فارس كتالونيا الأخير.. 20 عاما من المرض والدموع والمجد

الثلاثاء 10 أغسطس 2021 21:00:00
"فارس كتالونيا الأخير".. 20 عاما من المرض والدموع والمجد

في خاتمة درامية لأحد أشهر قصص النجاح الكروي الخيالية والملهمة في العصر الحديث، ترك الأرجنتيني ليونيل ميسي مكانه في نادي برشلونة، متجها إلى باريس سان جيرمان، ليبدأ ما يظهر أنه خطة تقاعد، وليس مسيرة إنجازات أخرى.

مريض طموح 

القصة بدأت في مقاطعة صغيرة جنوب مدينة روساريو، حين كان الطفل الصغير يراوغ فرقا بأكملها بمفرده، وشاع وقتها أن يُلقب المهاريون بلقب الأسطورة الأرجنتينية "مارادونا"، لكن ما لم يعرفه الناس وقتها، أن هذا الطفل ضعيف البنية والمريض بمرض خطير، سيكتب تاريخا ربما فاق تاريخ مارادونا، لولا أن دييجو بالنسبة للأرجنتين أكبر من مجرد أسطورة كرة قدم.

في عامه الحادي عشر، وحين كان يلعب لنادي ريفربليت، اكتشف والدا ميسي أنه يعاني من نقص هرمونات النمو، ولم يتمكن النادي الأرجنتيني من تحمل علاجه البالغ 900 دولارا شهريا، ليراه كارلوس ريكساش، المدير الرياضي لنادي برشلونة، بعد أن سمع مبالغات من أقاربه عن موهبته، لكن مارآه فاق ما سمعه، وقرر التعاقد معه، وتحمل برشلونة تكاليف علاجه، وانتقل الليو وأسرته إلى كتالونيا عام 2000، ليبدأ فصلا تاريخيا في حياة ميسي، والنادي، والمدينة، وعالم كرة القدم.

أرقام ميسي

شارك ميسي مع فريق برشلونة الأول للمرة الأولى يوم 16 أكتوبر 2004، بعمر 17 سنة و114 يوما، تحت قيادة فرانك ريكارد، وعلى مدار 17 عاما تالية خاض ميسي مع برشلونة 778 مباراة بمختلف المسابقات، سجل خلالها 672 هدفا وصنع 305 أهداف، وتوج بالدوري 10 مناسبات، وكأس ملك إسبانيا 7 مرات، و7 سوبر إسباني، و4 دوري أبطال أوروبا و3 سوبر أوروبي و3 كأس العالم للأندية.

وحطم ميسي كل الأرقام القياسية المسجلة في برشلونة، فهو الأكثر تسجيلا للأهداف بتاريخ النادي، وصاحب أكبر عدد من الانتصارات مع البارسا، وأكبر عدد من الألقاب، وهو الوحيد بالعالم الأكثر تتويجا بجائزة "الكرة الذهبية" لأفضل لاعب 6 مرات، واكثر من سجل أهدافا في موسم واحد، بـ73 هدفا في 2011 - 2012، والأكثر تسجيلا في عام ميلادي واحد، بـ91 هدفا عام 2012، كما سجل 33 هدفا في 21 مباراة متتالية بدءا من الجولة الـ11 حتى الجولة الـ34 بموسم 2012 - 2013.

الكرة الذهبية

وفي 2009 - 2010 أصبح اللاعب الوحيد في التاريخ، الذي جمع بين جوائز الكرة الذهبية، التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" وجائزة أفضل لاعب في العالم، المقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وجائزة هداف الموسم بالدوري الإسباني، وجائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف بالدوريات الأوروبية، وهي المعادلة التي لم تتحقق حتى الآن إلّا بأرجل الأرجنتيني.

إضافة إلى كونه أكثر لاعبي "ليجا" تسجيلا للأهداف في البطولات الدولية برصيد 128 هدفا، بواقع 120 هدفا في دوري أبطال أوروبا و3 أهداف في مسابقة السوبر الأوروبي و5 أهداف في مونديال الأندية.

بطل شعبي

لا يعتبر ليونيل ميسي بالنسبة لبرشلونة مجرد لاعب كرة قدم أسطوري، رغم كل ما حققه من أرقام، لكن كان بمثابة بطل شعبي وقومي لإقليم كتالونيا، الذي كان يسعى للانفصال عن إسبانيا طوال تاريخه، ويعتبر برشلونة هو النادي الممثل للإقليم، بينما يعتبر الغريم التاريخي ريال مدريد، هو الممثل للملك الإسباني والحكم المركزي، حتى لُقب بالنادي الملكي.

وطوال مواجهات برشلونة وريال مدريد، لم ينظر إليها على أنها كرة قدم، بل هي صراع سياسي مغلف بصبغة كروية، صراع عصبية بين الإقليم وإسبانيا، وكل مرة كان ينتزع فيها ميسي انتصارا أمام الريال، كان يعتبر انتصارا شعبيا لكتالونيا كلها.

القصة شبيهة بما حدث بين الأرجنتين وإنجلترا عام 1986، حين نشب صراع عسكري بين الدولتين في ما يعرف بـ"حرب جزر فوكلاند"، انتصرت فيه إنجلترا انتصارا ساحقا، لكن مارادونا أطلق قذيفتين على منتخب إنجلترا في العام نفسه ليخرجه من كأس العالم، ويصبح انتصار أهم وأبقى من الانتصار العسكري، بخاصة أن إحدى الهدفين كان بيده، والثاني راوغ فيه جميع لاعبي إنجلترا بمن فيهم حارس المرمى.

وداع مفاجئ

استيقظت برشلونة فجأة على قرار النادي الكتالوني عدم التجديد لميسي، بسبب لوائح "ليجا" للعب النظيف، التي تضع سقفا للرواتب، رغم موافقة البرغوث على خفض راتبه، لكن النادي لم يتمكن من توفير بقية رواتب اللاعبين، لينتقل ميسي إلى باريس سان جيرمان، تاركا خلفه أمة كروية بالكامل فقدت بطلها الوحيد.