فقراء اليمن في زمن الحوثي .. مشردون يبحثون على الخبز ( خاًًًًص)
حاص بالمشهد العربي
تكشف حالة الفقر الكلي عامة وفقر الغذاء خاصة وبشكل أكبر في المناطق الغير محررة ، مدى وقوف الحوثيين حجرة عثرة أمام وصول المساعدات للمستحقين، واستغلالها لتحقيق ثراء على حساب فاقة العامة من الفقراء
"طفل ومسن"
في حالة إنسانية تزيح الستار على مدى حرمان الحوثيين للفقراء من المساعدات الإنسانية، يقول نازح مسن من محافظة حجة :"لم يبقَ لي غير هذا الطفل ولا استطع أن أوفر له الطعام، هذا المسن قدم من محافظة حجة نازخاً إلى صنعاء بعد أن فقد كل أسرته ومنزله ولم تترك له الحرب غير البؤس الفاقة والتشرد على أرصفة الجوع بحثا عن قرص رغيف يسد به رمق جوع طفله الذي لا يتجاوز العشرة أعوام".
وفي أحد مساجد صنعاء وبعد صلاة المغرب ليوم الثلاثاء الموافق 8 مايو2018، استئذن الرجل المسن والذي يبدو عليه كثير من التعب والوقار، وعلى غير المعتاد كما يفعل أشخاص يطلبون المساعدة، استئذن ونهض بتثاقل وتقدم إلى بداية المسجد، وبكلمات مرة قال:" إخواني أنا نازح من محافظة حجة ولم يبقَ لي من أسرتي غير هذا الطفل ولا استطع أن أعيله، بعد أن فقدت كل أسرتي وتم تدمير منزلي الذي كنت أسكن فيه، ثم جلس بصمت ووجوم وخجل لا وصف له".
.قطع الاتصال"
وفي برنامج تبثه قناة "وطن" التابعة لوزارة داخلية الحوثي، اتصلت فتاة من محافظة حجة يوم الخميس 10مايو 2018، تسأل عن سبب حرمان قطاع واسع من محافظة حجة من المساعدات الإنسانية، وكيف يمكنها النزوح مع أسرتها من ذات المحافظة، بعد أن بات وضعهم لا يحتمل البقاء بسبب زيادة معاناتهم ووصولهم مرحلة لم يعودوا فيها قادرين على توفير رغيف الخبز، وقبل أن تكمل الشكوى أرادت أن تنقلها عبر الإذاعة تم قطع الخط عليها، وكما ورد في مقدمة شكواها: المشرفيين الحوثيين لا يصرفون مساعدات إلا لأصحابهم فقط.
وعلى أرصفة الشوارع مدينة صنعاء، يكشف حجم النازحيين الذين يستجدون المارة مساعدتهم عن مدى حرمانهم من المساعدات المقدمة لهم ولأمثالهم، في حين يتم بيع المساعدات في الأسواق حسب مصادره خاصة ل "المشهد العربي " وكما توضحه الصورة.
تقارير دولية :
وتصف تقارير دولية جماعة الحوثي بمقصلة المساعدات الإنسانية، حيث تواظب على الاستيلاء على المنح والمساعدات الإنسانية المقدمة للفقراء وتسخر جزء منها لصالح أتباعها والجزء الأكبر تحوله إلى مواد سلعية وتقوم ببيعه في الأسواق وقد حققت قيادات حوثية ثراء كبير من بيعها للمعونات والمساعدات، وفي الوقت الذي يزداد فيه فقر الغذاء في اليمن يزداد ثراء قيادات حوثية بوتيرة عالية.
وعلى الطرف الأخر يقاتل الحوثيين على وصول المساعدات الإنسانية إليهم، وإذا تعثر ذلك يلجاؤون إلى عرقلة وصولها إلى المحتاجيين، وفي هذا السياق دعت هيومن رايتس في تقرير حديث الحوثيين إلى التوقف فورا عن منع وصول المساعدات إلى السكان المحتاجين، وتهديد أو تخويف أو مضايقة العاملين في المجال الإنساني، الذين ينبغي للسلطات ضمان عملهم دون عوائق أو انحياز.
ويأتي ذلك في وقت أكد تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة أوتشا بأن أكثر من 60% من السكان في اليمن لاسيما المناطق الواقعة تخت سيطرة الجماعة، يواجه خطر انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 7 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ويتعرض مليوني طفل لسوء التغذية الحاد.
"سيطرة وشطب"
وكشف عاملون في المجال الإنساني ونازحون ومواطنون عن تعرض مساعدات إنسانية تقدمها منظمات إغاثية إنسانية ودولية لنهب منظم من قبل جماعة الحوثي في المحافظات التي تسيطر عليها.
