المغتربون .. كيف يساعدون مناطقهم في اليمن خلال رمضان؟
يُمثّل شهر رمضان المبارك مناسبة دينية عظيمة، يستغلها المسلمون لتعزيز قيم التراحم والتكافل والتعاون فيما بينهم، بل إنه يُمثّل – خلال سنوات الحرب – مناسبة أكثر لتكريس هذه القيم باعتبارها أساسًا متينًا ليتجاوز من خلاله المجتمع مشاكله المعيشية..
ويتعزز من خلالها تماسكه.. ويُعد المهاجرون والمغتربون اليمنيون في الخارج من أهم مَن يجسدون هذه القيمة من خلال ما يقدمونه من دعم لأبناء مناطقهم للتخفيف من معاناتهم الناجمة عن الحرب، وقبل ذلك أصبحت تحويلات المغتربين اليمنيين خلال الحرب، وفقاً لبيانات البنك الدولي، المصدر الأول لدعم ما تبقى من حياة اقتصادية في البلاد، وهو ما لا ننسى معه الإشارة الى ما مثلته تحويلات المغتربين خلال العقود الماضية باعتبارها من أهم مصادر دعم التنمية بالعملة الصعبة.
يأتي رمضان هذا العام والحرب في اليمن في عامها الرابع، حيث بلغت المعاناة الإنسانية مستوى مأساويًّا، أصبح معها أكثر من 70 بالمئة من السكان بحاجة ماسة للمساعدات، وأدى الصراع المتصاعد لتحويل اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية من صنع البشر، حيث يحتاج 22.2 مليون يمني، أي ثلاثة أرباع السكان، إلى مساعدات إنسانية، و11.3 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة .
وحسب المدير التنفيذي لمنظمة الغذاء العالمي لمكافحة الجوع في العالم «خوسيه غراتسيانو» فإن المجاعة طالت (17) مليون نسمة حتى آذار (مارس) من هذا العام، أي بزيادة 20% عن التقييم الذي حصل العام الماضي.. وتابع «(7) ملايين يمني هم في المرحلة الرابعة من المجاعة، والمرحلة الخامسة هي المرحلة الأخيرة حين يسقط الناس صرعى، مشيرًا إلى أن ثلاثة أرباع الجياع هم في المحافظات اليمنية الشمالية، وأردف قائلاً: إن «أسعار المواد الغذائية تتصاعد كثيرًا، كما أن الإنتاج الزراعي هبط العام الماضي إلى 40% عما كان عليه قبل شنّ التحالف العربي حربه في اليمن».
مبادرات المغتربين
من صور التكافل الاجتماعي التي يكرسها المغتربون فيما بينهم خلال شهر رمضان المبارك… ما يقدمه المهاجرون والمغتربون اليمنيون في الخارج لإخوانهم من أبناء مناطقهم في الداخل اليمني.. ويبرز في مقدمة هؤلاء المهاجرون والمغتربون اليمنيون في الولايات المتحدة؛ الذين يستشعرون مسؤولياتهم تجاه إخوانهم في الداخل في كل الظروف، بما فيها ظروف الحرب الراهنة، حيث يعمل المهاجرون والمغتربون في كل الولايات على دعم أهاليهم وإخوانهم وأبناء مناطقهم من خلال تنظيم عديد من المبادرات يخرج منها الدعم ليصل إلى الداخل… بما فيها مبادرات عدة ينظمها المهاجرون والمغتربون اليمنيون في ولاية «ميشيغان».
في هذا التقرير نحاول سرد بعض هذه المبادرات كنماذج (فقط) لعلاقة المهاجر والمغترب اليمني بأبناء وطنه في الداخل، بما في ذلك خلال شهر رمضان.
دعم الأسر في القرى
على صعيد دعم المهاجرين والمغتربين اليمنيين في أميركا للأسر في قرى مناطقهم.. يعمل عدد من المهاجرين والمغتربين على دعم عدد من الأسر في مناطقهم من خلال اعتماد مبالغ معينة لكل أسرة، ومن هؤلاء يقول محمد سنان إنه وأخوه جمال يقدمون سنويًّا دعمًا للأسر في قريتهم، حيث يعتمدون لكل أسرة مبلغًا معينًا في هذا الشهر الفضيل في قرية رحبان في مديرية بعدان.
