممي إلى اليمن معين شريم إلى الرياض الذي أنهى زيارته أمس الجمعة بالتزامن مع تصعيد حوثي ضد المملكة على مدار الأيام الماضية.
كلما تحرك المجتمع الدولي لإنهاء الحرب الحوثية سياسيا دفعت إيران عناصرها الإرهابية لاستهداف السعودية في رسالة مباشرة على رفضها أي محاولات لوقف جرائمها الإرهابية، وهو أمر تكرر كثيرا في أثناء الزيارات السابقة التي قام بها المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث إلى الرياض أو صنعاء.
ويبدو واضحًا أن المليشيات الحوثية وجدت أنها تحقق أهدافها من التصعيد لأنه في كل المرات السابقة فشلت الأمم المتحدة في تمرير خطتها للسلام.
هذه المرة اختارت المليشيات الحوثية أن يكون تصعيدها على نحو أكبر في ظل نشاط أمريكي يقوده وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي تواجد في الرياض بنفس توقيت زيارة نائب المبعوث الأممي، واختارت أن تهدد أمس الجمعة الملاحة البحرية في باب المندب عبر محاولتها استهداف سفينة تجارية سعودية بطائرة مسيرة لكن دفاعات التحالف العربي تصدت لها.
استهدفت العناصر المدعومة من إيران التأكيد على أنها لن ترضخ لأي مبادرات للسلام حتى وإن كان هناك مرحلة جديدة من المباحثات تقودها الولايات المتحدة من خلال وزير خارجيتها ومبعوثها إلى اليمن ليندركينغ، إلى جانب الأمم المتحدة ممثلة في نائب المبعوث الأممي إلى اليمن.
لا تجد المليشيات الحوثية ما يُرغمها على السلام، لأن المجتمع الدولي لم يثبت في أي وقت مضى رغبته الجادة في إيجاد حل شامل للأزمة، كما أن الشرعية الإخوانية تقوم بدور الداعم والمحلل للإرهاب الحوثي وتُفسح المجال أمام تمكين الحوثيين من بعثرة أوراق الحل كلما كانت هناك مبادرات من الممكن أن تجد موضعًا من التنفيذ.
حديث البعض عن ضرورة تعيين مبعوث أممي جديد لا يمكن أن يؤدي الغرض منه طالما استمرت الرؤية الحالية والتي تقوم على طرح مبادرات للسلام دون أن يكون هناك أداة ضغط على العناصر المدعومة من إيران، ومن دون أن يكون هناك إدراك دولي بأن الشرعية الإخوانية ما هي إلا أداة مساعدة لإطالة أمد الصراع، ومن دون أن يكون هناك حل شامل يتضمن قضية الجنوب.
الأمر يتطلب إستراتيجية جديدة وأدوات مختلفة عن التي يجري الحديث عنها الآن، لأن تحميل العناصر المدعومة من إيران مسؤولية عدم الوصول إلى سلام لن يكون كافيًا بعد سبع سنوات من الحرب التي تسببت في أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، كما أن خوض الأمم المتحدة غمار المفاوضات من دون أن تحظي بضغط دولي على إيران وأذرعها الإرهابية لن يؤدي إلى حل، كما أن رهن الأزمة بتسوية الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران لن يجعل هناك معنى لأي تحركات أممية على الأرض.
لن يفرق كثيرا وجود مبعوث أممي إلى اليمن من عدمه، فالمهم أن يكون هناك رؤية متطورة يمكنها التعامل مع طبيعة ما يجري على أرض الواقع.