ويؤكدون أن جماعة الحوثي تقوم بإسقاط أسماء العديد من الأسر الفقيرة ونهب المساعدات المعتمدة لها وبيعها لتجار الجملة الذين بدورهم يبيعونها للمحلات التجارية في الأسواق، مشيرين إلی أنهم يشاهدون المساعدات الغذائية والإنسانية تباع في البقالات والمحال التجارية وهي معروفة بختم منظمة اليونسيف وبرنامج الغذاء العالمي.
ويلفتوا إلى أنهم يتفاءلون خيرا عندما يسمعون أخبارا تفيد بوصول مساعدات إغاثية إلی ميناء الحديدة أو مطار صنعاء وبكميات كبيرة، لكن سرعان ما يتبدد تفاؤلهم هذا ولا يحصلون علی شيء من تلك المساعدات، رغم حاجاتهم الماسة لها في ظل ظروف معيشية سيئة يمرون بها خاصة بعد انقطاع رواتب الموظفين والعسكريين للعام الثاني على التوالي وتنامي البطالة إلى مستويات غير مسبوقة.
"اعترافات"
وتقول متطوعة للعمل الإنساني في إحدى المنظمات المحلية، إنها تقوم بتسجيل أسماء الأشخاص الفقراء والأسر المحتاجة في صنعاء وترفعها المنظمة التي تعمل فيها إلى برنامج الغذاء العالمي واليونيسف ويتم اعتمادها في كشوف مخصصة للصرف، "إلا إنها_ حسب قولها، تتفأجأ في وقت صرف هذه المساعدات إسقاط أسماء الكثير"، لافتة إلى أنه "في كل مرة يتم إسقاط أناس في أشد الحاجة لهذه المساعدات والإسقاط يتم عبر مشرفي الحوثي"، "وعند سؤال المشرف الحوثي: لماذا أسقطت هؤلاء؟ يرفض الإفصاح عن السبب، كما يرفض إعادة أسمائهم إلى كشف الصرف".
ويذكر جمال اليريمي، متطوع آخر، أن مشرفي الحوثي يتعمدون إسقاط أسماء الكثير من المستحقين دون سبب يذكر وفي أوقات كثير يحذفون كشوفات بأكملها ورغم أنها مسجلة لدى منظمة اليونسيف بعد أن رفعت إليها تلك الأسماء وتم اعتمادها، ويستدرك "لكن للأسف عند وصول تلك المساعدات يتم حذف كشف الصرف من قبل مشرفي الحوثي ولا تصرف مساعدات لأحد بل يقوم المشرفون بمصادرتها بأكملها ومن ثم بيعها في الأسواق".
"لا يستفاد منها"
ويقول خبراء اقتصاد كل الأموال التي تذهب لما يسمى سواءً خطة الاستجابة الإنسانية أو المساعدات العاجلة لا يستفاد منها في المجال الإنساني إلا بقدر لا يتجاوز الـ 2بالمائة، والبقية تذهب هدراً، وتعاظم توسع الفاقة ومساحة الفقر في اليمن وفقر الغذاء، أن الأموال التي تُقدم لليمن وبالذات الجانب الإنساني لم تسهم في معالجة الوضع الإنساني البتة.
ومن خلال تقييم المساعدات للأعوام الثلاثة الأخيرة، نجد أن هذه المساعدات لم تحدث أثر إيجابي في هذا الحقل إلا بنسبة لا تتجاوز الـ 2بالمائة، والبقية استفادت منه جماعة الحوثي المسلحة بنسبة تفوق الـ 59 المائة ونسبة 25لمائة استفاد منها المنظمات والهيئات الدولية العاملة باليمن، ونسبة 1.5بالمائة استفاد منها منظمات مجتمع مدني يمنية ايضا تابعة لجماعة الحوثي المسلحة ونسبة 12.5بالمائة استفاد منها طرف الحكومة الشرعية..
والمنظمات والهيئات الدولية الإنسانية التي تلقت المساعدات المالية خلال الـ 3سنوات الماضية كانت تمارس عملها من صنعاء، ولذلك مكنت جماعة الحوثي المسلحة مما نسبته 59بالمائة من إجمالي المساعدات المالية التي تمت عبرها، ومن تلك المساعدات 100مليون دولار مساعدة عاجلة من جمهورية الصين و85مليون دولار من السويد و135مليون دولار من الصندوق الإنمائي للسكان التابع للأمم المتحدة و40مليون دولار من النرويج و60مليون دولار من هولندا و125مليون دولار من بريطانيا و60 مليون دولار من ألمانيا وغيرها من المبالغ التي وضعت تحت تصرف الحوثيين.. وفي المقابل سخرت المنظمات والهيئات الدولية ما نسبته25 بالمائة لصالحها، 1.5 بالمائة استفادت منه منظمات مجتمع مدني، و12.5بالمائة استفادت منه حكومة الشرعية فقط.