ويضيف: كذلك نقوم بدعم أسر في مدينة إب، ونحفز الجميع للدعم كلّ في قريته ومدينته، وخاصة في شهر رمضان.
دعم الرياضيين
على صعيد العمل الرياضي، وفيما يتعلق بدعم الرياضيين من أبناء الجالية اليمنية في أميركا لدعم الرياضيين في اليمن.. يقول جمال التركي: بمبادرة من نجم المنتخبات الوطنية الدكتور إيهاب النزيلي، صاحب الهم الوطني والرياضي، انطلق مشروع التكريم السنوي لنجوم الكرة اليمنية بإقليم الجند – كمرحلة أولى – العام الماضي حبًّا ووفاءً لكوكبة من النجوم التي أعطت كل ما تملك في ميدان الإبداع الرياضي والأخلاقي.
وأضاف: فِي هذا المقام لا يسعنا إلا نزجي أصدق تعابير الشكر والعرفان لمن تجاوبوا مع المبادرة، فكانوا نجومًا في إقدامهم بما يمليه عليهم واجبهم الأخوي دون تردد، وهم د. إيهاب النزيلي، د. بليغ الكينعي، مرتضى عبيد، رشيد النزيلي، توفيق الجهيم، علي القرش، أحمد علوان.
واستطرد: وبذات الروح التي بدأت بها مبادرتنا المباركة يتجدد اللقاء، وقد انضمت إلينا كوكبة جديدة من الشباب الذين لا يمكن أن تبرح اليمن وجدانهم لنصنع فرحًا جديدًا مضمونه نجاحنا في إداء ما نعتبره حدًّا أدنى من الواجب؛ لهذا تتم حملة التبرعات لدعم الرياضيين سنويًّا، وخاصة في شهر رمضان».
دعم شهري وسلة رمضانية
ثمّة شكل آخر من أشكال الدعم الذي يقدمه المهاجرون والمغتربون اليمنيون في أميركا لأبناء مناطقهم في اليمن، ومن هذه النماذج الدعم الشهري الذي يقدّم للأسر في المُدن كالدعم الشهري المقدم من المغتربين والمهاجرين لمدينة ملاح في اليمن.. وفي هذا يقول جمال العزي، وهو أحد المهاجرين من أبناء مدينة رادع وأحد وجهاء المجتمع في ولاية «ميشيغان»: إن أبناء مدينة ملاح في رداع نظّموا أنفسهم ليس فقط في «ميشيغان» فقط، وإنما في ولايات أخرى أيضًا، من أجل المساهمة الشهرية لدعم أبناء مديريتهم، وإنهم يدعمون أكثر من (300) أسرة شهريًّا، وفي شهر رمضان يتم توزيع سلة غذائية، قيمتها (12) ألف ريال لك أسرة.
وأضاف: يتم تنظيم المسألة هنا من قِبل أحمد صالح جعواني، وجمال العزي، وحسن العزب في «كاليفورنيا»، ويتم توزيعها عن طريق والد أحمد الزبيدي.
ويقول جمال: إن جميع أبناء مديريته في أميركا متعاونون مع أبناء منطقتهم في ملاح.. معربًا عن الشكر لهم جميعًا.. مشيدًا بمواقفهم.
في الأخير:
ليست هذه سوى أمثلة لمجموعة من المبادرات والأنشطة التي ينفذها المهاجرون والمغتربون اليمنيون في كل الولايات؛ دعمًا لأبناء وطنهم، وبخاصة خلال ظروف الحرب الراهنة التي يستشعر المهاجرون المغتربون فيها التزاماتهم تجاه أزمة الناس هناك.. ونحرص من خلال تسليط الضوء على هذه المبادرات – الحث على مزيد من هذه المبادرات وتطويرها.